قراءة وتعريف

قصَّةُ الأشاعرةِ. جنايةُ أهلِ البدعةِ بحكايةِ ما أصابَهم مِن الفِتنةِ. (قراءة وتعريف)
book
عَمَّار خَنْفَر
عنوان الكتاب: قصَّةُ الأشاعرةِ. جنايةُ أهلِ البدعةِ بحكايةِ ما أصابَهم مِن الفِتنةِ. ردًّا على قصَّةِ القُشَيْريِّ: شِكايةُ أهلِ السُّنَّةِ بحكايةِ ما نالَهم مِن المِحنةِ.
اسم المؤلف: د. عَمَّار خَنْفَر
الناشر: مكتبة دار الحجاز- الرياض، القاهرة
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: 1443هـ
عدد الصفحات: 864

التَّعريفُ بمَوضوعِ الكتابِ:

في هذا الكتابِ فتحٌ لملفِ الأشاعرةِ، وإعادةُ سَردٍ لقِصَّتِهم بالكاملِ، منذ ظُهورِ أبي الحسَنِ الأشعريِّ (ت: 324هـ) حتَّى عصرِنا هذا.

ومذكورٌ في هذه القصَّةِ حقيقةُ عقائدِهم وأصولِهم الغريبةِ عن الإسلامِ، مع إلمامٍ بحُجَجِهم وشُبهاتِهم فيها، والأسبابِ والدَّوافعِ الحقيقيَّةِ الَّتي ألزمَتْهم بالتَّمسُّكِ بتلك الأصولِ، مع الرَّدِّ عليها، وبيانِ فَسادِها وبُعدِها عن رُوحِ الإسلامِ.

وفيه كذلك ذِكرٌ لجُذورِ مَذهبِهم القريبةِ والبعيدةِ الَّتي خَفِيَتْ على أكثرِ النَّاسِ، وظُروفِ قيامِ هذا المذهبِ ونشأتِه وانتشارِه في بلادِ الإسلامِ في القُرونِ الماضيةِ.

وفيه كذلك كلامٌ عن الأبعادِ التَّاريخيَّةِ والمذهبيَّةِ لطبيعةِ الصِّراعِ بيْن الأشاعرةِ والحنابلةِ، وحقيقةِ ما وقع لشيخِ الإسلامِ ابنِ تيميَّةَ مِن المحنةِ على أيديهم. ثمَّ فيه تعريجٌ على أحوالِ الأشاعرةِ في زمانِنا ومَنهَجِهم الجديدِ، مع ذِكرِ نماذجَ عنهم، وجانبٍ مِن مقالاتِهم.

وحكايةُ قصَّةِ الأشاعرةِ في هذا الكتابِ جاءت كما دَوَّنها التَّاريخُ، لا كما حكاها أبو القاسمِ القُشَيْريُّ (توفي: 465هـ) في رسالتِه الَّتي كتَب بها إلى العُلماءِ في مُختلِفِ البُلدانِ، وقال في أوَّلِها: «هذه قصَّةٌ سَمَّيْناها: شِكايةُ أهلِ السُّنَّةِ بحكايةِ ما نالهم مِن المحنةِ...»، وهي رسالةٌ مشهورةٌ، وسببُ كتابتِها مشهورٌ كذلك.

عرضُ الكتابِ:

ما بيْن المقدِّمةِ والخاتمةِ ستَّةُ أبوابٍ، اشتملَتْ على واحدٍ وثلاثينَ فصلًا، تضمَّنَتِ المسائلَ الكِبارَ الَّتي شكَّلَتِ البِنيةَ الهَيكليَّةَ للمذهبِ الأشعريِّ، وبيانُها كما يلي -مع ذِكرِ أبرَزِ القضايا الَّتي فيها-:

البابُ الأوَّلُ: حقيقةُ المَذهبِ الأشعَريِّ

وقد اندرَج تحتَه أحَدَ عشَرَ فصلًا:

الأوَّل: ظروفُ تأسيسِ المذهبِ، وفيه سببُ خُروجِ الأشعريِّ على الاعتزالِ، ثمَّ تقريرُ أركانِ المذهبِ الأشعريِّ.

الثَّاني: مسألةُ تجدُّدِ الخَلقِ، وفي تضاعيفِه: مذهبُهم في تجديدِ الأعراضِ، وبيانُ فسادِ القولِ به، وخلطُهم بيْن الحِسِّيَّاتِ واللَّاحِسِّيَّاتِ، ثمَّ صفةُ البقاءِ لله عزَّ وجلَّ عندَ الأشاعِرةِ، وقولُهم باستِحالةِ قيامِ العرَضَ بالعرَضِ.

الثَّالث: مسألةُ إنكارِ السَّببيَّةِ. ويَشتَمِلُ على إبدالِهم الاقترانَ والعادةَ بالسَّببِ، ومذهبِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ في الأسبابِ، ثمَّ جاء حديثٌ عن المُعجِزاتِ وكسرِ العادةِ، وقاعدةِ تماثُلِ الأجسامِ، وعن طبائعِ الأشياءِ، وأنَّ القُرآنَ يُثبِتُ الأسبابَ.

الرَّابع: مسألةُ العِلَّةِ والغرَضِ. وفيه تعرُّضٌ لقولِهم: إنَّ اللهَ لا يَفعَلُ لغرَضٍ أو عِلَّةٍ، وبيانُ أنَّ مؤدَّى قولِهم هذا هو اتِّهامُ الله بالعبَثِ -تعالى اللهُ عن ذلك-، وأنَّ قولَهم مُناقِضٌ لصريحِ القُرآنِ والسُّنَّةِ، ثمَّ تطرَّق إلى حاصِلِ مَذهَبِهم في الإمكانِ والتَّجويزِ، مع الإلماعِ إلى أنَّ خَلقَ العالَمِ يدُلُّ على وُجودِ الغرَضِ والعِلَّةِ.

الخامس: مسألةُ الحسَنِ والقبيحِ. وفيه إلمامٌ بقولِ الأشاعرةِ بنَفْيِ المصالحِ والمفاسِدِ، ونَفيِ الحُسنِ والقُبحِ العَقليَّيْنِ، مع بيانِ فسادِ ذلك، ثمَّ جاء ذِكرُ مسألةِ التَّكليفِ بما لا يُطاقُ، يليها الكلامُ في القدَرِ، وتعريفُ الظُّلمِ عندَ الأشاعرةِ، ثمَّ تعرَّض لمسألة: هل الكذبُ مِن القديمِ نقصٌ أو قُبحٌ؟ وانجرَّ الكلامُ إلى بيانِ أنَّ المُعجِزاتِ تؤيِّدُ وُجودَ الغرَضِ والعِلَّةِ.

السَّادس: مسألةُ الكَسبِ. ومذكورٌ فيه معنَى الكَسبِ عندَ الأشعَريِّ، مع رأيِه في الاستطاعةِ، والرَّدِّ عليه فيهما، ثمَّ ورَدَ ذِكرُ قولِه في الإيمانِ والكفرِ، مع بيانِ اضطرابِه في مسألةِ إرادةِ المُكتسِبِ، والقولِ في قُدرةِ العبدِ، وبيانِ أنَّ الكسبَ يُفْضي إلى الجَبرِ.

السَّابع: مسألةُ التَّكليفِ بما لا يُطاقُ. وفيه ذِكرُ قولِهم بجوازِ التَّكليفِ بما لا يُطاقُ، وسَوقُ حُجَجِهم في ذلك، مع الرَّدِّ عليها، والقول في الاستطاعةِ.

الثَّامن: مسألةُ كلامِ الله. وفيه صِفةُ كلامِ الله عندَ الأشعريِّ، وسببُ قولِهم بالكلامِ النَّفْسيِّ، ومسألةُ إسماعِ اللهِ عزَّ وجلَّ القرآنَ لنَبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم، والرَّدُّ على القولِ بأنَّ كلامَ اللهِ واحدٌ لا يَتبعَّضُ، مع ذِكرِ الأدِلَّةِ على أنَّ كلامَ اللهِ بصَوتٍ وحرفٍ، وبيانِ اضطرابِ الأشاعرةِ في مسألةِ تكليمِ اللهِ عزَّ وجلَّ لموسى عليه السَّلامُ، والرَّدِّ على قولِهم: إنَّ القُرآنَ ليس كلامَ اللهِ حقيقةً، مع ذِكْرِ مَنهَجِهم في إثباتِ صفةِ الكلامِ.

التَّاسع: مسألةُ خبَرِ الواحدِ. وفيه طريقةُ الأشاعِرةِ في الفِرارِ مِن مُصادَمةِ النُّصوصِ الشَّرعيَّةِ، وآراؤُهم في خبرِ الواحدِ، وبيانُ الحقِّ في ذلك بأدِلَّتِه.

العاشر: مسألةُ وُجوبِ النَّظرِ. وفيه ذِكرُ كلامِهم في أنَّ النَّظرَ شرطٌ في صحَّةِ الإيمانِ، مع إيرادِ الأدِلَّةِ على عدَمِ وُجوبِه.

الحادي عشَرَ: مسألةُ التَّوحيدِ. وفيه سببُ تخبُّطِهم في معنَى التَّوحيدِ، ومعنَى الأُلوهيَّةِ عندَهم، ثمَّ ذِكرُ معنَى التَّألُّهِ في القُرآنِ واللُّغةِ، وبيانُ سببِ تجويزِهم للتَّوسُّلِ والاستِغاثةِ، معَ دوافِعِ مَيلِ الصُّوفيَّةِ للمذهبِ الأشعريِّ.

