الموسوعة الفقهية

المَطلبُ الخامس: الجِماعُ في الدُّبُرِ


يَحرُمُ وَطءُ المرأةِ في دُبُرِها، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1491]   ((مختصر اختلاف العلماء)) للطحاوي (2/343)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/220). ، والمالِكيَّةِ [1492]   ((الكافي)) لابن عبد البر (2/563)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/24). ، والشَّافِعيَّةِ [1493]   ((روضة الطالبين)) للنووي (7/204). ، والحَنابِلةِ [1494]   ((الإقناع)) للحجاوي (3/240)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/188). ، وحُكِيَ فيه الإجماعُ [1495]   قال الطبري: (وفي إجماعِ الجَميعِ على أنَّ الله تعالى ذِكرُه لم يُطلِقْ في حال الحَيضِ من إتيانِهنَّ في أدبارِهن شَيئًا حَرَّمه في حالِ الطُّهرِ، ولا حَرَّم من ذلك في حالِ الطُّهرِ شَيئًا أحَلَّه في حالِ الحَيضِ). ((تفسير الطبري)) (4/393). وقال النووي: (واتفَق العُلَماءُ الذين يُعتَدُّ بهم، على تحريمِ وَطءِ المرأةِ في دُبُرِها حائِضًا كانت أو طاهِرًا؛ لأحاديثَ كثيرة مشهورة). ((شرح النووي على مسلم)) (10/6). وقال العيني: (وقد انعقد الإجماعُ على تحريمِ إتيان المرأةِ في الدُّبُرِ، وإن كان فيه خلافٌ قديمٌ، فقد انقطع). ((البناية شرح الهداية)) (6/308). لكن قال الماوردي: (اعلَمْ أنَّ مذهَبَ الشافعيِّ وما عليه الصَّحابةُ وجمهورُ التابعين والفقهاءِ: أنَّ وطءَ النساء في أدبارِهنَّ حَرامٌ. وحُكِيَ عن نافع، وابن أبي مليكة، وزيد بن أسلم: أنه مباح، ورواه نافع عن ابن عمر، واختلفت الروايةُ فيه عن مالك، فروى عنه أهل المغربِ أنه أباحَه في كتاب السيرة. وقال أبو مصعب: سألتُه عنه فأباحه). ((الحاوي الكبير)) (9/317).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال تعالى: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة: 223]
وَجهُ الدَّلالةِ:
الحَرْثُ هو مَوضِعُ الولَدِ؛ فإنَّ الحَرثَ محَلُّ الغَرسِ والزَّرعِ [1496]   ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (3/103).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ يهودَ كانت تقولُ: إذا أُتِيَت المرأةُ مِن دُبُرِها في قُبُلِها، ثمَّ حَمَلت، كان ولَدُها أحوَلَ. قال: فأُنزِلَت: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)) وفي روايةٍ: ((إن شاء مُجَبِّيةً [1497]   مُجَبِّية: أي: مُنْكَبَّة على وَجهِها كهيئةِ السَّاجِدةِ. يُنظر: ((غريب الحديث)) لابن الجوزي (1/137)، ((النهاية)) لابن الأثير (1/238). ، وإن شاء غيرَ مُجَبِّيةٍ، غيرَ أنَّ ذلك في صِمامٍ واحِدٍ )) [1498]   أخرجه البخاري (4528) مختصرًا، ومسلم (1435) واللفظ له.
وَجهُ الدَّلالةِ:
قَولُه: ((غيرَ أنَّ ذلك في صِمامٍ واحِدٍ)) أي: ثُقبٍ واحدٍ، والمرادُ به القُبُلُ، وفي توقيفِ النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ إيَّاهم في وَطءِ امرأتِه على الفَرجِ: إعلامٌ منه أنَّ الدُّبُرَ بخِلافِ ذلك؛ لأنَّ تنصيصَه على الفَرجِ يُنافي دُخولَ الدُّبُرِ فيه [1499]   ((نخب الأفكار)) للعيني (10/440).
ثالثًا: إذا كان اللهُ تبارك وتعالى قد حرَّمَ الوَطءَ في الفَرجِ عند المحيضِ لأجلِ الأذى، فالدبُرُ أَولى بالتَّحريمِ؛ لأنَّه أعظَمُ أذًى [1500]   ((بحر المذهب)) للروياني (9/311).

انظر أيضا: