الموسوعة الفقهية

المبحثُ الثَّامِنُ: رفْعُ البَصرِ إلى السَّماءِ في الصَّلاةِ



اختَلفَ أهلُ العِلمِ في حُكمِ رَفْعِ البَصرِ إلى السَّماءِ في الصَّلاةِ ، على قولين:
القولُ الأوَّل: يُكرَهُ رفْعُ البَصرِ إلى السَّماءِ في الصَّلاةِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحنفيَّة ، والمالكيَّة ، والشافعيَّة ، والحنابلة ، وحُكي الإجماعُ على ذلك .
الأدلة مِن السُّنَّة:
1- حديثُ أنسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((ما بالُ أقوامٍ، يَرفعونَ أَبصارَهمْ إلى السَّماءِ في صلاتهمْ! فاشْتَدَّ قولُهُ في ذلكَ، حتى قال: ليَنْتَهُنَّ عن ذلكَ، أو لتُخْطَفَنَّ أبصارُهُمْ)) .
2- حديثُ جابرِ بنِ سمرة رَضِيَ اللهُ عَنْهما، عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((لَينتهينَّ أقوامٌ يرفعونَ أبصارَهم إلى السَّماءِ في الصَّلاةِ، أو لا ترجعُ إليهم)) .
القولُ الثَّاني: يَحرُم رفْعُ البَصرِ إلى السَّماءِ في الصَّلاة، وهذا مذهبُ ابنِ حَزمٍ ، واختارَه ابنُ تَيميَّة ، والصنعانيُّ والشوكانيُّ ، وابنُ باز ، وابنُ عُثَيمين .
الأدلة مِن السُّنَّة:
1- حديثُ أنسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((ما بالُ أقوامٍ، يَرفعونَ أبصارهمْ إلى السَّماءِ في صلاتهمْ! فاشْتَدَّ قولُهُ في ذلكَ، حتى قال: ليَنْتَهُنَّ عن ذلكَ، أو لتُخْطَفَنَّ أبصارُهُمْ)) .
 2- حديثُ جابرِ بنِ سمرة رَضِيَ اللهُ عَنْهما عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((لَينتهينَّ أقوامٌ يرفعونَ أبصارَهم إلى السَّماءِ في الصَّلاةِ، أو لا ترجعُ إليهم)) .
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّه تَوعَّد العقوبةَ على ذلِك بقوله: ((ليَنْتَهُنَّ عن ذلكَ، أو لتُخْطَفَنَّ أبصارُهُمْ))، والعقوبة بالعَمى لا تكونُ إلَّا على مُحرَّم .


انظر أيضا:

  1. (1)                       قال   ابنُ تَيميَّة: (واتَّفق العلماءُ على أنَّ رفْع المصلِّي بصرَه إلى السَّماء   منهيٌّ عنهـ) ((مجموع الفتاوى)) (6/577).    
  2. (2)             ((تبيين   الحقائق)) للزيلعي (1/163) وينظر: ((درر الحكام)) لملا خسرو   (1/107).    
  3. (3)             ((مواهب   الجليل)) للحطاب (2/261) وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي   (1/293).    
  4. (4)             ((تحفة   المحتاج)) للهيتمي (2/161) ((نهاية المحتاج)) للرملي (2/57).    
  5. (5)             ((كشاف القناع))   للبهوتي (1/370)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/8).    
  6. (6)             قال ابنُ بطَّال:   (العلماء مجمِعون... على كراهية النَّظر إلى السَّماء في الصَّلاة) ((شرح   صحيح البخاري)) (2/364).    
  7. (7)             أخرجه البخاري (750).    
  8. (8)             أخرجه مسلم (428).      قال   العيني: (النهي الأكيد والوعيد الشديد وكان ذلك يقتضي أن يكون حراما كما جزم به   ابن حزم حتى قال تفسد صلاته لكن الإجماع انعقد على كراهته في الصلاة) ((عمدة   القاري)) (5/309).      وقال   ابن حجر: (واختلف في المراد بذلك فقيل هو وعيد وعلى هذا فالفعل المذكور حرام وأفرط   بن حزم فقال يبطل الصلاة وقيل المعنى أنه يخشى على الأبصار من الأنوار إلى تنزل   بها الملائكة على المصلين كما في حديث أسيد بن حضير... أشار إلى ذلك الداودي ونحوه   في جامع حماد بن سلمة عن أبي مجلز أحد التابعين) ((فتح الباري))   (2/234).    
  9. (9)             قال ابنُ حزم: (ولا   يَحِلُّ للمصلِّي أن يَرفَعَ بَصرَه إلى السَّماء، ولا عندَ الدُّعاء في غير   الصَّلاة) ((المحلى)) (2/330).    
  10. (10)             قال ابنُ تَيميَّة:   (فلمَّا كان رفْع البصر إلى السماء ينافي الخشوعَ، حرَّمَه النبيُّ صلَّى اللهُ   عليه وسلَّم، وتوعَّد عليهـ) ((مجموع الفتاوى)) (22/559).    
  11. (11)             قال الصنعانيُّ:   (وفيه وعيدٌ شديد على رفْع البصر إلى السماء في الصلاة؛ لأنَّه ينافي الخشوع،   فدلَّ على تحريم رفْع البصر إلى السَّماء حالَ الصَّلاة، فتصحُّ الصلاةُ ويأثم،   وقيل: لا إثمَ، وقال ابنُ حزم: تَبطُل به الصَّلاة) ((التنوير))   (9/306).    
  12. (12)             قال الشوكانيُّ:   (والظاهر أنَّ رفع البصر إلى السماء حال الصلاة حرامٌ؛ لأنَّ العقوبة بالعمى لا   تكون إلَّا على مُحرَّم) ((نيل الأوطار)) (2/221).    
  13. (13)             قال ابنُ باز: (رفْع   البصر إلى السَّماء وقتَ الصلاة لا يجوز، والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عن   هذا، وحذَّر من هذا عليه الصَّلاة والسَّلام؛ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:   «لينتهين أقوامٌ يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة، أو لا تَرجِع إليهم»، وفي   لفظ: «أو لتخطفن»، فالمقصودُ أنَّه لا يجوز رفْعُ البَصر) ((فتاوى نور على   الدرب)) (9/228).    
  14. (14)             قال ابنُ عُثيمين:   (وأما النَّظَرُ إلى السَّماءِ فإنَّه محرَّم، بل مِن كبائر الذُّنوب؛ لأنَّ   النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عن ذلك، واشتدَّ قوله فيه حتى قال:   «لينتهُنَّ - يعني الذين يرفعون أبصارَهم إلى السَّماء في الصلاة - أو لتُخطفنَّ   أبصارُهم»، وفي لفظ: «أو لا ترجِع إليهم»، وهذا وعيدٌ، والوعيد لا يكون إلَّا على   شيء مِن كبائر الذنوب، بل قال بعضُ العلماءِ: إنَّ الإنسان إذا رَفَعَ بصرَه إلى   السماءِ وهو يُصلِّي بطَلتْ صلاتهُ) ((الشرح الممتع)) (3/40).    
  15. (15)             أخرجه البخاري   (750).    
  16. (16)             أخرجه مسلم (428).    
  17. (17)             ((نيل   الأوطار)) للشوكاني (2/221).