الموسوعة الفقهية

المبحث الثَّاني: مُقَدِّماتُ الجِماعِ


المطلب الأوَّل: حُكْمُ مباشَرةِ النِّساءِ في النُّسُكِ
تَحْرُمُ مُباشَرةُ النِّساءِ في النُّسُكِ ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفقهية الأربَعةِ : الحَنَفيَّة ، والمالِكيَّة ، والشَّافعيَّة ، والحَنابِلة
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
 قَولُه تعالى: فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة: 197]
والرَّفَثُ فَسَّرَه غيرُ واحدٍ مِنَ السَّلَفِ، وبعضُ أهلِ العِلمِ بالجِماعِ ومُقَدِّماتِه
ثانيًا: أنَّه إذا حَرُم عليه عَقْدُ النِّكاحِ، فَلَأنْ تَحْرُمَ المباشرةُ- وهي أدعى إلى الوَطْءِ- أَوْلَى
المطلب الثَّاني: حُكْمُ المباشَرةِ بدونِ وَطْءٍ
مُباشَرةُ النِّساءِ مِن غيرِ وطءٍ لا تُفْسِدُ النُّسُكَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ، والمالِكيَّة ، والشَّافعيَّة ، والحَنابِلة
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ فسادَ النُّسُكِ تعلَّقَ بالجماعِ، ودواعي الجماعِ ليست مثلَ الجِماعِ، فلا تلحَقُ به
ثانيًا: أنَّه استمتاعٌ مَحْضٌ، فلم يُفْسِدِ الحَجَّ، كالطِّيبِ
المطلب الثَّالث: فِدْيةُ مَن باشَرَ فلم يُنْزِلْ
مَن باشَرَ ولم يُنْزِلْ فعليه دمٌ، أو بَدَلُه مِنَ الإطعامِ أو الصِّيامِ، وهذا مذهَبُ الشَّافعيَّة ، والحَنابِلة ، وقالت به طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ وهو اختيارُ ابنِ عُثيمين
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّه استمتاعٌ محْضٌ، عَرِيَ عن الإنزالِ، فوَجَبَتْ فيه الفِدْيةُ، كالطِّيبِ
ثانيًا: أنَّه فِعلٌ مُحَرَّمٌ في الإحرامِ، فوجبت فيه الكفَّارةُ، كالجماعِ
المطلب الرابع: حُكْمُ مَن باشَرَ فأنزَلَ
مَنْ باشَرَ فأنزَلَ لم يَفْسُدْ نُسُكُه، وعليه فِدْيةُ الأذى: دمٌ، أو بَدَلُه مِنَ الإطعامِ أو الصِّيامِ، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة ، والشَّافعيَّة ، واختاره ابنُ عُثيمين
عَدَمُ فَسادِ النُّسُكِ للآتي:
أوَّلًا: أنَّه إنزالٌ بغيِر وَطءٍ، فلم يَفْسُدْ به الحَجُّ، كالنَّظَرِ
ثانيًا: لأنَّه لا نصَّ فيه ولا إجماعَ، ولا يصِحُّ قياسُه على المنصوصِ عليه؛ لأنَّ الوَطْءَ في الفَرْجِ يجب بنَوْعِه الحَدُّ، ولا يفتَرِقُ الحالُ فيه بين الإنزالِ وعَدَمِه، بخلافِ المباشرة
ثالثًا: لأنَّه استمتاعٌ لا يجِبُ بنوعه الحَدُّ، فلم يُفْسِدِ الحجَّ، كما لو لم يُنْزِلْ
وجوبُ فِدْيةِ الأذى (الدَّمُ، أو الإطعامُ، أو الصِّيامُ) على مَن باشر فأنزَلَ؛ للآتي:
أوَّلًا: أنَّه استمتاعٌ لا يُفْسِدُ النُّسُكَ، فكانت كفَّارتُه فِدْيةَ الأذى، كالطِّيبِ
ثانيًا: أنَّه فِعْلٌ مُحَرَّمٌ في الإحرامِ، فوجبت فيه الكفَّارة، كالجماعِ

انظر أيضا:

  1. (1) مُباشَرةُ النِّساءِ مُلامَسَتُهنَّ مِمَّا هو دون الجِماعِ. قال ابنُ منظورٍ: (المباشرةُ الملامسةُ، وأصْلُه مِن لَمْسِ بَشَرةِ الرَّجُلِ بَشَرةِ المرأةِ) ((لسان العرب)) (4/61)
  2. (2) ((المجموع)) للنووي (7/291)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/162).
  3. (3) قال الشنقيطي: (اعلَمْ أنهم متَّفقونَ على مُقَدِّماتِ الجماعِ، كالقُبلة، والمفاخَذةِ، واللَّمس بقَصْد اللَّذَّة؛ حرامٌ على المُحْرِم، ولكنَّهم اختلفوا فيما يَلْزَمُه لو فعل شيئًا من ذلك) ((أضواء البيان)) (5/30).
  4. (4) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/16).
  5. (5) ((الكافي)) لابن عَبْدِ البَرِّ (1/396).
  6. (6) ((المجموع)) للنووي (7/291، 292).
  7. (7) ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/449)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/340).
  8. (8) قال ابنُ نجيم: (الجِماعُ فيما دون الفَرْجِ من جملةِ الرَّفَث، فكان منهيًّا عنه بسبَبِ الإحرامِ، وبالإقدامِ عليه يصيرُ مرتكبًا محظورَ إحرامِه) ((البحر الرائق)) (3/16). وقال الشنقيطي: (الأظهرُ في معنى الرَّفَث في الآيةِ أنَّه شامل لأمرين: أحدُهما: مباشرةُ النِّساءِ بالجِماع ومُقَدِّماته. والثَّاني: الكلامُ بذلك، كأن يقولَ المُحْرِم لامرأتِه: إنْ أَحْلَلْنا من إحرامِنا فَعَلْنا كذا وكذا، ومِن إطلاق الرَّفَث على مباشرةِ المرأةِ كجماعها قولُه تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ **البقرة: 187 فالمراد بالرَّفَث في الآية: المباشرةُ بالجماعِ ومُقَدِّماته) ((أضواء البيان)) (5/13). وقال شمس الدين ابن قُدامة: (كلُّ ما فُسِّرَ به الرَّفَثُ ينبغي للمُحْرِمِ أن يجتَنِبَه) ((الشرح الكبير)) (3/328، 329).
  9. (9) ((المجموع)) للنووي (7/291)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/447).
  10. (10) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/16).
  11. (11) ((الشرح الكبير)) للدردير و((حاشية الدسوقي)) (2/68).
  12. (12) ((المجموع)) للنووي (7/291).
  13. (13) ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/447).
  14. (14) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/16).
  15. (15) ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/447).
  16. (16) ((المجموع)) للنووي (7/291، 292).
  17. (17) ((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 371، 377)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/340).
  18. (18) ذكر شمس الدين ابن قُدامة أنَّ مَن باشر ولم يُنْزِل فعليه شاةٌ في الصحيحِ، وذكره عن سعيد بن المسيب، وعطاء، وابن سيرين، والزهري، وقتادة، ومالك، والثوري، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي. ((الشرح الكبير)) (3/340).
  19. (19) قال ابنُ عثيمين: (فإن باشَرَ ولم يُنْزِلْ بل أمذى، أو كان له شهوةٌ، ولكن لم يُمْذِ، ولم يُنْزِلْ؛ فليس عليه بَدَنةٌ، بل عليه فِدْية أذًى... فالصحيح أنَّ المباشَرة لا تجب فيها البَدَنةُ، بل فيها ما في بقيَّة المحظوراتِ) ((الشرح الممتع)) (7/162).
  20. (20) ((المجموع)) للنووي (7/291)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/340).
  21. (21) ((المجموع)) للنووي (7/291).
  22. (22) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/16).
  23. (23) ((المجموع)) للنووي (7/291، 292).
  24. (24) قال ابنُ عثيمين: (قلنا: الدَّليلُ القياسُ على الجِماع؛ لأنَّها فِعْلٌ مُوجِبٌ للغُسْلِ مع الإنزال، فأوجب الفِدْية كالجِماعِ، وليس فيها نصٌّ ولا أقوالٌ للصحابة. لكنَّ هذا القياس ضعيفٌ؛ لأنَّه كيف يُقاسُ فَرْعٌ على أصلٍ يخالِفُه في أكثَرِ الأحكامِ؛ فالمباشرةُ مع الإنزالِ لا توافِقُ الجماعَ إلَّا في مسألة واحدةٍ وهي وجوبُ الغُسْلِ، فلا توافِقُه في فسادِ النُّسُك، ولا في وجوبِ قضائِه، ولا في فسادِ الصِّيامِ- على قولِ بعضِ أهلِ العِلْمِ- وحينئذ يقال: ما السببُ في أنَّك ألحَقْتَها به في هذا الحُكْمِ، مع أنَّها تخالِفُه في أحكام أخرى، فلماذا لا تَجْعَلُها مخالِفةً له في هذا الحُكْمِ كما خالَفَتْه في الأحكامِ الأخرى؟! فالصحيحُ أنَّ المباشَرةُ لا تجِبُ فيها البَدَنةُ، بل فيها ما في بقيَّة المحظوراتِ). ((الشرح الممتع)) (7/163).
  25. (25) ((المغني)) لابن قُدامة (3/ 311).
  26. (26) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3 / 323).
  27. (27) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3 / 322).
  28. (28) ((المجموع)) للنووي (7/410).
  29. (29) ((المجموع)) للنووي (7/291).