الموسوعة الفقهية

المبحث الرابع: الصَّلاةُ في النِّعالِ


تَجوزُ الصَّلاةُ في النِّعالِ إذا عُلِمت طهارتُها وعليه أن يمسحَ القَذرَ والأذَى من نَعليه إذا أراد أن يصلِّي فيهما، فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرًا أو أذى فليمسحه وليصلِّ فيهما)) والحديث أخرجه أبو داود (650)، وابن خزيمة (786)، والبيهقي (4423). وحسَّنَه النووي في ((المجموع)) (1/95)، وقال ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/112): على شرط مسلم لكن رواه أبو داود مرسلا، وصححه ابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (1/91)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (650)]. ، وذلك في الجُملةِ يُستثنَى من ذلك إذا كانت المساجدُ مفروشةً ونظيفةً، وخَشي أن يقذرها، أو خَشي تنفيرَ الناس؛ قال ابن باز: (إذا كان المسجد مفروشًا ويَخشى أن يقذره؛ لأنَّ بعض الناس لا يُبالي ولا ينظر في نعليه، فإذا خلعهما وصلَّى حافيًا حتى لا يوسِّخ الفرش، وحتى لا ينفِّر الناس من الصَّلاة في المسجد، فهذا لعلَّه أحسن إن شاء الله من باب رعاية المصالح، وعدم تنفير الناس من المساجد؛ ونظرًا إلى أنَّ أكثر الناس- إلا من شاء ربُّك- لا يهتمُّ بالنعلين، ولا يحرِص على سلامتهما، فإذا جعَل نعليه في مكان خاصٍّ حتى يصلِّي، أو جعلهما بين رِجليه حتى يصلِّيَ فلا بأس بذلك، ولعلَّ هذا أصلحُ إنْ شاء الله؛ حرصًا على سلامة المساجد، وحرصًا أيضًا على عدم تنفير المصلِّين، فإنَّ كثيرًا من الناس قد يَنفِر من المساجد إذا رآها تُوطأ بالنِّعال؛ لأنَّ الفُرُش تتأثَّر بأقلِّ شيءٍ بخِلاف ما لو كان المسجدُ من الحصباء والرمل، فإنَّه لا يتأثَّر كثيرًا، والأمر واسعٌ كما كان الحال في عهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعهد الصَّحابة رضي الله عنهم) ((فتاوى نور على الدرب)) (9/357).
الأَدِلَّةُ:!
أوَّلًا: من السُّنَّة
عن أبي مَسْلمةَ سعيدِ بن يَزيدَ الأزديِّ، قال: سألتُ أنسَ بنَ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه ((أكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي في نعليه؟ قال: نعَمْ )) رواه البخاري (386)، ومسلم (555).
ثانيًا: من الإجماع
نقَل الإجماع على ذلك: ابنُ تَيميَّة قال ابنُ تَيميَّة: (أمَّا الصَّلاة في النَّعل ونحوه، مثل: الجمجم، والمداس، والزربول، وغير ذلك... إذا عُلِمتْ طهارتها لم تُكرَه الصَّلاة فيها باتِّفاق المسلمين) ((مجموع الفتاوى)) (22/121). ، وابنُ رجَب قال ابنُ رجب: (والصَّلاة في النَّعلين جائزة، لا اختلافَ بين العلماء في ذلك) ((فتح الباري)) (3/42). ووقَع خلافٌ في الصَّلاة في الكعبة بالنِّعال؛ قال ابن رجب: (وليس لنا موضعٌ يُكره أن يُصلَّى فيه في النَّعلين والخُفَّين إلَّا الكعبة؛ فإنَّه يُكره لِمَن دخلها أن يَلبسَ خُفَّيه أو نَعلَيه؛ نصَّ عليه عطاءٌ، ومجاهدٌ، وأحمد، وقال: لا أعلم أحدًا رخَّص فيه) ((فتح الباري)) (2/279). وفي ((مصنَّف عبد الرزَّاق)) (5/83): (عن عطاءٍ، وطاوس، ومجاهد، قالوا: «لا يُدخَل البيتُ بحذاءٍ، ولا بسلاحٍ، ولا خُفَّينِ» وكان عطاءٌ ومجاهدٌ يريانِ الحِجرَ من البيت). وفي ((مصنف ابن أبي شيبة)) (3/344): (عن طاوس، ومجاهد، كانوا يَكرهون أن يَدخُلَ البيتَ رجلٌ عليه حذاءٌ).

انظر أيضا: