الموسوعة الفقهية

المبحث الأوَّل: مَن شكَّ في نجاسةِ ماءٍ أو طهارَتِه


مَن شكَّ في نجاسة ماءٍ أو طَهارَتِه، فإنَّه يبني على الأصلِ؛ فإذا تيقَّنَ طهارةَ الماءِ وشكَّ في نجاسَتِه، جاز استخدامُه؛ إذِ الأصلُ بقاؤه على الطَّهارة، وإن تيقَّنَ نجاسَتَه وشكَّ في طهارَتِه، فلا يَستعمِله؛ إذِ الأصلُ بقاؤُه على النَّجاسةِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ، والمالكيَّة ، والشافعيَّة ، والحنابلة
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن عبدِ اللهِ بنِ زَيدٍ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((شُكِيَ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الرجُلُ يُخيَّلُ إليه أنَّه يجِدُ الشَّيءَ في الصَّلاةِ، قال: لا ينصَرفْ، حتى يسمَعَ صوتًا، أو يجِدَ ريِحًا ))
وجه الدَّلالة:
أنَّ استصحابَ الأصلِ، والبناءَ على اليقين؛ أصلٌ يُعتمَدُ عليه، ما لم يترجَّحْ شيءٌ آخرُ بخلافِه
ثانيًا: القياسُ يَقتضي أنَّ الشيءَ متى شُكَّ في حُكمِه رُدَّ إلى أصلِه، والأصلُ في الماءِ الطَّهارة، ولا يزول بالشكِّ، وإن تيقَّنَ نجاسَتَه وشكَّ في طهارَتِه فهو نجِسٌ؛ لأنَّه الأصلُ واليقينُ، وتطهُّرُه مشكوكٌ فيه

انظر أيضا:

  1. (1) يُطلِق الفُقهاءُ الشَّك: بمعنى التردُّدِ بين وجود الشيء وعَدَمِه، سواء كان الطرفان في التردُّدِ سواءً، أو كان أحدهما راجحًا. أمَّا أصحاب الأصول: ففرَّقوا بينهما، فقالوا: التردُّد بين الطرفين إنْ كان على السَّواء فهو الشكُّ، وإلَّا فالراجِحُ ظنٌّ، والمرجوح وهمٌ. ((المجموع)) للنووي (1/168، 169).
  2. (2) ((المبسوط)) للسرخسي (1/105) وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/73). لكن قد يقدِّمُ الحنفيَّةُ الطَّاهِرَ لقرينةٍ. انظر: ((المبسوط)) (1/83).
  3. (3) ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (1/246)، وينظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/361).
  4. (4) ((المجموع)) للنووي (1/167)، ((روضة الطالبين)) للنووي (1/77).
  5. (5) ((الفروع)) لابن مفلح (1/93)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/46).
  6. (6) قال النووي: (هذا الحديثُ أصلٌ من أصول الإسلام، وقاعدةٌ عظيمةٌ من قواعِدِ الفِقهِ؛ وهي أنَّ الأشياءَ يُحكَم ببقائها على أصولِها حتى يُتَيَقَّنَ خلافُ ذلك، ولا يضرُّ الشكُّ الطارئُ عليها) ((شرح النووي على مسلم)) (4/49)، ((المجموع)) (1/168).
  7. (7) رواه البخاري (137)، ومسلم (361) واللفظ له.
  8. (8) ((شرح النووي على مسلم)) (4/49).
  9. (9) ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (1/74)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/46، 47).
  10. (10) صورته: أن تكون هناك أوانٍ فيها ماءٌ طَهورٌ، وأوانٍ فيها ماءٌ نَجِسٌ، فاختلطت عليه الأواني فلم يميِّزِ الماءَ الطَّهورَ من الماء النَّجِس، ويُتصوَّر الاشتباهُ عند من يُنجِّسُ الماءَ القليلَ بمجرَّد الملاقاةِ ولو لم يتغيَّرْ، ويُتصوَّر أيضًا عند من لا ينجِّس الماءَ إلَّا بالتغيُّر كأن يختلِطَ بعضها بترابٍ نجسٍ، وبعضها بترابٍ طاهرٍ، واشتبهت عليه هذه من تلك ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (1/247)، ((حاشية الدسوقي)) (1/82) ومحل الخلاف: - إذا لم يكنْ عنده ماءٌ طَهورٌ بيقينٍ - إذا لم يُمكِنْه تطهيرُ أحدهما بالآخر يُنظر: ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (1/249)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/64)