البابُ الثَّاني: جُذورُ المَذهَبِ الأشعَريِّ

واشتمَل على فَصلَينِ:

الأوَّل: الجُذورُ القَريبةُ: المُعتزِلةُ، والكُلَّابيَّةُ.

الثَّاني: الجُذورُ البعيدةُ: الفَلاسِفةُ، والنَّصارى.

البابُ الثَّالثُ: مَثالِبُ الأشاعِرةِ

وفيه خمسةُ فُصولٍ:

الأوَّل: مِن شَنائعِ الأشاعرةِ. وفيه بيانُ تَشابُهِ مَذاهِبِ الجَهميَّةِ والأشاعرةِ، ومقالاتُ أئمَّةِ العِلمِ فيهم، وأنَّهم ليسوا مِن أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ.

الثَّاني: عن أبي الحسَنِ الأشعَريِّ. وفيه الدَّليلُ على عدَمِ شُهرةِ الأشعريِّ قبلَ خُروجِه، وأنَّه ليس إمامًا للمُسلِمينَ، وطعنُ بعضِهم فيه، وانتصارُ بعضِهم له، مع إثباتِ نِسبةِ كتابِ «الإبانة» إليه، وبيانِ مَذهَبِه في آخِرِ عُمُرِه.

الثَّالث: مِن ضَلالاتِ الأشاعِرةِ. وتعرَّضَ المصنِّفُ في هذا الفصلِ لبعضِ أهَمِّ وأفحَشِ مَواطِنِ الضَّلالِ الَّتي وقَع فيها بعضُ أئمَّةِ مُتكلِّميِ الأشاعِرةِ.

الرَّابع: الأشاعِرةُ وعِلمُ الكلامِ. وفيه بيانُ ضرَرِ عِلمِ الكلامِ على المُتكلِّمِ، وبعضُ ما ورَدَ في النَّهيِ عن الجدَلِ، مع ذِكرِ شواهدَ على فسادِ ديانةِ المتكلِّمينَ وسوءِ خاتمتِهم، وما حُكيَ عن ندَمِ بعضِهم.

الخامس: الأشاعرةُ والصُّوفيَّةُ. وفيه: مَسالِكُ الصُّوفيَّةِ، وعَلاقةُ التَّصوُّفِ بالأشاعِرةِ، وأسبابُ تمسُّكِ الصُّوفيَّةِ بالمذهبِ الأشعَريِّ، وبيانُ أنَّ توحيدَ الصُّوفيَّةِ موافِقٌ للتَّوحيدِ الأشعَريِّ، وذِكر التَّلاقي الأشعريِّ الصُّوفيِّ.

البابُ الرَّابعُ: تاريخُ الأشاعِرةِ

واحتوى على ثلاثةِ فُصولٍ، هي ثلاثُ مَراحِلَ للمذهبِ:

المرحلةُ الأولى: وِلادةُ المَذهَبِ.

المرحلةُ الثَّانيةُ: شُيوعُ المذهَبِ.

المرحلةُ الثَّالثةُ: سَطوةُ المذهبِ.

وممَّا ورد في هذا الفصلِ ذِكرُ دعمِ الوزيرِ نِظَامِ المُلْكِ لرِجالاتِ المذهبِ، ودَورُ المدرسةِ النِّظاميَّةِ في نَشرِ المذهبِ الشِّيعيِّ، وفِتنةُ الحنابلةِ والأشاعرةِ، وتَعاضُدُ الأشاعرةِ والصُّوفيَّةِ، وسببُ انتِشارِ المذهبِ الأشعريِّ في المغربِ ومِصرَ...

البابُ الخامِسُ: النِّزاعاتُ المَذهبيَّةِ للأشاعِرةِ

وتَناوَلَ المصنِّفُ فيه تاريخَ الصِّراعاتِ المذهبيَّةِ بيْن الأشاعرةِ والحنابلةِ، وطبيعةَ ذلك الصِّراعِ، وتأثيرَ السِّياسةِ عليه.

وقد ضَمَّ فُصولًا أربعةً:

الأوَّل: بيْن الأشاعرةِ والحنابلةِ. وفيه ذِكرُ اتِّهامِ الجَهميَّةِ لأصحابِ الحديثِ بالتَّجسيمِ، وسببِ نِقمةِ الصُّوفيَّةِ على الحنابلةِ وأصحابِ الحديثِ، وبعضِ الفِتَنِ؛ كفتنةِ أبي نصرِ ابنِ القُشَيْريِّ، وافتراءاتِ الأشاعرةِ على الحنابلةِ...

الثَّاني: حقيقةُ مِحنةِ الشَّيخِ ابنِ تيميَّةَ. وفيه: افتراؤُهم على ابنِ تيميَّةَ، ونَصبُهمُ العَداءَ له، وتفاصيلُ مُناظَرتِه لهم، وبُطلانُ دَعوى توبتِه واعتناقِه الأشعريَّةَ، وسببُ نِقمةِ الصُّوفيَّةِ عليه، مع ذِكرِ شواهدَ على فرضِ المذهبِ بالقوَّةِ.

الثَّالث: افتِراءاتُ الأشاعرةِ على ابن تيميَّةَ. وذُكِر فيه بعضُ افتراءاتِ خُصومِ ابنِ تيميَّةَ عليه، وبيانُ سوءِ فَهمِهم لكلامِه، معَ مُناقَشةِ بعضِ المسائلِ؛ كحَوادثَ لا أوَّلَ لها، ثمَّ خُتِم الفصلُ ببَيانِ مكانةِ ابنِ تيميَّةَ ومَقامِه في العلمِ، وبعضِ مَناقِبِه.

الرَّابع: مُناقَشةُ دَعوى أنَّ الأشاعرةَ أكثَرُ الأُمَّةِ. وفيه الرَّدُّ على هذه الدَّعوى، وبيانُ بُطلانِ نِسبةِ كثيرٍ مِن العُلماءِ إلى الأشاعرةِ؛ كالدَّارَقُطْنيِّ، والنَّوَويِّ، وابنِ حجرٍ، والحاكمِ، والسَّمْعانيِّ، والخطيبِ البَغداديِّ، وابنِ كثيرٍ...

البابُ السَّادِسُ: الأشاعِرةُ الجُدُدُ

وتضمَّنَ سِتَّةَ فُصولٍ، ذكَر المصنِّفُ في الأوَّلِ منها أحوالَ الأشاعرةِ الجُدُدِ. وفيه ذِكرُ السِّماتِ العامَّةِ لمنهجِ الأشاعرةِ الجُدُدِ، وما يُمَيِّزُهم عن أسلافِهم، مع مَسلَكِهم في الدِّفاعِ عن مَذهَبِهم...

ثمَّ عرَض نماذِجَ لبعضِ الأشاعرةِ الجُدُدِ وأحوالِهم، مع بيانِ مِنهاجِهم في البحثِ والتَّقَصِّي، وأوجُهِ الخِلافِ بيْنَهم وبيْن سلَفِهم، فأفرد الفصلَ الثَّانيَ للحديثِ عن محمَّد زاهد الكوثريِّ، وخصَّص الثَّالثَ لسلامةَ القضاعيِّ العزاميِّ، وتكلَّم في الرَّابعِ عن أبي حامدِ بنِ مرزوق، ثمَّ كان الخامسُ عن محمَّد سعيد رمضان البوطيِّ، وخُتِمَتِ الفُصولُ بذِكرِ محمَّد صالح الغرسيِّ.

هذا، وقد ذكر المصنِّفُ في غُضونِ كتابِه أنَّ ذِكرَه لبعضِ أعلامِ الأشاعرةِ إنَّما جاء مِن بابِ النَّصيحةِ للمُسلمينَ؛ كَيْ لا يَغتَرَّ النَّاسُ بمَذاهِبِهم الباطِلةِ، وليس القصدُ هو التَّشهيرَ وهَتْكَ السِّترِ؛ فإنَّهم قد ماتوا وأفضَوا إلى ما قدَّموا، كما أنَّه لا ينبغي أن تأخُذَنا العاطفةُ لِكَونِ الشَّخصِ قد دافعِ عن دينِ الله عزَّ وجلَّ في مَواطِنَ، فإنَّه أحسَنَ قليلًا وأساء كثيرًا، موضحًا أنَّ هذا الكتابَ إنَّما جاء في مَقامِ الذَّمِّ على ما أساؤوا فيه، لا في مقامِ الثَّناءِ على ما أحسَنوا فيه، كما لا ينبغي «أن نخافَ مِن سخطِ النَّاسِ علينا، فإنَّنا ما ابتَغَيْنا بهذا الكتابِ إلَّا اللهَ، ولن نَعدِلَ عن ذلك إلى رضَا أحدٍ مِن خَلقِه، ولَطالَما كتَمَ رِجالٌ الحقَّ خشيةَ نِقمةِ النَّاسِ عليهم، فضاع حقٌّ كبيرٌ، واندرَس عِلمٌ كثيرٌ».

والكتابُ فريدٌ في بابِه ننصحُ المهتمِّين؛ باقتنائه وقراءتِه.