الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّاني: الاستِمتاعُ بغيرِ الوَطءِ قَبلَ الكفَّارةِ


اختلف العُلَماءُ في استِمتاعِ المُظاهِرِ بزَوجتِه بغَيرِ الوَطءِ قبلَ الكفَّارةِ؛ على قَولَينِ:القول الأول: يَحرُمُ على المُظاهِرِ الاستِمتاعُ بالزَّوجةِ التي ظاهَرَ منها بغيرِ الوَطءِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ -في قَولِ الأكثَرِ- ، والحَنابِلةِ ، وهو قَولٌ للشَّافعيَّةِ
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُه تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا المجادلة: 3، 4.
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ أخَفَّ ما يقَعُ عليه اسمُ المَسِّ هو اللَّمسُ باليَدِ؛ إذ هو حقيقةٌ لهما جميعًا -يعني: الجِماعَ، واللَّمسَ باليَدِ-؛ لوُجودِ معنى المسِّ باليَدِ فيهما
ثانيًا: لأنَّ الاستِمتاعَ داعٍ إلى الجِماعِ، فإذا حَرُمَ الجِماعُ حَرُمَ الدَّاعي إليه ؛ إذ الأصلُ أنَّ سَبَبَ الحَرامِ حَرامٌ القول الثاني: يجوزُ استِمتاعُ المُظاهِرِ بالزَّوجةِ التي ظاهَرَ منها بغيرِ الوَطءِ، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّة -في الأظهَرِ- ، وهو قَولٌ للمالِكيَّةِ ، ورِوايةٌ عن أحمدَ ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ ، واختاره ابنُ عُثيمين
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُه تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا المجادلة: 3، 4.
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ التَّمَاسَّ مَحمولٌ على الجِماعِ، كقَولِه تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ البقرة: 237
ثانيًا: أنَّ اللهَ تعالى حَرَّم التَّماسَّ -وهو الجِماعُ- فأباح ما سِواه بالمفهومِ




انظر أيضا:

  1. (1)      ((الهداية)) للمرغيناني (4/374)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/3).
  2. (2)      ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (2/445)، ((منح الجليل)) لعليش (4/238).
  3. (3)      ((الإنصاف)) للمرداوي (9/148)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/374).
  4. (4)      ((روضة الطالبين)) للنووي (8/269).
  5. (5)      ((بدائع الصنائع)) للكاساني (3/234). ويُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/3).
  6. (6)      ((بدائع الصنائع)) للكاساني (3/234).
  7. (7)      ((الهداية)) للمرغيناني (4/374).
  8. (8)      ((روضة الطالبين)) للنووي (8/269)، ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 246).
  9. (9)      ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (2/445)، ((منح الجليل)) لعليش (4/238).
  10. (10)      ((المبدع)) لابن مفلح (8/37)، ((الإنصاف)) للمرداوي (9/148).
  11. (11)      قال ابنُ المنذر: (كان سفيانُ الثوري يقولُ في المُظاهِرِ: لا بأسَ أن يُقَبِّلَ ويباشِرَ ويأتيَها في غيرِ الفَرجِ ما لم يُكَفِّرْ؛ إنَّما نُهِيَ عن الجِماعِ. وقال أحمد، وإسحاق في القُبلةِ والمُباشَرةِ: نرجو ألَّا يكونَ به بأسٌ. ورخَّص في القُبلةِ والمباشَرةِ: الوليدُ بن مسلم). ((الأوسط)) (9/339). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (8/12).
  12. (12)      قال ابنُ عثيمين: (قال بعضُ أهلِ العِلمِ: إنَّ دواعيَ الجِماعِ لا تَحرُمُ؛ لأنَّ الله تعالى قال: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا، وعلى هذا فيَجوزُ له أن يُقَبِّلَها، ويَضُمَّها، ويخلوَ بها، ويكَرِّرَ نظَرَه إليها، إلَّا إذا كان لا يأمَنُ على نفسِه، فحينئذٍ تكونُ له فتوى خاصَّةٌ بالمنعِ، وإلَّا فالأصلُ الجوازُ، وهذا القَولُ أصَحُّ). ((الشرح الممتع)) (13/249).
  13. (13)      ((روضة الطالبين)) للنووي (8/269).
  14. (14)      ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (13/249).