الموسوعة الفقهية

المطلب الثَّالِثُ: التَّداوي بأدوِيَةٍ مُشتَمِلةٍ على مَوادَّ مُخَدِّرةٍ


يجوزُ التَّداوي بأدوِيةٍ مُشتَمِلةٍ على موادَّ مُخَدِّرةٍ؛ للحاجةِ [242] ما لم تكنْ مُسكِرةً، ونصَحَ بها طبيبٌ مَوثوقٌ به. ، وهو قَولُ ابنِ باز [243] قال ابن باز: (الأدويةُ التي يحصُلُ بها راحةٌ للمريضِ وتَخفيفٌ للآلامِ عنه، لا حرج فيها ولا بأس بها قبل العمليَّةِ وبعد العمليةِ، إلَّا إذا عُلِمَ أنَّها مِن شَيءٍ يُسكِرُ كَثيرُه، فلا تُستعمَلُ؛ لقولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ما أسكر كثيرُه، فقليلُه حَرامٌ))، أما إذا كانت لا تُسكِرُ ولا يُسكِرُ كَثيرُها، ولكنْ يحصُلُ بها بعضُ التخفيفِ والتَّخديرِ لتَخفيفِ الآلام، فلا حرجَ في ذلك). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (6/18). ، وابنِ عُثيمين [244] أجاب ابنُ عُثيمين على سؤالِ مَريضةٍ بصَرَعٍ أوصى لها الطبيبُ بدواءٍ مُخَدِّر، بقَولِه: (هذا الدواءُ الذي أشارت إليه إذا كان نافِعًا لها في تخفيفِ صَرعتِها وإزالتِها، فإنَّه لا بأس به، وهذه الموادُّ المخَدِّرة إذا أعطت الجِسمَ استرخاءً، فإنما ذلك لمصلحتِه وليس لمضَرَّتِه، فإذا قالوا- أيِ الأطباءُ- إنَّ هذا أنفَعُ لها وإنَّه لا يضُرُّ على جسمِها في المستقبلِ؛ فإنَّه لا بأس به ولا حرجَ، وهذه الكميَّةُ البسيطةُ التي توجَدُ فيه من أشياءَ مخَدِّرةٍ هي لا تبُلُغ درجةَ التخدير حَسَبَ كلامها، وإنما فيها استرخاءُ الجسم وامتدادُه، وهذا لا يوجِبُ التحريمَ، لا سيَّما وأنَّ فيه المصلحةَ التي تربو على هذه المفسَدةِ، لكن إن خُشِيَ في المستقبل أن يكون سببًا لانهيارِ الجسمِ، فحينئذ تُمنَعُ وتُنصَحُ بأن تصبِرَ على ما أصابها، واللهُ تبارك وتعالى يُثيبُ الصَّابرينَ). ((فتاوى نور على الدرب)) (6/25). ، وبه أفتت اللَّجنةُ الدَّائِمةُ [245] جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: (لا يجوزُ التَّداوي بما حَرَّم اللهُ؛ من أفيون أو حشيشة، أو خمر، أو نحو ذلك مِن مُخَدِّر أو مُسكِر، ووضْعُ نسبةٍ مِن ذلك في الدواءِ لا يجوزُ، لكِنْ إن وُضِعَت فيه ولم تَصِلْ بالدواء إلى درجةِ أن يُسكِرَ كَثيرُه، جاز التداوي به؛ لعَدَمِ تأثُّرِ ما أضيفَ إليه منها، فكأنَّه كالعَدَمِ). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (25/22). ، ودارُ الإفتاءِ المِصريَّةُ [246] جاء في فتاوى دار الإفتاء: (فإذا كان الدواءُ المُخَدِّرُ الذى تتعاطاه السيدةُ المَسؤولُ عنها لا بديلَ له من الأدويةِ التى تخلو من المخدِّراتِ أو المُحَرَّماتِ عمومًا- جاز لها أن تتناوَلَه ما دام قد نصحَ الطبيبُ المُسلِمُ الموثوقُ بدينِه وعِلمِه بنَفعِه لها، وانعدم بديلُه). ((فتاوى دار الإفتاء المصرية)) (10/3582).
 وذلك للآتي:
أوَّلًا: للمَصلَحةِ المترتِّبةِ عليه؛ مِن التداوي، وتخفيفِ الآلامِ، وغَيرِ ذلك [247] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (6/18)، ((فتاوى نور على الدرب)) لابن عثيمين (6/25).
ثانيًا: لأنَّها لا تُسَبِّبُ الإسكارَ، فكان ما أُضيفَ إلى الدَّواءِ منها كالعَدَمِ [248] ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (25/22).

انظر أيضا: