الموسوعة الفقهية

المبحث الخامس: أحكام الكُدْرة والصُّفرة


المطلب الأوَّل: الصُّفرةُ أو الكُدرة في أيَّامِ الحَيضِ
الكُدرة والصُّفرة في أيَّامِ الحَيضِ؛ حيضٌ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/202)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/39). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/536)، وينظر: ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (1/324). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/388)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/113). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/268)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/213). ، وحُكي فيه الإجماعُ قال ابن رجب: (دلَّ قول عائشة رَضِيَ اللهُ عنها هذا على أنَّ الصُّفرة والكُدرة في أيَّام الحيض؛ حيضٌ، وأنَّ مَن لها أيامٌ معتادةٌ تحيض فيها فرأتْ فيها صُفرةً أو كُدرة، فإنَّ ذلك يكون حيضًا معتبرًا. وهذا قول جمهور العلماء، حتَّى إنَّ منهم مَن نقلَه إجماعًا، منهم: عبد الرَّحمن بن مهْديٍّ، وإسحاق بن راهويه، ومرةً خصَّ إسحاق حكاية الإجماع بالصُّفرة دونَ الكُدرة). ((فتح الباري)) (2/125، 126). لكن يُضعِّف من حكاية الإجماع: ما رُوي من القولِ بأنَّ الصُّفرة والكُدرة ليستْ بحيضٍ مطلقًا، وأنَّها لغوٌ، وهذا مَذهَبُ ابنِ حزم الظاهريِّ، وهو قولٌ للمالكيَّة، ووجهٌ للحنابلة. ((المحلى)) لابن حزم (1/383)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/54)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/536)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/268).
الأدلَّة من الآثار:
1- عن أمِّ عطيَّةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: (كنَّا لا نعُدُّ الكُدرةَ والصُّفرةَ بعدَ الطُّهرِ شيئًا ) رواه البخاري (326) من غيرِ لفظةِ بعد الطُّهر، لكنَّه ترجم له بقوله: باب الصُّفرة والكُدرة في غير أيَّامِ الحَيضِ، ورواه أبو داود (307)، واللَّفظ له.
وجه الدَّلالة:
أنَّ مفهومَ الأثرِ يدلُّ على أنهنَّ كنَّ يعتبرْنَ الكُدرةَ والصفرةَ قبل الطُّهرِ حَيضًا ((نيل الأوطار)) للشوكاني (1/341).
2- قولُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها للنِّساءِ إذا أحضرنَ لها الكُرسُفَ- القُطن- لتراها هلْ طهُرَت المرأةُ أم لا؟ فتقول: (لا تعجلْنَ حتَّى ترينَ القَصَّةَ البَيضاء) تريدُ بذلك الطُّهرَ مِن الحيضةِ رواه البخاري معلَّقًا بصيغة الجزمِ قبل حديث (320)، ورواه موصولًا مالك في ((الموطأ)) (2/80) (189)، وعبدالرزاق في ((المصنف)) (1159)، والبيهقي (1650) والحديث صحَّحه النووي في ((الخلاصة)) (1/233) والألباني في ((إرواء الغليل)) (198).
وجه الدَّلالة:
أنَّها اعتَبَرت الكُدرةَ والصُّفرةَ في أيَّامِ الحَيضِ حيضًا، حتَّى ترى القَصَّةَ البيضاءَ.
المطلب الثَّاني: الصُّفرةُ أو الكُدرة في غير أيَّام الحيض 
الصُّفرةُ أو الكُدرة في غير أيَّامِ الحيضِ، ليست بحيض، وهذا مَذهَبُ الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/202)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/39). والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/268)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/213). ، وهو قولٌ للمالكيَّة ((الكافي)) لابن عبدالبر (1/186)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/536). ، وقولٌ للشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/388)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/399). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (القول الثَّالث- وهو الصَّحيح-: أنَّها إن كانت في العادةِ مع الدَّم الأسودِ والأحمر، فهي حيضٌ، وإلَّا فلا؛ لأنَّ النساءَ كنَّ يُرسلنَ إلى عائشةَ بالدِّرَجة فيها الكُرسُف، فتقول لهنَّ: لا تعجلْنَ حتَّى ترينَ القَصَّة البيضاء، وكذلك غيرها، فكنَّ يجعلْنَ ما قبل القَصَّة البيضاءِ حيضًا، وقالت أمُّ عطية: كنَّا لا نعُدُّ الصفرةَ والكدرة بعد الطُّهر شيئًا). ((مجموع الفتاوى)) (26/220). وقال أيضًا: (الكُدرة بعد الطُّهرِ لا يُلتفَتُ إليها). ((الاختيارات الفقهية)) (ص: 401). ، وابنُ باز قال ابن باز: (لو جاءت هذه الكُدرةُ أو الصُّفرة بعد الطُّهرِ مِن الحَيضِ، فإنَّها لا تعتبَرُ حيضًا، بل حُكمُها حُكم الاستحاضةِ). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/208). ، وابنُ عُثيمين قال ابن عثيمين: (فالصُّفرة والكُدرةُ إن كانت في زمنِ العادة، فحَيضٌ، وإن كانت في غيرِ زَمنِ العادة، فليست بحيض). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/270).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الآثار
 عن أمِّ عطيَّةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: (كنَّا لا نعُدُّ الكُدرةَ والصُّفرةَ بعد الطُّهر شيئًا ) رواه البخاري (326) من غيرِ لفظةِ (بعد الطُّهر)، لكنَّه ترجم له بقوله: بابُ الصُّفرة والكُدرة في غير أيَّام الحيض، ورواه أبو داود (307)، واللفظ له.
وجه الدلالة:
أنَّ الصُّفرةَ والكُدرةَ بعد الطُّهرِ ليستا من الحَيضِ، وأمَّا في وقتِ الحَيضِ فهما حيضٌ [3527] ((نيل الأوطار)) للشوكاني (1/341).
ثانيًا: أنَّ الكُدرةَ والصُّفرة إذا كانت في غيرِ أيَّام الحيض، فإنَّه ليس فيها أمارةٌ للحيضِ، فلا تكونُ حيضًا ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/400)، ((المجموع)) للنووي (2/388).

انظر أيضا: