الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: حُكمُ عِدَّةِ المُطَلَّقةِ قَبلَ الوَطءِ وبَعدَ الخَلوةِ


تجِبُ العِدَّةُ إذا حَصَلت خَلوةٌ صَحيحةٌ بينَ الزَّوجينِ ولو بدونِ وَطءٍ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، والحَنابِلةِ ، والشَّافِعيِّ في القَديمِ ، وهو قَولُ جُمهورِ السَّلَفِ ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُه تعالى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ النساء: 21.
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ تعالى نَهى عن استِردادِ شَيءٍ مِنَ الصَّداقِ بعدَ الخَلوةِ؛ فإنَّ الإفضاءَ عِبارةٌ عن الخَلوةِ، ومنه يُسَمَّى المكانُ الخالي فَضاءً
ثانيًا: لأنَّ الحُكمَ عُلِّقَ هاهنا على الخَلوةِ التي هي مَظِنَّةُ الإصابةِ دونَ حَقيقتِها؛ ولهذا لو خلا بها فأتَت بوَلَدٍ لِمُدَّةِ الحَملِ، لَحِقَه نَسَبُه وإنْ لم يَطَأْ

انظر أيضا:

  1. (1)      ((المبسوط)) للسرخسي (5/133)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/144).
  2. (2)      عند المالِكيَّة: لا تجِبُ العِدَّةُ بخَلوةِ صَبيٍّ، ولو قَوِيَ على الوَطءِ. ((مختصر خليل)) (ص: 130)، ((منح الجليل)) لعليش (4/296).
  3. (3)      ((الفروع)) لابن مفلح (9/273)، ((الإنصاف)) للمرداوي (9/198).
  4. (4)      ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/232)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (4/41).
  5. (5)      قال ابنُ قدامة: (رُوِيَ ذلك [أي: وجوبُ العِدَّةِ عليها إذا خلا بها] عن الخُلَفاءِ الراشدين، وزيد، وابن عمر. وبه قال عروة، وعلي بن الحسين، وعطاء، والزهري، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، والشافعي في قديمِ قَولَيهـ). ((المغني)) (8/99).
  6. (6)      قال الكاساني -في مسألةِ تخييرِ الزَّوجِ زَوجتَه في الطَّلاقِ إذا حكَمَ القاضي بتَطليقِها-: (لها المهرُ كامِلًا، وعليها العِدَّةُ بالإجماعِ، إن كان الزَّوج قد خلا بها، وإن كان لم يخْلُ بها فلا عِدَّةَ عليها). ((بدائع الصنائع)) (2/326). وقال ابنُ قدامة: (إنَّ العِدَّةَ تجِبُ على كلِّ مَن خلا بها زَوجُها، وإن لم يمَسَّها... ولنا إجماعُ الصَّحابةِ، روى الإمامُ أحمد والأثرمُ بإسنادهما عن زرارة بن أوفى، قال: قضى الخلفاءُ الرَّاشِدونَ أنَّ مَن أرخى سِترًا، أو أغلقَ بابًا: فقد وجَبَ المَهرُ، ووجَبَت العِدَّةُ. ورواه الأثرمُ أيضًا عن الأحنف، عن عمر وعلي، وعن سعيد بن المسيب، عن عمر وزيد بن ثابت. وهذه قضايا اشتَهَرت فلم تُنكَرْ؛ فصارت إجماعًا). ((المغني)) (8/99).
  7. (7)      ((المبسوط)) للسرخسي (5/133).
  8. (8)      ((المغني)) لابن قدامة (8/99).