الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّالِثُ: التِقاطُ الشَّيءِ التَّافِهِ وما يُتَسامَحُ النَّاسُ بأخذِه 


يُباحُ التِقاطُ الشَّيءِ التَّافِهِ وما يَتَسامَحُ النَّاسُ بأخذِه، ويَجوزُ الانتِفاعُ به.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
 عن أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((مَرَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بتَمرةٍ في الطَّريقِ، فقال: لولا أنِّي أخافُ أن تَكونَ مِنَ الصَّدَقةِ لأكلتُها)) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
دَلَّ هذا الحَديثُ على إباحةِ الشَّيءِ التَّافِهِ المُلتَقَطِ، وأنَّه مَعفوٌّ عنه وخارِجٌ مِن حُكمِ اللُّقَطةِ؛ لأنَّ صاحِبَه لا يَطلُبُه؛ فلذلك استَحَلَّ النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أكلَ التَّمرةِ لولا شُبهةُ الصَّدَقةِ .
ثانيًا: مِنَ الآثارِ
1- عن عَبدِ اللهِ بنِ مُسلِمٍ قال: (رَأيتُ ابنَ عُمَرَ وجَدَ تَمرةً في السِّكَّةِ فأخَذَها فأكَلَ نِصفَها، ثُمَّ لقيَه مِسكينٌ فأعطاه النِّصفَ الآخَرَ) .
2- عن مالِكِ بنِ مِغوَلٍ قال: سَمِعتُ امرَأةً تَقولُ: (التَقَطَ عَليٌّ حَبَّاتٍ أو حَبَّةً مِن رُمَّانٍ مِنَ الأرضِ فأكَلَها) .
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ قُدامةَ ، والقُرطُبيُّ ، والنَّوويُّ ، وشَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ .

انظر أيضا:

  1. (1) أخرجه البخاري (2431) واللفظ له، ومسلم (1071).
  2. (2) يُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (6/555).
  3. (3) أخرجه عبد الرزاق (18640).
  4. (4) أخرجه عبد الرزاق (18643).
  5. (5) قال ابنُ قُدامةَ: (لا نَعلمُ خِلافًا بينَ أهل العِلمِ في إباحةِ أخذِ اليسيرِ والانتِفاعِ به). ((المغني)) (6/76).
  6. (6) قال القُرطُبيُّ: (أجمَعَ العُلماءُ على أنَّ اللُّقَطةَ ما لم تَكُنْ تافِهًا يَسيرًا أو شيئًا لا بَقاءَ له، فإنَّها تُعَرَّفُ حَولًا كامِلًا). ((الجامع لأحكام القرآن)) (11/268).
  7. (7) قال النَّوويُّ: (أنَّ التَّمرةَ ونَحوَها مِن مُحَقَّراتِ الأموالِ... لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّما تَرَكها خَشيةَ أن تَكونَ مِنَ الصَّدَقةِ لا لكونِها لُقَطةً، وهذا الحُكمُ مُتَّفَقٌ عليه). ((شرح صحيح مسلم)) (4/35).
  8. (8) قال شَمسُ الدِّينِ بنُ قُدامةَ: (لا نَعلمُ خِلافًا بينَ أهلِ العِلمِ في إباحةِ اليسيرِ والانتِفاعِ به... قال شيخُنا: وليس عن أحمَدَ تَحديدُ اليسيرِ الذي يُباحُ). ((الشرح الكبير على المقنع)) (6/319).