الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: حُكمُ الرَّضخِ


الرَّضخُ حَقٌّ يَستَحِقُّه المَرضوخُ له [206] كالنِّساءِ والصِّبيانِ والعَبيدِ وأهلِ الذِّمَّةِ إذا حَضَروا القِتالَ. يُنظر: ((روضة الطالبين)) للنووي (6/371)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 256)، ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (1/475)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/86،87). ، ويُعطى بحَسَبِ نَفعِه [207] يَجوزُ التَّفضيلُ والتَّفاوُتُ بَينَ مُستَحِقِّي الرَّضخِ. ((روضة الطالبين)) (6/371). ويُنظر: ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (5/ 501)، ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلج (3/ 332). ، باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ [208] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 256(. ، والمالِكيَّةِ [209] ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 192)، ((منح الجليل)) لعليش (3/ 189). ، والشَّافِعيَّةِ -على المشهورِ- [210] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (7/ 351)، ((روضة الطالبين)) للنووي (6/370).     ، والحَنابِلةِ [211] ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/278)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/86). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَن نَجدةَ أنَّه كَتَبَ إلى ابنِ عَبَّاسٍ يَسألُه عَن خَمسِ خِلالٍ، فقال ابنُ عَبَّاسٍ: ((لَولا أن أكتُمَ عِلمًا ما كَتَبتُ إليه، كَتَبَ إليه نَجدةُ: أمَّا بَعدُ، فأخبِرْني هَل كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَغزو بالنِّساءِ؟ وهَل كان يَضرِبُ لَهنَّ بسَهمٍ؟ وهَل كان يَقتُلُ الصِّبيانَ؟ ومَتى يَنقَضي يُتمُ اليَتيمِ؟ وعَنِ الخُمسِ لمَن هو؟ فكَتَبَ إليه ابنُ عَبَّاسٍ: كَتَبتَ تَسألُني هَل كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَغزو بالنِّساءِ؟ وقد كان يَغزو بهنَّ، فيُداوينَ الجَرحى، ويُحذَينَ مِنَ الغَنيمةِ، وأمَّا بسَهمٍ فلَم يَضرِب لَهنَّ...)) [212] أخرجه مسلم (1812).    .
وفي رِوايةٍ: كَتَبَ نَجدةُ الحَروريُّ إلى ابنِ عَبَّاسٍ يَسألُه عَنِ النِّساءِ: هَل كُنَّ يَشهَدنَ الحَربَ مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهَل كان يُضرَبُ لَهنَّ بسَهمٍ؟ قال: فأنا كَتَبتُ كِتابَ ابنِ عَبَّاسٍ إلى نَجدةَ: ((قد كُنَّ يَحضُرنَ الحَربَ مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأمَّا أن يُضرَبَ لَهنَّ بسَهمٍ فلا، وقد كان يُرضَخُ لَهنَّ)) [213] أخرجها أبو داود (2728) واللفظ له، وأحمد (3299) مطولًا. صَحَّحها الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2728)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (2728)، وصَحَّح إسنادَها أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (5/102). .
2 – عَن عُمَيرٍ مَولى آبي اللَّحمِ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ((شَهِدتُ خَيبَرَ مَعَ سادَتي، فكَلَّموا فيَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكَلَّموه أنِّي مَملوكٌ، قال: فأمَرَ بي، فقُلِّدتُ السَّيفَ، فإذا أنا أجُرُّه، فأمَرَ لي بشَيءٍ مِن خُرْثيِّ المَتاعِ، وعَرَضتُ عليه رُقيةً كُنتُ أرقي بها المَجانينَ، فأمَرَني بطَرحِ بَعضِها، وحَبسِ بَعضِها)) [214] أخرجه من طرق: أبو داود (2730)، والترمذي (1557) واللفظ له، وأحمد (21941) مِن حَديثِ عُمَيرٍ مَولى آبي اللَّحمِ رَضيَ اللهُ عنه. قال التِّرمِذيُّ: حَسَنٌ صَحيحٌ، وصَحَّحَه ابنُ حبان في ((صحيحهـ)) (4831)، وابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (2/38)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1557)، والوادعي على شرط مسلم في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1029)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (21941). .
ثانيًا: لأنَّ الجِهادَ عِبادةٌ، والذِّمِّيُّ ليس مِن أهلِها، والمَرأةُ والصَّبيُّ عاجِزانِ عنه؛ ولهذا لم يَلحَقْهما فرضُه، والعَبدُ لا يُمَكِّنُه مَولاه، وله مَنعُه؛ فلَم يَستَحِقُّوا السَّهمَ الكامِلَ، لَكِن يُرضَخُ لَهم على قدرِ ما يَراه الإمامُ؛ تَحريضًا لَهم على القِتالِ [215] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 256). .

انظر أيضا: