الموسوعة الفقهية

المطلب الرابع: ما يُمنَع من استقباله أو استدباره عند قضاء الحاجة


الفرع الأوَّل: استقبالُ القِبلةِ واستدبارُها عند قضاءِ الحاجةِ
يحرُمُ استقبالُ القِبلةِ واستدبارُها حالَ قَضاءِ الحاجةِ في الفَضاءِ، ويجوزُ في البُنيانِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ، والشَّافعيَّة ، والحنابلةِ
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن أبي أيُّوبَ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا أتيتُم الغائِطَ فلا تستقبِلوا القِبلةَ، ولا تَستَدبِروها ببولٍ ولا غائِطٍ، ولكِن شرِّقوا أو غَرِّبوا )
وجه الدَّلالة:
أنَّ حقيقةَ الغائِطِ، المكانُ المُنخفِض؛ ففي الحديثِ إشارةٌ أنَّ المرادَ النَّهيُ عن استقبالِ القِبلةِ واستدبارِها في الفَضاءِ
2- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه كان يقول: ((إنَّ ناسًا يقولون: إذا قعدْتَ على حاجَتِك فلا تستقبلِ القِبلةَ ولا بَيتَ المَقدِس، فقال عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ: لقد ارتقيتُ يومًا على ظَهرِ بيتٍ لنا، فرأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على لَبِنَتينِ، مُستقبلًا بيتَ المقدِسِ لِحاجَتِه ))
3- عن جابرِ بنِ عَبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((نَهى نبيُّ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن نستقبِلَ القِبلةَ ببولٍ، فرأيتُه قبلَ أن يُقبَضَ بعامٍ يَستقبِلُها ))
4- عن مَرْوانَ بنِ الأصفَرِ قال: ((رأيتُ ابنَ عمرَ أناخ راحِلتَه مستقبِلَ القِبلة، ثمَّ جلسَ يبولُ إليها: فقلتُ: يا أبا عبدِ الرَّحمن، أليس قد نُهِيَ عن هذا؟ قال: بلى، إنَّما نُهِيَ عن ذلك في الفَضاءِ، فإذا كان بينَك وبين القِبلةِ شيءٌ يستُرُك فلا بأسَ ))
الفرع الثاني: استقبالُ الرِّيحِ بالبَولِ
يُكرَه استقبالُ الرِّيحِ بالبَولِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ، والمالكيَّة ، والشَّافعيَّة ، والحنابلة ؛ وذلك خَشيةَ أن تردَّ عليه الرِّيحُ بَولَه

انظر أيضا:

  1. (1) ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (1/143)، وينظر: ((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/117)، ((الذخيرة)) للقرافي (1/204).
  2. (2) ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/40).
  3. (3) ((الإنصاف)) للمرداوي (1/82).
  4. (4) فيه دليلٌ على جوازِ استقبالِ الشَّمسِ واستدبارها أثناءَ قضاء الحاجة.
  5. (5) رواه البخاري (394) واللفظ له، ومسلم (264).
  6. (6) ((إحكام الأحكام)) لابن دقيق العيد (ص: 38، 39).
  7. (7) رواه البخاري (145) واللفظ له، ومسلم (266).
  8. (8) رواه أبو داود (13)، والترمذي (9)، وابن ماجه (325). قال البخاري كما في ((شرح العمدة- الطهارة)) لابن تيمية (1/150): حسن صحيح، وقال الترمذيُّ: حسن غريب، وحسَّنه النوويُّ في ((المجموع)) (2/82)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (9). وقال ابنُ حَجرٍ: (ولولا أنَّ حديثَ ابنِ عُمَرَ دلَّ على تخصيصِ ذلك بالأبنيةِ، لقُلنا بالتَّعميم، لكنَّ العمَلَ بالدَّليلينِ أَولى من إلغاءِ أحَدِهما) ((فتح الباري)) (1/245-246).
  9. (9) رواه أبو داود (11)، وابن خزيمة (60)، والدارقطني (1/58) قال الدارقطني: صحيح كله ثقات، وصححه النوويُّ في ((شرح مسلم)) (3/155)، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (1/101): صالح للاحتجاج، وحسَّنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (11).
  10. (10) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/256)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 34).
  11. (11) ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/399)، وينظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 29).
  12. (12) ((المجموع)) للنووي (2/93)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/156).
  13. (13) ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/34)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/120)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/87).
  14. (14) عن حسَّان بن عطيَّة قال: (يُكره للرجُلِ أن يَبولَ في هواءٍ، وأن يتغوَّطَ على رأسِ جَبلٍ كأنَّه طيرٌ واقِعٌ) رواه البيهقي (1/98) (482).