الموسوعة الفقهية

الفرع الأول: ذكاةُ المَرأةِ المُسلِمةِ


يَحِلُّ أكلُ ذَبيحةِ المرأةِ المُسلِمةِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [173] ((تبيين الحقائق للزيلعي مع حاشية الشلبي)) (5/287)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/191). ، والمالِكيَّةِ [174] ((التاج والإكليل)) للمواق (3/207)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (3/7). ، والشَّافِعيَّةِ [175] ((نهاية المحتاج)) للرملي (8/113)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (15/92)، ((حاشية البجيرمي)) (4/288). ، والحَنابِلةِ [176] ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/206)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/402). ، والظَّاهِريَّةِ [177] قال ابن حزم: (وتذكيةُ المرأةِ الحائِضِ وغيرِ الحائِضِ،...جائِزٌ أكلُها إذا ذَكَّوا وسَمَّوا على حَسَبِ طاقتِهم،... وهو قولُ أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأبي سُليمان). ((المحلى)) (6/142). ، وهو قَولُ جُمهورِ السَّلَفِ [178] قال ابنُ المنذِر: (وممَّن حَفِظْنا عنه ذلك: ابنُ عبَّاس، والشَّعبيُّ، وعطاءٌ، والحسَنُ البَصريُّ، ومجاهِدٌ، والنَّخعيُّ، ومالِكٌ، والثَّوريُّ، واللَّيثُ بنُ سعد، والحسَنُ بنُ صالح، والشافعيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثَور، والنُّعمان وأصحابُه). ((الإشراف على مذاهب العلماء)) (3/432). وقال ابنُ عبد البر: (وهذا كلُّه قَولُ مالكٍ، والشافعيِّ، وأبي حنيفةَ، وأصحابِهم، والثَّوريِّ، واللَّيثِ بنِ سَعدٍ، والحَسَنِ بن حيٍّ، وأحمَدَ، وإسحاقَ، وأبي ثورٍ، ورُوِيَ ذلك عن ابنِ عَبَّاسٍ، وجابرٍ، وعَطاءٍ، وطاوسٍ، ومجاهدٍ، والنَّخَعيِّ). ((التمهيد)) (16/128). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [179] قال ابن المنذر: (أجمع عوامُّ أهلِ العِلمِ الذين حَفِظْنا عنهم على إباحةِ أكلِ ذَبيحةِ الصَّبيِّ والمرأةِ إذا أطاقا الذَّبحَ، وأتيَا على ما يجِبُ أن يؤتَى عليه). ((الإشراف على مذاهب العلماء)) (3/432). وقال ابن قدامة: (وجملة ذلك أنَّ كُلَّ مَن أمكَنَه الذبحُ مِن المسلمينَ وأهلِ الكِتابِ، إذا ذبَحَ حَلَّ أكلُ ذَبيحتِه، رجلًا كان أو امرأةً، بالِغًا أو صبيًّا، حرًّا كان أو عبدًا؛ لا نعلم في هذا خلافًا). ((المغني)) (9/402). وقال النووي: (تحِلُّ ذبيحةُ المرأةِ بلا خلافٍ؛ لحديثِ كَعبِ بنِ مالكٍ المذكورِ في الكتابِ، وذَكاةُ الرجُلِ أفضَلُ مِن ذكاتِها؛ لِما ذكره المصَنِّفُ، وسواءٌ كانت المرأةُ حُرَّةً أو أَمَةً، طاهِرًا أو حائِضًا أو نُفَساءَ، مُسلِمةً أو كِتابيَّةً، فذبيحتُها في كلِّ هذه الأحوالِ حَلالٌ؛ نَصَّ عليه الشَّافعيُّ، واتَّفَقوا عليه). ((المجموع)) (9/76). وقال ابنُ القَطَّان: (وجائِزٌ ذَبيحةُ المرأةِ والعَبدِ والأَمَةِ بعمومِ الآيةِ، ولا نعلَمُ في ذلك خِلافًا). ((الإقناع في مسائل الإجماع)) (1/320). وقد خالف في هذا بعضُ المالكيَّةِ؛ قال ابنُ عبد البر: (وفي هذا الحديثِ مِن الفِقهِ إجازةُ ذبيحةِ المرأةِ، وعلى إجازة ذلك جمهورُ العُلَماءِ والفُقهاءِ بالحِجازِ والعراق، وقد رُوِيَ عن بعضِهم أنَّ ذلك لا يجوزُ منها إلَّا على حالِ الضَّرورةِ، وأكثَرُهم يجيزونَ ذلك وإن لم تكن ضرورةٌ، إذا أحسَنَتِ الذَّبحَ). ((التمهيد)) (16/128).
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
قَولُه تعالى: إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ [المائدة: 3]
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه خِطابٌ لكُلِّ مُسلِمٍ ومُسلِمةٍ [180] ((المحلى)) لابن حزم (6/142).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
1- ((أنَّ جاريةً لكَعبِ بنِ مالكٍ كانت ترعى غَنَمًا بسَلْعٍ [181] سَلْعٌ: جَبَلٌ في المدينةِ، يقَعُ غَربيَّ المسجِدِ النبويِّ على بُعدِ 500 متر أو أقَلَّ بعد توسعةِ المسجِدِ النبويِّ. ((المسالك في شرح موطأ مالك)) لابن العربي (5/231)، ((معجم المعالم الجغرافية)) (ص: 160). ، فأُصِيبَتْ شاةٌ منها، فأدرَكَتْها فذَكَّتْها بحَجَرٍ، فسأل النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: كُلُوها )) [182] أخرجه البخاري (5505).
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أقَرَّ ذَكاةَ المرأةِ [183] ((المغني)) لابن قدامة (9/402).
2- قَولُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسَلَّمَ: ((ما أنهَرَ الدَّمَ وذُكِرَ اسمُ اللهِ عليه، فكُلُوا ) [184] أخرجه البخاري (2488)، ومسلم (1968).
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ العِبرةَ بإسالةِ الدَّمِ وذِكرِ اللهِ، ولا فَرْقَ في هذا بينَ أن يكونَ المُذَكِّي رجُلًا أو امرأةً [185] ((فتاوى نور على الدرب)) لابن عثيمين (11/422).
ثالثًا: أنَّها تَعقِلُ التَّسميةَ وتَضبِطُها، وتَقدِرُ على الذَّبحِ، فأشبَهَت الرَّجُلَ [186] ((الاختيار لتعليل المختار)) للموصلي (5/10).

انظر أيضا: