الموسوعة الفقهية

المطلب الخامس: الاستنثارُ


الفرع الأول: حُكم الاستنثارِ
الاستنثارُ قال النوويُّ: (الاستنثار- بالثَّاء المُثلَّثة- فهو طرحُ الماءِ والأذى مِن الأنفِ بعد الاستنشاقِ، وهذا هو المشهور الذي عليه الجمهورُ مِن أهلِ الحديثِ واللُّغةِ والفِقه). ((المجموع)) (1/353). سُنَّةٌ مِن سُنَن الوضوء، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/22)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/27). ، والمالكيَّة ((الكافي)) لابن عبدِ البَرِّ (1/170)، وينظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 20). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/357)، ((مغني المحتاج)) (1/58). ، والحنابلة ((الإقناع)) للحجاوي (1/26)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/105).
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن عَمرو بن أبي حسَن: أنَّه ((سأل عبدَ الله بنَ زيد عن وضوءِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فدعَا بتَورٍ من ماءٍ، فتوضَّأ لهم، فكفأَ على يديه فغسَلَهما ثلاثًا، ثم أدخَلَ يدَه في الإناءِ، فمضمَضَ واستنشَقَ، واستنثَرَ ثلاثًا بثلاثِ غرَفاتٍ من ماءٍ)) رواه البخاري (192) واللفظ له، ومسلم (235).
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا توضَّأ أحدُكم، فليجعلْ في أنفِه ثمَّ لينثِرْ قال ابن جرير: (فإنْ ظنَّ ظانٌّ أنَّ في الأخبار التي رُويَت عن رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((إذا توضَّأ أحدُكم فليستنثِرْ)) دليلًا على وجوبِ الاستنثار، فإنَّ في إجماعِ الحُجَّة على أنَّ ذلك غيرُ فَرضٍ واجبٍ، يجِبُ على مَن تركَه إعادةُ الصَّلاةِ التي صلَّاها قبل غَسلِه- ما يُغني عن إكثارِ القَولِ فيه). ((جامع البيان)) (10/45). )) رواه البخاري (162)، واللفظ له، ومسلم (237، 278).
الفرع الثاني: صفةُ الاستنثار
صِفةُ الاستنثارِ تكونُ بإخراجِ ما في الأنفِ مِن الماءِ والأذى باليَدِ اليُسرى، بعد الاستنشاقِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/22)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 46). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير)) للدردير (1/97)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/134). وفصل المالكيَّة في الكيفيَّة، فقالوا: (ومِن السُّنن الاستنثارُ، وهو نثرُ الماء؛ أي: طَرحُه من أنفِه بنَفسِه بالسبَّابةِ والإبهام من اليَدِ اليُسرى ماسكًا له من أعلاه، يمرُّ بهما عليه لآخِرِه، ويُكرَه دون اليَدِ، كفِعلِ الحمار مأخوذٌ من تحريكِ النَّثرة، وهي طَرَفُ الأنف) ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/353، 358)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/58). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/105)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/89).
الدليل مِن السُّنَّةِ:
عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه: ((دعا بوَضوءٍ، فتمَضمَضَ واستنشَقَ، ونثَرَ بِيَدِه اليُسرى، ففعلَ هذا ثلاثًا، ثم قال: هذا طُهورُ نبيِّ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم)) أخرجه أبو داود (112)، النسائي (91) واللفظ له، وأحمد (1133). قال البزَّار في ((مسنده)) (3/39): لا نعلم أحدًا أحسَنَ له سياقًا ولا أتمَّ كلامًا من زائدةَ، وقال الدارقطني في ((السنن)) (1/231): معناه قريبٌ صحيح، وقال ابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (5/593): هو من روايةِ زائدةَ بنِ قدامة، وهو أحسنُ الناس له سَوقًا، وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (1/358) وأحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (2/261)، والألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (91)، وصححه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (986).


انظر أيضا: