الموسوعة الفقهية

الفرع الأول: لَحمُ الحِمارِ الوَحشيِّ


يُباحُ أكلُ لَحمِ الحِمارِ الوَحشيِّ.
الأدلَّة:
أولًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عَبدِ اللهِ بنِ أبي قَتادةَ السُّلَميِّ، عن أبيه رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كنتُ يومًا جالِسًا مع رِجالٍ مِن أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مَنزِلٍ، في طريقِ مَكَّةَ، ورَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نازِلٌ أمامَنا والقَومُ مُحرِمونَ، وأنا غَيرُ مُحرِمٍ، فأبصَروا حِمارًا وَحشِيًّا، وأنا مَشغولٌ أخصِفُ نَعلي، فلم يُؤذِنوني به، وأحَبُّوا لو أنِّي أبصَرْتُه، والتَفَتُّ فأبصَرْتُه فقُمتُ إلى الفَرَسِ، فأسرَجْتُه ثمَّ رَكِبتُ ونَسيتُ السَّوطَ والرُّمحَ، فقلتُ لهم: ناوِلوني السَّوطَ والرُّمحَ، فقالوا: لا واللهِ، لا نُعينُك عليه بشَيءٍ، فغَضِبتُ فنَزَلتُ فأخَذْتُهما، ثمَّ رَكِبتُ فشَدَدْتُ على الحِمارِ فعَقَرتُه، ثمَّ جِئتُ به وقد مات، فوقَعوا فيه يأكُلونَه، ثمَّ إنَّهم شَكُّوا في أكلِهم إيَّاه وهم حُرُمٌ، فرُحْنا وخَبَأتُ العَضُدَ معي، فأدرَكْنا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فسَألْناه عن ذلك، فقال: معكم منه شَيءٌ؟ فقلتُ: نعم، فناوَلتُه العَضُدَ، فأكَلَها حتى نَفَّدَها، وهو مُحرِمٌ ))
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ- صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لَمَّا ناوَلَه أبو قَتادةَ العَضُدَ أكَلَها، وهو مُحرِمٌ حتى تعَرَّقَها، وهذا يدُلُّ على إباحتِها
2- عن الصَّعبِ بنِ جَثَّامةَ رضي الله عنه: ((أنَّه أهدى إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حِمارًا وَحشِيًّا وهو بالأبواءِ- أو بِوَدَّانَ- فرَدَّه عليه، فلمَّا رأى ما في وَجهِه قال: إنَّا لم نَرُدَّه عليك إلَّا أنَّا حُرُمٌ ))
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه رَدَّه عليه لأنَّه كان مُحرِمًا، وظَنَّ أنَّه صِيدَ لأجلِه، والمُحرِمُ لا يأكُلُ ما صِيدَ لأجْلِه، أو أنَّ الحِمارَ كانَ لا يَزالُ حَيًّا، ولو كان غَيرَ مُحرِمٍ لَقَبِلَه
3- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((نهى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن لُحومِ الحُمُرِ الأهليَّةِ يَومَ خَيبَرَ ))
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه قَيَّدَ النَّهيَ بالحُمُرِ الأهليَّةِ، فيُؤخَذُ مِنَ التَّقييدِ بها جوازُ أكلِ الحُمُر الوَحشيَّةِ ؛ لأنَّه إذا نهى عن شيءٍ يَجمَعُ صِنفَينِ، فقد أباح ما يَخرُجُ عن صِنفِه
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقَلَ الإجماعَ على ذلك: النَّوويُّ ، وابنُ قُدامةَ ، والعَينيُّ ،  والصَّنعانيُّ ، والشَّوكانيُّ

انظر أيضا:

  1. (1) حَيَوانُ البَرِّ: هو الذي لا يعيشُ إلَّا في البَرِّ يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/79)  
  2. (2) حِمارُ الوَحشِ: هو حَيَوانٌ بريٌّ مِن ذوات الحوافِرِ، مُخطَّطُ الجِلدِ، مِن فَصيلةِ الخَيلِ، يَعيشُ في البَرِّ، يستوحِشُ النَّاسَ يُنظر: ((العين)) للخليل بن أحمد (3/262)، ((معجم اللغة العربية المعاصرة)) لأحمد مختار عمر (3/2413)  
  3. (3) أخرجه البخاري (2570)، واللفظ له، ومسلم (1196).
  4. (4) ((الإشراف على مذاهب العُلَماء)) لابن المنذر (8/161)، ((الإعلام بفوائد عمدة الأحكام)) لابن الملقن (10/92).
  5. (5) أخرجه البخاري (1825)، واللفظ له، ومسلم (1193).
  6. (6) ((الاستذكار)) لابن عبد البر (4/136)، ((إحكام الأحكام)) لابن دقيق العيد (2/101).
  7. (7) أخرجه البخاري (5521)، واللفظ له، ومسلم (561).
  8. (8) ((الأم)) للشافعي (2/275)، ((إحكام الأحكام)) لابن دقيق العيد (2/176)، ((فتح الباري)) لابن حجر (9/654)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (8/129).
  9. (9) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (15/142).
  10. (10) قال النووي: (دوابُّ الوَحشِ يَحِلُّ منها الظِّباءُ والبَقَرُ، والحُمُر والضَّبُعُ؛ لِما ذكَرَه المصنِّفُ، وهذا كلُّه متَّفَقٌ عليهـ). ((المجموع)) (9/9).
  11. (11) قال ابنُ قدامة: (ومِنَ الصُّيودِ: الظِّباءُ، وحُمُرُ الوحش... وكذلك بَقَرُ الوحشِ: كلُّها مباحةٌ... وهذا كلُّه مُجمَعٌ عليه، لا نعلَمُ فيه خِلافًا إلَّا ما يُروى عن طلحةَ بنِ مُصَرِّف؛ قال: إنَّ الحمارَ الوَحشيَّ إذا أنِسَ واعتَلَف، فهو بمنزلةِ الأهليِّ). ((المغني)) (9/411).
  12. (12) قال العيني: (قُيِّدَ بالأهليَّةِ؛ لأنَّ في الحُمُر الوحشيةِ لا خلافَ لأحدٍ في إباحتِها). ((البناية)) (11/589).
  13. (13) قال الصنعاني: (وفي هذا دَلالةٌ على أنه يَحِلُّ أكلُ لَحمِه، وهو إجماعٌ، وفيه خِلافٌ شاذٌّ أنَّه إذا عُلِف وأنِسَ صار كالأهليِّ). (سبل السلام)) (4/78).
  14. (14) قال الشوكاني: (وأما الحُمُر الوحشيَّةُ فالإجماعُ على حِلِّها ثابِتٌ). ((السيل الجرار)) (726).
  15. (15) الأتانُ: الأُنثى مِنَ الحميرِ يُنظر: ((المصباح المنير)) للفيومي (1/3)