الموسوعة الفقهية

المطلب الثَّاني: حُكمُ العَولِ


يَقَعُ العَولُ في الميراثِ، ويَدخُلُ النَّقصُ على نَصيبِ كُلِّ وارِثٍ [290] إذا حَصَلَ العَولُ في مَسألةٍ فإنَّه يَنقُصُ مِن نَصيبِ كُلِّ وارِثٍ بقدرِ نِسبةِ ما عالَت به إلَيها بَعدَ العَولِ؛ فإذا عالَتِ السِّتَّةُ مَثَلًا إلى سَبعةٍ كانَ نَقصُ سَهمِ كُلِّ وارِثٍ سُبعًا؛ لأنَّها عالَت بواحِدٍ، ونِسبةُ الواحِدِ إلى السَّبعةِ سُبعٌ، وإذا عالَت إلى عَشَرةٍ كانَ نَقصُه الخُمُسَينِ؛ لأنَّها عالَت بأربَعةٍ، ونِسبةُ الأربَعةِ إلى العَشَرةِ خُمُسانِ. ((تسهيل الفرائض)) لابن عثيمين (ص: 85، 86). ، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [291] ((المبسوط)) للسرخسي (29/ 139)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/244). ، والمالِكيَّةِ [292] ((الشرح الكبير)) للدردير (4/ 471)، ((منح الجليل)) لعليش (9/ 644). ، والشَّافِعيَّةِ [293] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/ 431)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/ 35). ، والحَنابِلةِ [294] ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (5/ 353)، ((الإنصاف)) للمرداوي (7/ 316).     ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [295] قال ابنُ حَزمٍ: (‌اتَّفَقوا ‌إذا ‌كَثُرَتِ ‌الفَرائِضُ فلَم يَحمِلْها المالُ أنَّ مَن له فرضٌ مُسَمًّى في مَوضِعٍ دونَ مَوضِعٍ لا بُدَّ أن يَنحَطَّ مِنَ الفَرضِ المُسَمَّى له في غَيرِ هذا المَوضِعِ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 107). وقال الماوَرديُّ: (وأمَّا العَولُ فهو زيادةُ الفُروضِ في التَّرِكةِ حَتَّى تَعجِزَ التَّرِكةُ عَن جَميعِها، فيَدخُلُ النَّقصُ على الفُروضِ بالحِصَصِ، ولا يُخَصُّ به ذَوو الفُروضِ مِن دونِ بَعضٍ، فهذا هو العَولُ، وبه قال جُمهورُ الصَّحابةِ، وأوَّلُ مَن حَكَمَ به عَن رَأيِ جَميعِهم عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنهـ). ((الحاوي الكبير)) (8/ 129). وقال البَغَويُّ: (‌اتَّفَقوا ‌عَلى ‌أنَّ ‌ولَدَ ‌الأبِ والأُمِّ، أو ولَدَ الأبِ، إذا كانوا إناثًا، يُعطى إلَيهنَّ فرضُهنَّ، وتُعالُ المَسألةُ). ((شرح السنة)) (8/338).  وقال ابنُ قُدامةَ: (وهذا قَولُ عامَّةِ الصَّحابةِ، ومَن تَبِعَهم مِنَ العُلَماءِ -رَضيَ اللهُ عنهم-، يُروى ذلك عَن عُمَرَ، وعَليٍّ، والعَبَّاسِ، وابنِ مَسعودٍ، وزَيدٍ. وبه قال مالِكٌ في أهلِ المَدينةِ، والثَّوريُّ، وأهلُ العِراقِ، والشَّافِعيُّ، وأصحابُه، وإسحاقُ، ونُعَيمُ بنُ حَمَّادٍ، وأبو ثَورٍ، وسائِرُ أهلِ العِلمِ، إلَّا ابنَ عَبَّاسٍ وطائِفةً شَذَّت يَقِلُّ عَدَدُها. نُقِلَ ذلك عَن مُحَمَّدِ بنِ الحَنَفيَّةِ، ومُحَمَّدِ بنِ عَليِّ بنِ الحُسَينِ، وعَطاءٍ، وداوُدَ؛ فإنَّهم قالوا: لا تَعولُ المَسائِلُ...، وتُرِكَ مَذهَبُه، ولا نَعلَمُ اليَومَ قائِلًا بمَذهَبِ ابنِ عَبَّاسٍ، ولا نَعلَمُ خِلافًا بَينَ فُقَهاءِ الأمصارِ في القَولِ بالعَولِ، بحَمدِ اللهِ ومَنِّهـ). ((المغني)) (6/282، 283). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الآثارِ
عَن عُبَيدِ اللهِ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ عُتبةَ بنِ مَسعودٍ، قال: (دَخَلتُ أنا وزُفَرُ بنُ أوسِ بنِ الحَدَثانِ على ابنِ عَبَّاسٍ بَعدَما ذَهَبَ بَصَرُه، فتَذاكَرنا فرائِضَ الميراثِ، فقال: تُرَونَ الذي أحصى رَملَ عالِجٍ عَدَدًا لم يُحصِ في مالٍ نِصفًا ونِصفًا وثُلُثًا! إذا ذَهَبَ نِصفٌ ونِصفٌ فأينَ مَوضِعُ الثُّلُثِ؟ فقال له زُفَرُ: يا أبا عَبَّاسٍ، مَن أوَّلُ مَن أعالَ الفَرائِضَ؟ قال: عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه، قال: ولمَ؟ قال: لَمَّا تَدافَعَت عليه ورَكِبَ بَعضُها بَعضًا، قال: واللهِ ما أدري كَيفَ أصنَعُ بكُم، واللهِ ما أدري أيَّكُم قدَّمَ اللهُ ولا أيَّكُم أخَّرَ! قال: وما أجِدُ في هذا المالِ شَيئًا أحسَنَ مِن أن أقسِمَه عليكُم بالحِصَصِ. ثُمَّ قال ابنُ عَبَّاسٍ: وايمُ اللهِ لَو قدَّمَ مَن قدَّمَ اللهُ وأخَّرَ مَن أخَّرَ اللهُ ما عالَت فريضةٌ. فقال له زُفَرُ: وأيَّهم قدَّمَ وأيَّهم أخَّرَ؟ فقال: كُلُّ فريضةٍ لا تَزولُ إلَّا إلى فريضةٍ فتلك التي قدَّمَ اللهُ، وتلك فريضةُ الزَّوجِ له النِّصفُ، فإن زالَ فإلى الرُّبعِ لا يَنقُصُ منه، والمَرأةُ لها الرُّبعُ، فإن زالَت عنه صارَت إلى الثُّمُنِ لا تَنقُصُ منه، والأخَواتُ لهنَّ الثُّلُثانِ، والواحِدةُ لها النِّصفُ، فإن دَخَلَ عليهنَّ البَناتُ كانَ لهنَّ ما بَقيَ، فهؤلاء الذينَ أخَّرَ اللهُ، فلَو أعطى مَن قدَّمَ اللهُ فريضَتَه كامِلةً، ثُمَّ قَسَمَ ما يَبقى بَينَ مَن أخَّرَ اللهُ بالحِصَصِ، ما عالَت فريضةٌ) [296] أخرجه الحاكم (7985) مختصرًا بنحوه، والبيهقي (12588) واللفظ له. صَحَّحَه الحاكِمُ على شَرطِ مُسلِمٍ، وحَسَّنَه ابنُ حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (123)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (6/145). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
ثانيًا: أنَّه جَمعٌ بَينَ أدِلَّةِ الفُروضِ، وإلَّا يَلزَمِ التَّرجيحُ مِن غَيرِ مُرَجِّحٍ [297] يُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (13/ 57). .
ثالثًا: قياسًا على الوصايا والدُّيونِ إذا تَزاحَمَت؛ فإنَّ النَّقصَ يَعُمُّها [298] يُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (13/ 57)، ((منح الجليل)) لعليش (9/ 644). .
أمثلة:
(1) توفِّيَت عَن زَوجٍ، وأُختٍ شَقيقةٍ، وأُختٍ لأُمٍّ، فنَصيبُهم على النَّحوِ الآتي:

(2) توفِّيَت عَن زَوجٍ، وأُمٍّ، وأُختٍ شَقيقةٍ، وأُختٍ لأُمٍّ، فنَصيبُهم على النَّحوِ الآتي:

(3) توفِّيَ عَن: زَوجةٍ، وأبٍ، وأُمٍّ، وبِنتَينِ، فنَصيبُهم على النَّحوِ الآتي:


انظر أيضا: