الموسوعة الفقهية

المبحث الأوَّل: حُكم زكاة الزُّروع والثِّمار


تجِبُ زكاةُ الزُّروعِ والثِّمارِ، إذا توفَّرَتْ شُروطُهما.
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
1- قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ [البقرة: 267]
وجه الدَّلالة:
أنَّه سبحانه أمَرَ عبادَه المؤمنينَ بإنفاقِ الصَّدقاتِ ممَّا أُخرِجَ مِنَ الأرضِ، والثِّمارُ خارِجةٌ منها
2- قولُه تعالى: كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام: 141]
وجه الدَّلالة:
أنَّ المرادَ بالحقِّ في الآيةِ عند عامَّةِ أهلِ التَّأويلِ، الزَّكاةُ المفروضةُ فيما تُنبِتُه الأرضُ؛ فإنَّه لا حقَّ فيما أخرَجَتْه الأرضُ غَيرُها
ثانيًا: من السُّنَّة
1- عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ليس فيما دونَ خَمسِ أواقٍ صَدَقةٌ، وليس فيما دونَ خَمسِ ذَودٍ صَدقةٌ، وليس فيما دونَ خَمسِ أوسُقٍ صدقةٌ))
وجه الدَّلالة:
أنَّ مفهومَ الحَديثِ يدلُّ على أنَّه إذا بلغ خمسةَ أوسُقٍ، كان فيه الزَّكاةُ
2- عن عبد الله بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((فيما سقتِ السماءُ والأنهارُ والعيونُ أو كان عَثَريًّا ، العُشْرُ، وما سُقِي بالنَّضْحِ، نِصفُ العُشرِ ))
3- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه سَمِعَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((فيما سَقَتِ الأنهارُ والغَيمُ، العُشورُ، وفيما سُقِيَ بالسَّانيةِ نِصفُ العُشرِ ))
وجه الدَّلالة من هذه النصوص:
أنَّ ((ما)) في قوله عليه الصَّلاةُ والسَّلام: (فيما سَقَت)، وقوله: (وفيما سُقِيَ) مِن صِيَغِ العمومِ، فتجِبُ الزَّكاةُ في كلِّ ما يخرُجُ مِنَ الأرضِ مِن غَيرِ قَيدٍ
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقَل الإجماعَ على وجوبِ زكاةِ الزُّروعِ والثِّمار في الجملة: الماوَرْديُّ ، وابنُ حَزمٍ ، والكاسانيُّ ، والنوويُّ
رابعًا: أنَّ إخراجَ زكاة الزُّروعِ والثِّمار إلى الفَقيرِ مِن بابِ شُكرِ النِّعمةِ، وإقدارِ العاجِزِ وتقويتِه على القيامِ بالفرائِضِ، ومن بابِ تطهيرِ النَّفسِ عن الذُّنوبِ وتزكيتِها، وكلُّ ذلك لازِمٌ عقلًا وشَرعًا

انظر أيضا:

  1. (1) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/209)، ((تفسير القرطبي)) (3/321)، ((تفسير ابن كثير)) (1/697).
  2. (2) ((تفسير ابن كثير)) (3/348)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (1/494)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/53)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/381).
  3. (3) الأوسُقُ: جمعُ وَسْقٍ، وأصله في اللُّغة الحِمْلُ، والمراد بالوَسْقِ سِتُّونَ صاعًا، كلُّ صاعٍ خَمسةُ أرطالٍ وثُلُثٌ بالبغدادي. ((المصباح المنير في غريب الشرح الكبير)) للفيومي (2/660)، ((شرح النووي على مسلم)) (7/49).
  4. (4) رواه البخاري (1405)، ومسلم (979)
  5. (5) قال النووي في حديث: ((ليس فيما دونَ خمسةِ أوسُقٍ صدقةٌ)) : (في هذا الحديث فائدتان: إحداهما: وجوبُ الزَّكاةِ في هذه المحدوداتِ، الثانية: أنَّه لا زكاةَ فيما دون ذلك). ((شرح النووي على مسلم)) (7/49). وقال: (أجمع العلماءُ مِنَ الصَّحابة والتابعين ومَن بعدَهم على وجوب الزَّكاة في التَّمرِ والزَّبيب). ((المجموع)) (5/451).
  6. (6) العَثري: هو مِنَ النَّخيلِ، الذي يشرَبُ بعروقِه مِن ماءِ المَطَرِ يجتمِعُ في حَفيرةٍ، وقيل: هو العِذْيُ. وقيل: هو ما يُسقى سَيحًا. والأول أشهَرُ. ((النهاية)) لابن الأثير (3/182).
  7. (7) رواه البخاريُّ (1483).
  8. (8) رواه مسلم (981).
  9. (9) ((البناية شرح الهداية)) للعيني (3/420)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/253)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/209).
  10. (10) قال الماوَرْدي: (الأصل في وجوبِ الزَّكاة في الثِّمارِ الكتاب والسُّنة والإجماع...وأجمع المسلمونَ على وجوبِها، وإنِ اختلفوا في قدْرِ ما يجب فيهـ). ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/209).
  11. (11) قال ابنُ حزم: (وجبت الزَّكاةُ فيما زاد على خمسةِ أوسُقٍ، بنصِّ قولِ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وبالإجماعِ المتيقَّنِ على ذلك). ((المحلى)) (4/24).
  12. (12) قال الكاسانيُّ في زكاة الزروع والثمار: (الدَّليلُ على فرضِيَّتِه الكتابُ والسُّنة والإجماع والمعقول...وأمَّا الإجماعُ فلأنَّ الأمَّة أجمعَتْ على فرضِيَّةِ العُشرِ). ((بدائع الصنائع)) (2/53، 54).
  13. (13) قال النوويُّ في حديث: ((ليس فيما دون خَمسةِ أوسُقٍ صَدَقةٌ)): (في هذا الحديث فائدتان: إحداهما: وجوبُ الزَّكاةِ في هذه المحدودات، الثانية: أنَّه لا زكاة فيما دون ذلك، ولا خلاف بين المسلمين في هاتين إلَّا ما قال أبو حنيفةَ وبعض السَّلف: أنَّه تجِبُ الزَّكاة في قليل الحَبِّ وكثيرِه، وهذا مذهَبٌ باطِلٌ مُنابِذٌ لصريحِ الأحاديث الصَّحيحة). ((شرح النووي على مسلم)) (7/49). وقال: (أجمع العلماء من الصَّحابة والتابعين ومَن بعدَهم على وجوبِ الزَّكاة في التَّمرِ والزَّبيبِ). ((المجموع)) (5/451).
  14. (14) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/54).