مقالات وبحوث مميزة

 

 

الشُّذوذُ في القولِ بجوازِ توَلِّي المرأةِ مَنصِبَ الإمامةِ والقَضاءِ

الشيخ صالح بن علي الشمراني


 

خلق اللهُ النَّاسَ من نفسٍ واحدةٍ، وخَلَق منها زَوجَها، وشَرَع لهم الدِّينَ، وأمرهم رجالًا ونساءً باتِّباعه، ووعد من أطاعه منهم الجنَّةَ، فقال عزَّ وجَلَّ: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} [سورة النساء:124]، وهم جميعًا في أصلِ التكليفِ سواءٌ، والخطابُ الشَّرعيُّ واقِعٌ عليهم على حَدٍّ سواءٍ، إلَّا ما خَصَّ اللهُ به الرِّجالَ دون النِّساءِ، أو النِّساءَ دون الرِّجالِ، مِمَّا يوافِقُ خِلقةَ كُلٍّ وفِطرتَه وتكوينَه؛ فقد قال عزَّوجَلَّ: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} [سورة آل عمران:36].

ومما خَصَّ اللهُ به الرِّجالَ دون النِّساءِ تَوَلِّي منصِبِ القضاءِ، وهذا شِبهُ إجماعٍ بين أهل العِلمِ مِن السَّلَفِ والخَلَفِ، ولم يَعهَدْ أهلُ الإسلامِ منذ مَبعَثِ رَسولِها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مرورًا بعهدِ الخُلَفاءِ الراشدينَ إلى يومِنا هذا أنَّ أحدًا من أئمَّةِ المسلمين ولَّى المرأةَ هذا المنصِبَ.

قال ابن قدامة: "ولا تَصلُحُ للإمامةِ العظمى ولا لتوليةِ البلدانِ؛ ولهذا لم يُوَلِّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولا أحَدٌ من خُلَفائِه ولا مَن بَعْدَهم امرأةً قَضاءً ولا وِلايةَ بلدٍ، فيما بلَغَنا، ولو جاز ذلك لم يَخْلُ منه الزَّمانُ غالبًا"([1]).

ويقول أبو الوليد الباجي: "ويكفي في ذلك عَمَلُ المسلمين من عَهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، لا نعلَمُ أنَّه قَدَّم امرأةً لذلك في عصرٍ من الأعصارِ ولا بلَدٍ من البلادِ، كما لم يُقَدِّمِ للإمامةِ امرأةً" ([2]).

وقالت لجنةُ كبار عُلَماء الفتوى بالأزهرِ: "الوِلايةُ العامَّةُ -ومنها رئاسةُ الدَّولةِ- قصَرَتْها الشريعةُ الإسلاميةُ على الرِّجالِ إذا توافرت فيهم شُروطٌ مُعَيَّنةٌ، وقد جرى التطبيقُ العَمَليُّ على هذا من فَجرِ الإسلامِ إلى الآن، فإنَّه لم يَثبُتْ أنَّ شيئًا من هذه الوِلاياتِ العامَّةِ قد أُسنِدَ إلى المرأةِ، لا مستقِلَّةً ولا مع غيرِها من الرِّجالِ، وقد كان في نساءِ الصَّدرِ الأوَّلِ مُثَقَّفاتُ فُضْلَياتٌ، وفيهن من تَفضُلُ كثيرًا من الرِّجالِ، كأمَّهاتِ المؤمنين، مع أنَّ الدواعيَ لاشتراكِ النِّساءِ مع الرِّجالِ في الشُّؤونِ العامَّةِ كانت متوافرةً، لم تطلُبِ المرأةُ أن تشتركَ في شيءٍ من تلك الولاياتِ، ولم يُطلَبْ منها الاشتراكُ، ولو كان لذلك مُسَوِّغٌ من كتابٍ أو سُنَّةٍ لَما أُهمِلَت مراعاتُه من جانِبِ الرِّجالِ والنِّساءِ باطِّرادٍ" ([3]).

وقال ابن العربي: "وقد رُوِيَ أنَّ عُمَرَ قَدَّم امرأةً على حِسبةِ السُّوقِ، ولم يَصِحَّ؛ فلا تلتفتوا إليه، فإنما هو من دسائِسِ المبتَدِعةِ في الأحاديثِ"([4]).

اتِّفاقُ الأئمَّةِ في هذه المسألةِ:

ولذلك فإنَّ جماهيرَ أهلِ العِلمِ مِن السَّلَفِ والخَلَفِ على ما تقَدَّم من أنَّه لا يجوزُ أن تتولَّى المرأةُ مَنصِبَ القضاءِ، وأنَّ من ولَّاها أَثِمَ.

وهذا مذهَبُ المالكيَّةِ، والشافعيَّةِ، والحنابلةِ ([5]).

وهو ما نَصَّ عليه فُقَهاءُ الحَنَفيَّةِ([6]).

إلَّا أنَّهم -أي:الحنفيَّةَ- يَرَون أنَّها لو وُلِّيَت يَنفُذُ حُكمُها فيما تَصِحُّ فيه شهادتُها.

الخطأُ في فَهمِ مذهَبِ أبي حنيفةَ في هذه المسألةِ:

المذهَبُ عند الحنفيَّةِ كما تقدَّم: هو أنَّه لا يجوزُ توليتُها، إلَّا أنَّها لو وُلِّيَت جاز حكمُها ونفذ، خلافًا للجمهورِ.

قال ابن قدامة: "وقال أبو حنيفة: يجوزُ أن تكون قاضيةً في غيرِ الحُدودِ؛ لأنَّه يجوزُ أن تكونَ شاهدةً فيه" ([7]).

وقال ابن رشد: "وقال أبو حنيفة: يجوزُ أن تكونَ المرأةُ قاضيةً في الأموالِ" ([8]).

ومن مِثْلِ هذا النَّقلِ لمذهَبِ الحنفيَّةِ ظَنَّ الكثيرُ أنَّ أبا حنيفةَ يجيزُ أن تتولَّى المرأةُ منصِبَ القضاءِ، وهذا الفَهمُ خاطئٌ؛ لأنَّه لا يلزَمُ من القَولِ بجوازِقَضائِها- إذا وُلِّيَت القضاءَ- القَولُ بجوازِ تَوَلِّيها القضاءَ، وهذا ما أشار إليه المحقِّقون من أئمَّةِ الحنفيَّةِ أنفُسِهم.

قال في مجمَعِ الأنهر: "ويجوزُ قضاءُ المرأةِ في جميعِ الحُقوقِ؛ لكَونِها من أهلِ الشَّهادةِ، لكن أَثِمَ الموَلِّي لها؛ للحديث: (لن يُفلِحَ قومٌ وَلَّوا أمرَهم امرأةً)" ([9]).

فترى أنَّه نَصَّ على إثمِ الموَلِّي، ولا يُحكَمُ بالإثمِ إلَّا على فِعلِ محَرَّمٍ.

وقال العلَّامةُ ابنُ الهمام في الرَّدِّ على استدلالِ الجمهورِ بحديثِ: (لن يفلِحَ قومٌ وَلَّوا أمْرَهم امرأةً) على عَدَمِ جواز قضائِها وعدمِ نفاذِ حُكمِها: (والجوابُ: أنَّ غايةَ ما يفيدُه منعُ أن تُستقضى وعَدَمُ حِلِّه، والكلامُ فيما لو وُلِّيَت وأَثِمَ المقَلِّدُ بتوليتِها، أو حَكَّمَها خَصمانِ فقَضَت قضاءً مُوافِقًا لدينِ اللهِ: أكان ينفُذُ أم لا؟)([10]).

فتلاحِظُ أنَّ ابنَ الهمام رحمه الله نَصَّ على أنَّ الخِلافَ إنَّما هو في نفاذِ حُكمِها من عَدَمِه في حالةِ ما لو وُلِّيَت القضاءَ أو حَكَّمها خصمانِ؛ ولذلك فإنَّ مفهومَ كلامِه رحمه الله أنَّه لا خلافَ في أنَّه لا يجوزُ توليتُها القضاءَ، كما أنَّه نَصَّ على أنَّ الحديثَ يدُلُّ على مَنعِ توليتِها وعَدَمِ حِلِّه. وقال ابن نجيم: "لأنَّها أهلٌ للشَّهادةِ في غيرِها، فكانت أهلًا للقضاءِ، لكِنْ يأثَمُ الموَلِّي لها"([11]).

وقد أشار ابنُ العربيِّ المالكيُّ إلى هذا التفريقِ بين القَولِ بجوازِ حُكمِها، والقَولِ بجوازِ توليتِها، فقال: "ونُقِلَ عن محمَّدِ بنِ جريرٍ الطَّبري أنَّه يُجَوِّزُبأن تكونَ المرأةُ قاضيةً، ولم يَصِحَّ ذلك عنه، ولعَلَّه نقَلَه عنه كما نقل عن أبي حنيفةَ أنَّها تقضي فيما تشهَدُ فيه، وليس بأن تكونَ قاضيةً على الإطلاقِ، ولا بأن يُكتَبَ لها منشورٌ بأنَّ فلانة مُقَدَّمةٌ على الحُكمِ، إلَّا في الدِّماءِ والنِّكاحِ، وإنما ذلك كسبيلِ التحكيمِ أو الاستنابةِ في القضيَّةِ الواحدةِ، بدَليلِ قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (لن يُفلِحَ قومٌ وَلَّوا أمْرَهم امرأةً)، وهذا هو الظَّنُّ بأبي حنيفةَ وابنِ جريرٍ"([12]).

النتيجةُ:

ممَّا تقَدَّم فإنَّ الجَزمَ باتِّفاقِ الأئمَّةِ الأربعةِ على القَولِ بعَدَمِ جوازِ توَلِّي المرأةِ مَنصِبَ القضاءِ: صَحيحٌ.

ولذلك فإنَّ التعَلُّقَ بنسبةِ القولِ بجوازِ توليةِ المرأةِ القَضاءَ إلى أبي حنيفةَ باطِلٌ، وأبطلُ منه ما رُكِّب على ذلك من أحكامٍ أخرى، كما سيأتي في مبحَثِ الوِلايةِ العامَّةِ.

القَولُ الشَّاذُّ في هذه المسألةِ:

فإذا تَبَيَّن اتِّفاقُ المذاهِبِ الأربعةِ على مَنعِ المرأةِ من توَلِّي مَنصِبِ القضاءِ، فقد حُكِيَ عن الإمامِ ابنِ جريرٍ الطَّبريِّ أنَّه على خلافِ ذلك، وأنَّه يجيزُ أن تكونَ قاضيًا على الإطلاقِ في جميعِ الأحكامِ.

وهذا القَولُ مشهورٌ عن ابنِ جريرٍ، وذكره غيرُ واحدٍ من العُلَماءِ عنه ([13])، وهو قولُ ابنِ حزمٍ كذلك([14]).

وقد أشار ابنُ رُشدٍ في بابِ معرفةِ من يجوز قضاؤه إلى هذا القولِ والذي قبله، فقال: "وكذلك اختلفوا في اشتراطِ الذُّكورةِ؛ فقال الجمهورُ: هي شرطٌ في صِحَّةِ الحُكمِ، وقال أبو حنيفةَ: يجوزُ أن تكونُ المرأةُ قاضيًا في الأموالِ. قال الطبريُّ: يجوزُ أن تكونَ المرأةُ حاكمًاعلى الإطلاقِ في كُلِّ شيءٍ"([15]).

التحقيقُ في قَولِ ابنِ جريرٍ:

لم يثبُتْ هذا القَولُ عن ابنِ جريرٍ الطبريِّ -رحمه الله تعالى- بنقلٍ صحيحٍ، ولم ينُصَّ هو على هذا في شيءٍ من كُتُبِه.

قال الشنقيطي: "لعَلَّ كلَّ ما نُسِبَ إلى هؤلاء الأعلامِ لم تَصِحَّ نسبتُه إليهم؛ لرُسوخِ أقدامِ القَومِ، وأنَّ لهم اليَدَ الطُّولى في العِلمِ، وإلَّا فكيف يصِحُّ أن يقولَ مِثلُ هؤلاء: يجوزُ توليةُ المرأةِ في الإسلامِ، والرَّسولُصلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: (لن يُفلِحَ قومٌ وَلَّوا أمْرَهم امرأةً)؟!"([16])انتهى.

ثم لو ثبت هذا القَولُ عن ابنِ جريرٍ فإنَّه لا يَلزَمُ منه القولُ بجوازِ توَلِّي المرأةِ مَنصِبَ القضاءِ، كما يحرِصُ دُعاةُ العَصْرَنةِ التأكيدَ عليه، بل غايةُ ما هنالك أنَّه يجيزُ حُكْمَها لو وُلِّيَت القضاءَ وحَكَمَت، كما أسلفنا في توجيهِ مَذهَبِ الحنَفيَّةِ.

وقد تقَدَّم النَّقلُ عن ابنِ العربيِّ؛ حيث أشار إلى التفريقِ بين القَولِ بجوازِ حُكمِها والقَولِ بجوازِ تولِيَتِها، فقال: "ونُقِل عن محمَّدِ بنِ جريرٍ الطَّبَريِّ أنَّه يجَوِّزُ أن تكونَ المرأةُ قاضيةً، ولم يصِحَّ ذلك عنه، ولعَلَّه نقَلَه عنه كما نُقِل عن أبي حنيفةَ أنَّها تقضي فيما تَشهَدُ فيه، وليس بأن تكونَ قاضيةً على الإطلاقِ، ولا بأن يُكتَبَ لها منشورٌ، بأنَّ فلانة مُقَدَّمةٌ على الحُكمِ، إلَّا في الدِّماءِ والنِّكاحِ، وإنَّما ذلك كسبيلِ التحكيمِ أو الاستنابةِ في القَضِيَّةِ الواحِدةِ، بدليلِ قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (لن يُفلِحَ قومٌ وَلَّوا أمْرَهم امرأةً). وهذا هو الظَّنُّ بأبي حنيفةَ وابنِ جريرٍ"([17]).

بل إنَّ هذا لم يكُنْ متصَوَّرًا حُصولُه عند المتقَدِّمين؛ ولذا قال ابن العربي: " فإنَّ المرأةَ لا يتأتَّى منها أن تَبْرُزَ إلى المجالِسِ، ولا تخالِطَ الرِّجالَ، ولا تفاوِضَهم مفاوضةَ النظيرِ للنظيرِ؛ لأنَّها إن كانت فتاةً حَرُمَ النَّظَرُ إليها وكلامُها، وإن كانت مُتجالَّةً بَرْزةً لم يجمَعْها والرِّجالَ مجلِسٌ تزدَحِمُ فيه معهم، وتكونُ مُنظرةً لهم، ولم يُفلِحْ قَطُّ من تصَوَّر هذا، ولا من اعتَقَده"([18]).

ثمَّ لو قُلْنا بثبوتِه عن ابن ِجريرٍ أو غيره، فلا عِبْرةَ به؛ لأنَّه شاذٌّ مخالِفٌ لجماعةِ العُلَماءِ.

قال الماوردي: "وشَذَّ ابنُ جريرٍ الطَّبريُّ، فجَوَّز قضاءَها في جميعِ الأحكامِ، ولا اعتبارَ بقَولٍ يَرُدُّه الإجماعُ"([19]).

الأدِلَّةُ على عَدَمِ جواز توَلِّي المرأةِ القضاءَ:

استدَلَّ جماهيرُ أهلِ العلمِ على عَدَمِ جوازِ تنصيبِ المرأةِ للقضاءِ بالكِتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ:

1- قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[سورة النساء:34].

وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ هذه القِوامةَ عامَّةٌ، وإذا كان الرَّجُلُ قَيِّمًا عليها في حدودِ الأُسرةِ، ففي الوِلايةِ العامَّةِ من بابِ أَولى.

2- وعن أبي بَكرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: لَمَّا بلغ رسولَصلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ أهلَ فارِسَ قد مَلَّكوا عليه بنتَ كِسرى قال: (لن يُفلِحَ قومٌ وَلَّوا أمْرَهم امرأةً) ([20]).

وَجهُ الدَّلالةِ: ظاهِرٌ بأمرينِ:

أوَّلُهما: العمومُ في هذا الحديثِ، وهو من وجهَينِ:

الأوَّلُ: قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((قومٌ)) نَكِرةٌ في سياقِ نَفيٍ، فتَعُمُّ كُلَّ قومٍ، ولم يَقُلْصلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لن يُفلِحَ الفُرسُ حين وَلَّوا أمْرَهم امرأةً".

الثاني: العمومُ في قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أمْرَهم))؛ ليعُمَّ كُلَّ أمرٍ؛ وذلك لأنَّها نَكِرةٌ أُضيفَت إلى معرفةٍ.

ثانيهما: أنَّ نَفْيَ الفَلاحِ لا يكونُ إلَّا في تَرْكِ واجبٍ.

قال الشوكاني: "ولا يحِلُّ لقَومٍ توليتُها؛ لأنَّ تجَنُّبَ الأمرِ الموجِبِ لعَدَمِ الفلاحِ واجِبٌ"([21]).

وقال: "فليس بعد نَفْيِ الفلاحِ شَيءٌ من الوعيدِ الشديدِ، ورأسُ الأمورِ هو القضاءُ بحُكمِ اللهِ عزَّ وجَلَّ؛ فدُخولُه فيها دُخولًا أوَّلِيًّا"([22]).

3- وعن بُريدةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّصلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((القُضاةُ ثلاثةٌ: واحِدٌ في الجَّنِة، واثنان في النَّارِ؛ فأمَّا الذي في الجنَّةِ فرَجُلٌ عَرَف الحَقَّ فقضى به، ورجُلٌ عرَفَ الحَقَّ وجارَ في الحُكمِ فهو في النَّارِ، ورجلٌ قضى للنَّاسِ على جَهلٍ فهو في النَّارِ))([23]).

قال مجدُ الدِّينِ ابنُ تيميَّةَ: "وهو دليلٌ على اشتراطِ كَونِ القاضي رجُلًا"([24]).

وجهُ الدَّلالةِ: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: (رجلٌ)، فدَلَّ بمفهومِه على خروجِ المرأةِ([25]).

4-الإجماعُ، وقد تقَدَّم نَقْلُه عن الماوَرديِّ رحمه الله تعالى.

5- دليلُ النَّظَرِ الصَّحيحِ.

حيثُ إنَّ القاضيَ يحتاجُ إلى البروزِ لفَصلِ الخُصوماتِ، والمرأةُ عورةٌ لا تصلُحُ للبروزِ، وتعجِزُ لضَعْفِها عن القيامِ بأكثَرِ الأمورِ، وهي ناقِصةٌ، والإمامةُ والقضاءُ من كَمالِ الوِلاياتِ؛ فلا يَصلُحُ لها إلَّا الكامِلُ مِنَ الرِّجالِ.

المصدر: من كتاب (إرسال الشواظ على من تتبَّع الشواذ)

--------------------

([1]) المغني: (14/13).

([2]) المنتقى (5/182).

([3]) نقلًا عن: المرأة والحقوق السياسية في الإسلام ص 220 عن الحركة النسائية (ص: 108، 109).

([4]) أحكام القرآن (3/ 482).

([5]) ينظر: الذخيرة (10/ 16)، الحاوي (20/ 220)، المغني (14/ 12).

([6]) فتح القدير (5/486)، مجمع الأنهر (2/ 168) ابن عابدين (8/127)، البحر الرائق (7/8).

([7]) المغني: (14/12).

([8]) بداية المجتهد (4/1768).

([9]) مجمع الأنهر (2/168).

([10]) فتح القدير (5/ 486).

([11]) البحر الرائق: (7/8).

([12]) أحكام القرآن: (3/482).

([13]) انظر: الحاوي (20/ 220)، الذخيرة (10/ 21)، المغني (14/12).

([14]) المحلى (10/295).

([15]) بداية المجتهد (4/1768).

([16]) نقلًا عن كتاب: ولاية المرأة في الفقه الإسلامي (ص: 220).

([17]) أحكام القرآن (3/482).

([18]) أحكام القرآن (3/482).

([19]) الأحكام السلطانية (ص:65). وانظر: ولاية المرأة في الفقه الإسلامي (ص:236).

([20]) رواه البخاري، كتاب المغازي، ح4425، مع الفتح (8/158)، وح 7099، في كتاب الفتن، كما في الفتح (13/67)، ورواه الترمذي، أبواب الفتن، ح75.

([21]) نيل الأوطار (8/617).

([22]) السيل الجرار (4/273).

([23]) رواه أبو داود، كتاب القضاء، باب القاضي يخطئ. سنن أبي داود مع عون المعبود (9/353)، ورواه الترمذي، أبواب الأحكام، (ح 1322)، باب ما جاء عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في القاضي، مع التحفة (3/6)، ورواه ابن ماجه، كتاب الأحكام، (ح 2315)، كما رواه الحاكم في مستدركه بلفظ: (قاض..) وقال: صحيح الإسنادِ ولم يخَرِّجاه، وله شاهِدٌ بإسنادٍ صحيحٍ على شرطِ مسلم. المستدرك (4/101).

([24]) المنتقى مع نيل الأوطار (8/616).

([25]) نيل الأوطار (8/618).