الموسوعة الفقهية

المطلبُ الثَّاني: انتظارُ الرَّجُلِ مُدَّةَ العِدَّةِ في البائِنِ بَينونةً كُبرى


إذا كان الرَّجُلُ مُتزوِّجًا أربعًا فطَلَّق إحداهنَّ طلاقًا بائنًا، يجوزُ له أن يتزوَّجَ أخرى في عِدَّةِ الرَّابعةِ، ولا ينتَظِرُ انقِضاءَ عِدَّتِها، وأيضًا إذا طلَّق امرأةً طلاقًا بائنًا يجوزُ له أن يتزوَّجَ أُختَها، أو عَمَّتَها، أو خالتَها، أو بنتَ أخيها، أو بنتَ أُختها، ولا ينتَظِرُ انقِضاءَ عِدَّتِها، وهذا مَذهَبُ المالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والظَّاهِريَّةِ ،  وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ ، واختيارُ ابنِ المنذِرِ ، وابنِ عُثيمين
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكتابِ
 قَولُه تعالى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ النساء: 23.
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ تعالى في الآيةِ حَرَّم الجمعَ بينَ الأختينِ، فلو تزوَّج أختَ المبتوتةِ لم يكُنْ جامِعًا بينهما؛ لأنَّها ليست في نكاحٍ
ثانيًا: لأنَّ النِّكاحَ قد انقطعَ بينهما؛ فلا مُسَوِّغَ للمَنعِ

انظر أيضا:

  1. (1)      ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (2/593)، ((التاج والإكليل)) للمواق (3/465).
  2. (2)      ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/310)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/280)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/182).
  3. (3)      قال ابنُ حزم: (من كان عنده أربعُ زَوجاتٍ فطَلَّق إحداهنَّ ثلاثًا، وهي حاملٌ منه أو غيرُ حاملٍ، وقد وَطِئَها إذ كانت في عصمتِه، أو انفسَخَ نكاحُها منه: فله أن يتزوَّجَ إثرَ طلاقِه لها رابعةً، أو أختَها، أو عمَّتَها، أو خالتَها، أو بنتَ أخيها، أو بنتَ أُختها؛ ويدخُلَ بها، فأمَّا في الطلاقِ الرَّجعيِّ فلا يحِلُّ له ذلك ما دامت في عِدَّتِها. وقولُنا في هذا هو قولٌ رُوِيَ عن عثمانَ بنِ عفَّان، وزيدِ بنِ ثابتٍ، وصَحَّ عن الحَسَنِ، وسعيدِ بنِ المُسيِّبِ، وخلاسِ بنِ عَمرٍو، وعُروةَ بنِ الزُّبير، والقاسِمِ ابنِ مُحمَّدٍ، وعطَاءٍ، والزُّهريِّ، ويزيدَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ قسيطٍ، وعبد الله بن أبي سلمةَ، وربيعةَ، وابنِ أبي ليلى، وعُثمانَ البتِّيِّ، واللَّيثِ بنِ سَعدٍ، ومالكٍ، والشَّافعيِّ، وأصحابِهما، وأبي ثَورٍ، وأبي عُبيد، وأبي سُليمان، وأصحابِهـ). ((المحلى)) (9/159).
  4. (4)      قال ابنُ المُنذِرِ: (ومن قال: له أن يتزوَّجَ أختَها قبل أن تَنقضيَ عِدَّةُ المُطلَّقةِ: زيدُ بنُ ثابتٍ، وسعيدُ ابنُ المُسَيِّبِ، والحَسَنُ، والقاسِمُ بنُ مُحمَّدٍ، وعروةُ بنُ الزُّبيرِ، وابنُ أبي ليلى، والشَّافعيُّ، وأبو ثَورٍ، وأبو عُبيدٍ، ولا أحسَبُه إلَّا قولَ مالكٍ. وبه نَقولُ). ((الإشراف على مذاهب العلماء)) لابن المنذر (5/104). ويُنظر: ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (9/246)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (5/56).
  5. (5)      يُنظر: ((الإشراف على مذاهب العلماء)) لابن المنذر (5/104).
  6. (6)      قال ابن عثيمين: (قوله: «فإنْ طُلِّقَت وفرَغَت العِدَّةُ أُبِحْنَ» أي: أبيحت أختُ الزَّوجةِ، وعَمَّتُها، وخالتُها، ولكِنْ شَرطَ المؤلِّفُ أن تفرُغَ العِدَّةُ، فظاهرُه أنَّه ما دامت العدة باقيةً فهنَّ حرامٌ، سواءٌ كانت العِدَّةُ عِدَّةَ بينونةٍ أو لا، ولكنْ نعود إلى ما سبق: أنَّ الراجِحَ إذا كانت بينونةً كبرى فلا حرجَ؛ لأنَّه لا يمكِنُ الجمعُ بينهنَّ، أما البينونةُ الصغرى والرَّجعيةُ فلا يجوز أن يتزوجَ أختَ من كانت عِدَّتُها عدةَ بائنٍ بينونةً صغرى، أو رجعيَّةً). ((الشرح الممتع)) (12/133).
  7. (7)      ((المغني)) لابن قدامة (7/89).
  8. (8)      ((البناية شرح الهداية)) للعيني (5/56).