الموسوعة الفقهية

المطلب الثاني: صلاةُ الكُسوفِ في أوقاتِ النَّهي


اختَلفَ أهلُ العِلمِ في صلاةِ الكُسوفِ في أوقاتِ النَّهيِ عن الصَّلاة على قولينِ:
القول الأوّل: تُشرَعُ صلاةُ الكسوفِ في كلِّ وقتٍ، ولو في أوقاتِ النهي عن الصَّلاة، وهذا مذهب الشافعيَّة ، وقول للمالكيَّة ، ورواية عن أحمد ، واختاره ابنُ تَيميَّة ، وابن باز ، وابن عثيمين ، وذلك لأنَّ صلاةَ الكسوفِ تفوتُ ، وللأدلَّة الواردة في جوازِ صلاةِ ذواتِ الأسبابِ في أوقاتِ النَّهي
 القول الثاني: لا تُصلَّى صلاةُ الكُسوفِ في وقتِ النَّهي، وهذا مذهبُ الجمهورِ : الحَنَفيَّة ، والمالِكيَّة ، والحَنابِلَة
الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عن صَلاتينِ: نَهَى عن الصَّلاةِ بَعدَ الفجرِ حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ، وبعدَ العصرِ حتى تَغرُبَ الشَّمسُ ))
2- عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا صَلاةَ بَعدَ صلاةِ العَصرِ حتَّى تَغرُبَ الشَّمسُ، ولا صلاةَ بَعدَ صلاةِ الفَجرِ حتَّى تَطلُعَ الشَّمسُ ))
3- عن عُقبةَ بنِ عامرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((ثلاثُ ساعاتٍ كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَنهانَا أنْ نُصلِّيَ فيهنَّ، أو أنْ نَقبُرَ فيهنَّ موتانا: حين تطلُعُ الشَّمسُ بازغةً حتى تَرتفعَ، وحين يقومُ قائمُ الظهيرة حتى تَميلَ الشمسُ، وحين تَضيَّفُ الشمسُ للغروبِ حتى تَغرُبَ ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ أحاديثَ النَّهي عامَّةٌ، تشمل حتَّى صلاةَ الكسوفِ

انظر أيضا:

  1. (1) ((المجموع)) للنووي (4/170)، ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (1/442).
  2. (2) ((حاشية الدسوقي)) (1/403)، ((التاج والإكليل)) للمواق (2/202)، وينظر: ((المنتقى))‏ للباجي (1/329).
  3. (3) ((المغني)) لابن قدامة (2/318).
  4. (4) قال ابنُ تيميَّة: (الرِّواية الثانية: جوازُ جميع ذوات الأسباب، وهي اختيار أبي الخطاب، وهذا مذهبُ الشافعي، وهو الرَّاجح) ((مجموع الفتاوى)) (23/191).
  5. (5) قال ابنُ باز: (في المسألتين خلافٌ بين أهل العلم، والصَّواب جوازُ ذلك، بل شرعيَّته؛ لأنَّ صلاة الكسوف وتحيَّة المسجد من ذوات الأسباب، والصواب: شرعيتُها في وقتِ النهي بعد العصر وبعد الصُّبح، كبقية الأوقات؛ لعموم قوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ الشمس والقمر آيتانِ من آياتِ الله لا يَنخسفانِ لموت أحدٍ ولا لحياتِه؛ فإذا رأيتُم ذلك فصلُّوا، وادْعُوا، حتى ينكشفَ ما بكم)) متفق على صحته. ولقوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا دخَل أحدُكم المسجدَ، فلا يجلسْ حتى يُصلِّي ركعتين)) متفق على صحَّتهـ) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/42).
  6. (6) قال ابن عثيمين: (القولُ الراجح في هذه المسألة: أنَّ كلَّ صلاة لها سببٌ تُصلَّى حيث وُجِد سببُها، ولو في أوقات النَّهي) ((الشرح الممتع)) (5/192).
  7. (7) ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (1/442).
  8. (8) تُنظر الأدلَّة في موضعها من باب صلاة التطوع.
  9. (9) قال ابنُ قدامة: (وإذا كان الكسوفُ في غيرِ وقت الصَّلاة، جَعَل مكان الصلاة تسبيحًا، هذا ظاهر المذهب؛ لأنَّ النافلة لا تُفعل في أوقات النَّهي، سواء كان لها سببٌ أو لم يكُن، رُوي ذلك عن الحسن، وعطاء، وعِكرمة بن خالد، وابن أبي مُلَيكة، وعمرو بن شُعيب، وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، ومالك، وأبي حنيفة، خلافًا للشَّافعي. وقد مضَى الكلامُ في هذا، ونصَّ عليه أحمد) ((المغني)) (2/317).
  10. (10) ((الفتاوى الهندية)) (1/153)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/282).
  11. (11) ((التاج والإكليل)) للمواق (2/202)، وينظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/213).
  12. (12) ((كشاف القناع)) للبُهوتي (2/64)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/317).
  13. (13) رواه البخاري (584)، ومسلم (825)
  14. (14) رواه البخاري (586)، ومسلم (827).
  15. (15) رواه مسلم (831)
  16. (16) ((كشاف القناع)) للبُهوتي (2/64).