الموسوعة الفقهية

المبحث الأوَّل: مدَّة المسح للمقيم والمسافر


يَمسَحُ المقيمُ يومًا وليلة، والمسافرُ ثلاثةَ أيَّام بلياليهنَّ؛ وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/48)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/8). ، والشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/131)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/50). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/176)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/63) ، وهو روايةٌ عن مالك ((التمهيد)) لابن عبدِ البَرِّ (11/152)، ((حاشية العدوي)) (1/296) ، وقالت به طائفةٌ من السَّلَفِ قال به الثوريُّ، والأوزاعيُّ، والحسن بن حي، وداود، والطبريُّ. يُنظر: ((التمهيد)) لابن عبدِ البَرِّ (11/152). ، واختاره ابنُ حَزمٍ قال ابن حزم: (فكلُّ ما ذَكَرْنا إذا لُبِسَ على وضوء، جاز المسحُ عليه للمُقيمِ يومًا وليلةً، وللمسافِرِ ثلاثةَ أيَّام بلياليهنَّ). ((المحلى)) (1/321).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن شُرَيحِ بنِ هانئ قال: ((أتيتُ عائشةَ أسألُها عن المسح على الخفَّين، فقالت: عليكَ بابنِ أبي طالبٍ، فسلْه؛ فإنَّه كان يسافِرُ مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فسألْناه، فقال: جعَل رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثلاثةَ أيَّامٍ ولياليهنَّ للمسافِر، ويومًا وليلةً للمُقيم )) رواه مسلم (276).
2- عن صفوانَ بن عَسَّال رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأمُرنا إذا كنَّا على سفَرٍ أنْ لا ننزِعَ خِفافنا ثلاثةَ أيَّام وليالِيَهنَّ، إلَّا مِن جَنابةٍ، ولكِنْ مِن غائطٍ وبولٍ ونومٍ )) رواه الترمذي (96) واللفظ له، والنسائي (127)، وابن ماجه (478)، وأحمد (4/239) (18116). حسَّنه البخاريُّ كما في ((التلخيص الحبير)) (1/247) وقال الترمذي: حسنٌ صحيح، وقال البيهقيُّ: أصحُّ ما رُوي في التوقيتِ في المسح على الخفَّين، وقال ابن العربي في ((أحكام القرآن)) (2/49): ثابت، وصحَّحه النووي في ((المجموع)) (1/479)، وابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (3/9)، وابن باز في ((فتاوى نور على الدرب)) (5/203)، وحسَّنه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (1/83)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (504).
ثانيًا: من الآثار قال ابن حزم: (لا يصحُّ خلافُ التَّوقيتِ عن أحدٍ مِن الصَّحابة إلَّا عن ابنِ عُمَرَ فقط؛ فإنَّنا رُوِّينا من طريق هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: "أنَّه كان لا يوقِّتُ في المسح على الخفَّين شيئًا"، وهذا لا حُجَّة فيه؛ لأنَّ ابن عمر لم يكُن عنده المسحُ ولا عرَفَه، بل أنكَرَه حتى أعْلَمَه به سعدٌ بالكوفةِ، ثم أبوه بالمدينةِ في خِلافَتِه، فلم يكُن في عِلم المَسحِ كَغَيره، وعلى ذلك فقد رُوِيَ عنه التوقيتُ، رُوِّينا من طريق حمَّاد بن زيد عن محمَّد بن عُبَيد الله العرزميِّ، عن نافع، عن ابن عمر قال: "أين السَّائلونَ عن المَسحِ على الخفَّين؟ للمسافِرِ ثلاثًا، وللمُقيم يومًا وليلة"). ((المحلى)) (1/328).
1- عن أبي عُثمان النَّهْديِّ قال: (حضرتُ سعدًا وابنَ عُمَرَ يَختصمانِ إلى عمرَ في المَسحِ على الخفَّين؛ فقال عمر: يَمسَحُ عليهما إلى مِثل ساعَتِه مِن يَومِه ولَيلَتِه) رواه عبد الرزَّاق في ((المصنف)) (1/209). قال ابن حزم في ((المحلى)) (2/87): إسناده لا نظير له في الصحَّة والجلالة، وصحَّح إسنادَه على شرْط الشَّيخين الألبانيُّ في ((تمام النصح)) (91).
2- عن شُرَيحِ بنِ هانئ الحارثي قال: (سألتُ عليًّا عن المَسحِ، فقال: للمسافِرِ ثلاثًا، وللمقيم يومًا وليلة) أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (1904)، وذكره ابن حزم في ((المحلى)) (2/88). قال ابن حزم: إسناده في غاية الصحَّة.

انظر أيضا: