الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: تَوريثُ المرتَدِّ


المُرتَدُّ لا يَرِثُ مِن أحَدٍ [160] فلا يَرِثُ مِن مُسلِمٍ ولا مِن كافِرٍ ولا مِن مُرتَدٍّ. .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَن أُسامةَ بنِ زَيدٍ رَضيَ اللهُ عنهما، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((لا يَرِثُ المُسلِمُ الكافِرَ، ولا يَرِثُ الكافِرُ المُسلِمَ)) [161] أخرجه البخاري (6764)، ومسلم (1614) واللفظ له. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
الحَديثُ صَريحٌ في مَنعِ تَوارُثِ الكافِرِ مِنَ المُسلِمِ، والمُرتَدُّ كافِرٌ [162] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (10/81)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (3/ 149).           .
ثانيًا: من الإجماعِ
نَقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ قُدامةَ [163] قال ابنُ قُدامةَ: ((لا ‌نَعلَمُ ‌خِلافًا ‌بَينَ ‌أهلِ ‌العِلمِ ‌في ‌أنَّ ‌المُرتَدَّ ‌لا ‌يَرِثُ ‌أحَدًا. وهذا قَولُ مالِكٍ، والشَّافِعيِّ، وأصحابِ الرَّأيِ، ولا نَعلَمُ عَن غَيرِهم خِلافَهم). ((المغني)) (6/ 370). ، والنَّوَويُّ [164] قال النَّوويُّ: (‌وأمَّا ‌المُرتَدُّ ‌فَلا ‌يَرِثُ ‌المُسلِمَ ‌بالإجماعِ). ((شرح النووي على مسلم)) (11/ 52). ، والشِّربينيُّ [165] قال الشِّربينيُّ: ((و) ثانيها الرِّدَّةُ، كما قال، و ((لا يَرِثُ مُرتَدٌّ) بحالٍ؛ إذ لا سَبيلَ إلى تَوريثِه مِن مِثلِه؛ لأنَّ ما خَلَّفَه فيءٌ، ولا مِن كافِرٍ أصليٍّ للمُنافاةِ بَينَهما؛ لأنَّه لا يُقَرُّ على دينِه، وذاكَ يُقَرُّ، ولا مِن مُسلِمٍ؛ للخَبَرِ المارِّ، وإن عادَ إلى الإسلامِ بَعدَ مَوتِ مورِّثِه، وما ادَّعاه ابنُ الرّفعةِ مِن أنَّه إذا أسلَمَ بَعدَ مَوتِ مورِّثِه أنَّه يَرِثُه رَدَّه السُّبكيُّ، وقال: (‌إنَّه ‌مُصادِمٌ ‌للحَديثِ، ‌وخَرقٌ ‌لِلإجماعِ). قال: ومِمَّن نَقَلَ الإجماعَ على أنَّ المُرتَدَّ لا يَرِثُ مِنَ المُسلِمِ شَيئًا وإن أسلَمَ بَعدَ ذلك: الأُستاذُ أبو مَنصورٍ البَغداديُّ). ((مغني المحتاج)) (3/ 25). ، وابنُ عابِدين [166] قال ابنُ عابِدينَ: (وزادَ بَعضُهمُ الرِّدَّةَ؛ فالمُرتَدُّ لا يَرِثُ أحَدًا إجماعًا، وليس ذلك لاختِلافِ الدِّينِ؛ لأنَّه لا مِلَّةَ لَه على ما عُرِفَ في مَحَلِّه، فالمَوانِعُ حينَئِذٍ ثَمانيةٌ). ((حاشية ابن عابدين)) (6/ 769). .
ثالثًا: أنَّه لا سَبيلَ إلى تَوريثِه مِن مِثلِه؛ لأنَّ ما خَلَّفَه فيءٌ، ولا مِن كافِرٍ أصليٍّ للمُنافاةِ بَينَهما؛ لأنَّه لا يُقَرُّ على دينِه، وذاكَ يُقَرُّ، ولا مِن مُسلِمٍ؛ لأنَّه لا مُناصَرةَ بَينَه وبَينَ أحَدٍ؛ لإهدارِ دَمِه [167] يُنظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/ 25)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/28).                .
رابعًا: أنَّ حُكمَ الإسلامِ في المُرتَدِّ إن كان رَجُلًا هو أن يَتوبَ ويَرجِعَ إلى الإسلامِ، أو يُقتَلَ إن أصَرَّ على رِدَّتِه، وعَلى ذلك فلا مَعنى مُطلَقًا لأن يُقال بأنَّه يَرِثُ أحَدًا مِنَ المُسلِمينَ أو غَيرِ المُسلِمينَ [168] يُنظر: ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (3/ 25).                .

انظر أيضا: