الموسوعة الفقهية

المبحث الأول: آدابٌ تتعَلَّقُ بالإفطارِ


المطلب الأول: تعجيلُ الفِطرِ
يُسَنُّ للصَّائِمِ تعجيلُ الفِطرِ، إذا تحقَّقَ مِن غروبِ الشَّمسِ
الأدِلَّة:
أوَّلًا: منَ السُّنَّة
1- عن سَهلِ بنِ سَعدٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يزالُ النَّاسُ بخيرٍ ما عَجَّلوا الفِطرَ ))
2- وعن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يزالُ الدِّينُ ظاهرًا ما عَجَّلَ النَّاسُ الفِطرَ؛ لأنَّ اليَهودَ والنَّصارى يُؤَخِّرونَ ))
ثانيًا: من الإجماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رُشدٍ ، وابنُ دقيق العيد ، وابنُ مُفلح ، والمَرداويُّ
فرع: حُكمُ الفِطرِ بغَلَبةِ الظَّنِّ
يجوزُ الفِطرُ إذا غلب على ظنِّه أنَّ الشَّمسَ قد غرَبَت، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ، والمالكيَّة ، والشَّافعيَّة ، والحَنابِلة
الأدلة:
أولًا: منَ السُّنَّة
عن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قالت: ((أفطَرْنا على عهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ غيمٍ ثم طَلَعتِ الشَّمسُ ))
وجهُ الدَّلالة:
أنَّ الصَّحابةَ أفطَروا بناءً على اجتهادٍ منهم؛ حيث غلَبَ على ظَنِّهِم أنَّ الشَّمسَ قد غَرَبَت وكانوا في يومِ غيمٍ، مع أنَّها في نَفسِ الأمرِ لم تَغرُبْ ولم يُنكَرْ عليهم ما فَعَلوه مِنَ العَمَلِ بالظَّنِّ الغالِبِ
ثانيًا: أنَّه لا يوجَدُ يَقينٌ أزال ذلك الظَّنَّ الذي بنى عليه، فأشبَهَ ما لو صلَّى بالاجتهادِ، ثمَّ شَكَّ في الإصابةِ بعد صلاتِه
المطلب الثَّاني: ما يُقالُ عند الإفطارِ
يُسَنُّ أن يُقالَ عند الإفطارِ: ذهَبَ الظَّمَأُ، وابتلَّتِ العروقُ، وثَبَتَ الأجرُ إن شاءَ اللهُ.
فعن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أفطَرَ قال: ((ذهَبَ الظَّمأُ وابتلَّتِ العُروقُ وثَبَتَ الأجرُ إن شاءَ اللهُ))

انظر أيضا:

  1. (1) استحبَّ الجمهورُ الإفطارَ على رُطَبٍ، فإنْ لم يوجَد فتَمْرٌ، فإنْ لم يوجَدْ فَعَلى ماءٍ.
  2. (2) رواه البخاري (1957)، ومسلم (1098).
  3. (3) رواه أبو داود (2353)، وابن ماجه (1698)، وأحمد (2/450) (9809)، وابن خزيمة (3/275)، وابن حبان (8/273) (3503)، والحاكم (1/596). قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (6/359)، وحسنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).
  4. (4) قال ابنُ رشد: (وأجمعوا على أنَّ مِن سُنَنِ الصَّوم: تأخيرَ السُّحورِ، وتَعجيلَ الفِطر). ((بداية المجتهد)) (1/307).
  5. (5) قال ابنُ دقيق العيد: (تعجيلُ الفِطر بعد تيقُّن الغُروبِ: مُستحبٌّ باتِّفاقٍ). ((إحكام الأحكام)) (1/281).
  6. (6) قال ابنُ مفلح: (يُسنُّ تعجيلُ الإفطارِ إذا تحقَّقَ غُروبُ الشَّمسِ"ع" [إجماع]، وتأخيرُ السُّحور "ع" [إجماع] ما لم يَخشَ طلوعَ الفجر). ((الفروع وتصحيح الفروع)) (5/30).
  7. (7) قال المَرداويُّ: (أحدهما: قوله: "ويُستحبُّ تعجيلُ الإفطارِ"، إجماعًا، يعني: إذا تحقَّقَ غروب الشَّمسِ. الثاني: قوله: "ويُستحَبُّ تأخيرُ السُّحورِ". إجماعًا). ((الإنصاف)) (3/234). ونسب ابنُ قُدامةَ استحبابَ تعجيلِ الفِطرِ إلى أكثَرِ أهلِ العِلمِ، فقال: (وهو قَولُ أكثَرِ أهلِ العِلم؛ لِمَا رَوى سَهلُ بنُ سَعدٍ الساعديُّ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تزالُ أمَّتي بخيرٍ ما عجَّلوا الفِطرَ)) متفق عليهـ). ((المغني)) (3/174)، وهذا يُشعِر بالخِلافِ، لكنَّه لم يذكُر مَن خالفَ الإجماعَ، فالله أعلم.
  8. (8) ((حاشية ابن عابدين)) (2/407).
  9. (9) ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/443)، وينظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/702).
  10. (10) ((المجموع)) للنووي (6/307).
  11. (11) ((الإنصاف)) للمرداوي (3/220).
  12. (12) رواه البخاري (1959).
  13. (13) ينظر: تعليق ابن عُثيمين على حقيقة الصيام. ((الموقع الرسمي للشيخ ابن عُثيمين)).
  14. (14) ((المغني)) لابن قدامة (3/148).
  15. (15) قال الطيبي: (قوله: (ثبت الأجرُ) بعد قوله (ذَهَبَ الظَّمَأ) استبشارٌ منه؛ لأنَّه مَن فاز ببُغيَتِه ونال مَطلوبَه بعد التَّعَب والنَّصَب، وأراد اللَّذَّةَ بما أدركَه، ذكر له تلك المشقَّة، ومن ثم حَمِدَ أهلُ الجنَّة في الجنَّة). يُنظر: ((فيض القدير للمناوي)) (5/136). وقال القاري: (وابتلَّتِ العُروق) أي: بزوالِ اليُبوسة الحاصلةِ بالعَطَش... وقال: (ثبت الأجر) أي زال التَّعَب وحصل الثَّوابُ) ((مرقاة المفاتيح)) (4/474).
  16. (16) رواه أبو داود (2357)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (2/255)، والدارقطني في ((السنن)) (2279)، والحاكم (1/584)، قال الحاكم في ((المستدرك)): صحيح على شرط الشيخين، وحسن إسناده الدارقطني في ((السنن)) (2/401)، وابن باز في ((حاشية بلوغ المرام)) (407)، وحسن الحديث ابن حجر في ((الفتوحات الربانية)) (4/339)، والألباني في ((صحيح أبي داود)) (2357)