قراءة وتعريف

‏‏‏‏ الأثَرُ العَقَديُّ في التَّوجيهِ الصَّرفيِّ (قراءة وتعريف)
book
الخضر بن صالح العوذلي
عنوان الكتاب‏‏:‏ الأثَرُ العَقَديُّ في التَّوجيهِ الصَّرفيِّ
اسـم المؤلف: الخضر بن صالح العوذلي
النـاشــر: مؤسسة دراسات تكوين للنشر والتوزيع
رقم الطبعة: الأولى
سنة الطبع: 1443هـ – 2022م
عدد الصفحات: 380
نوع الكتاب: أصلُ هذا البحثِ رِسالةٌ عِلميَّةٌ قُدِّمت إلى جامعةِ حَضرَمَوتَ لنَيلِ درجةِ الماجستيرِ.

التَّعريفُ بموضوعِ الكتابِ:

من المعروفِ أنَّ من يحمِلُ فِكرًا أو عقيدةً ما فإنَّه لا يألو جُهدًا في حَشدِ أدلَّتِه، وجمعِ ما يُسنِدُ فِكرَه وعقيدتَه لتُتلقَّى بالقَبولِ، وخُصوصًا حينَ يكونُ المنبَعُ هو ما يُجيدُه مِن عِلمٍ، ويمارِسُه من فنٍّ، وما يتخَصَّصُ فيه من تخصُّصٍ، ومن ذلك التَّوجيهُ الصَّرفيُّ لنُصوصِ الشَّرعِ الحكيمِ؛ فقد كان أحدَ المسالِكِ التي سلَكها أربابُ العقائدِ والمفَسِّرون وأهلُ اللُّغةِ والنَّحوِ، على اختلافِ توجُّهاتِهم؛ لتقريرِ مَبادِئِهم العَقَديَّةِ ومُنطَلَقاتِهم المذهَبيَّةِ، في سعيٍ منهم لدَعمِ هذه المُنطَلَقاتِ بدَلالةِ القُرآنِ الكريمِ؛ لتكونَ أدعى للقَبولِ، وأقوى في المِصداقيَّةِ.

فالصَّرفيُّ قد تَعرِضُ له قراءةٌ قرآنيَّةٌ، أو مُصطَلَحٌ شَرعيٌّ، أو شاهِدٌ شِعريٌّ يُروى بأكثَرَ مِن وَجهٍ، فيحاوِلُ أن يُعمِلَ فِكرَه لإيجادِ حَلٍّ يُؤمِّنُ من خلالِه تفسيرًا يجعَلُ الحالةَ الذِّهنيَّةَ المدروسةَ تتطابَقُ والعقيدةَ التي يحتَكِمُ إليها

ولهذا لم يَسلَمْ كثيرٌ من المواضِعِ -ومنها آياتُ العقيدةِ- من تجاذُبِ أربابِ المقالاتِ العَقَديَّةِ لدَلالتِها، وذلك من خِلالِ مظاهِرَ مُتعَدٍّدةٍ، ومنها: التَّوجيهُ الصَّرفيُّ لهذه الآياتِ؛ ولذا كانت هذه الرِّسالةُ العِلميَّةُ بعُنوانِ: "الأثَرُ العَقَديُّ في التَّوجيهِ الصَّرفيِّ"، وقد كشَف هذا البَحثُ العلاقةَ بينَ العقيدةِ والتَّوجيهاتِ الصَّرفيَّةِ عندَ أربابِ الفِرَقِ؛ لِما لهذا الموضوعِ مِن أهمِّيَّةٍ عِلميَّةٍ للمُختصِّين في عُلومِ الشَّريعةِ واللُّغةِ.

وتكمُنُ أهمِّيَّةُ هذا البَحثِ في كونِ كثيرٍ من الخلافِ العَقَديِّ بَينَ الفِرَقِ كان له الأثَرُ الواضِحُ في الاختياراتِ الصَّرفيَّةِ، والتَّوجيهِ الصَّرفيِّ، وأيضًا فيه إظهارٌ لثَمَرةِ الخِلافِ الصَّرفيِّ؛ ممَّا يجعَلُ دراسةَ مِثلِ هذه الاختلافاتِ من الأهمِّيَّةِ بمكانٍ، ويجِبُ الاعتناءُ بها، وعلى الباحثينَ والدَّارِسين ضبطُ هذه المسائِلِ، ومَعرِفةُ عِلَلِها، وحَصرُها، كما تظهَرُ الأهَمِّيَّةُ في كونِ عِلمِ التَّصريفِ من العُلومِ العاقِلةِ؛ إذ يرتَبِطُ به كثيرٌ من العُلومِ، فلا يستغني عنه عُلَماءُ العقيدةِ وأُصولِ الدِّينِ، ولا عُلَماءُ الفِقهِ وأصولِه، وكذا يرجِعُ إليه علماءُ التَّفسيرِ، ويُعَرِّجُ عليه عُلماءُ الحديثِ في شُروحاتِهم للأحاديثِ النَّبَويَّةِ، ولأهلِ القراءاتِ والتَّجويدِ وعُلومِ القرآنِ الحَظُّ الأوفَرُ والنَّصيبُ الأكثَرُ، وقد اهتمَّ به العُلَماءُ المحْدَثون في العَصرِ الحاضِرِ في مجالِ الصَّوتيَّاتِ، غيرَ أنَّها لم تُعرِّجْ على كثيرٍ من أسبابِ الخِلافِ، وما نجَم عنها من صراعاتٍ في مجالاتٍ مختَلِفةٍ، منها الاعتقادُ، وبذا تظهَرُ أهَمِّيَّةُ هذا البَحثِ وقيمتُه العِلميَّةُ في البَكارةِ والابتِكارِ.

أمَّا الأسبابُ الباعثةُ لاختيارِ البَحثِ فكان أهمَّها -كما ذكَر المؤلِّفُ- الإسهامُ في تخليصِ الكتُبِ والمؤَلَّفاتِ الصَّرفيَّةِ ممَّا شابها من مخالَفاتٍ عَقَديَّةٍ، وقضايا فلسَفيَّةٍ ومَنطِقيَّةٍ، وأيضًا لخُلوِّ السَّاحةِ الصَّرفيَّةِ من الدِّراساتِ التي تقومُ بتتَبُّعِ الآياتِ العَقَديَّةِ في المؤلَّفاتِ الصَّرفيَّةِ، ومِن ثَمَّ تقويمِها من منظارِ المعتَقَدِ الصَّحيحِ الموافِقِ لكتابِ اللهِ وسُنَّةِ رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وغيرُ ذلك من الأسبابِ التي أورَدَها في مُقَدِّمةِ الكتابِ.

اعتمَد الباحِثُ على المنهَجِ الوَصفيِّ التَّحليليِّ القائِمِ على استقراءِ المسائِلِ الصَّرفيَّةِ التي أثَّرت فيها العقيدةُ، مضيفًا النَّقدَ والموازنةَ، وربَّما أفاد الباحِثُ في بعضِ المواضِعِ من المنهَجِ التَّاريخيِّ عندَ ذِكرِ المدارِسِ النَّحويَّةِ الصَّرفيَّةِ، والفِرَقِ العَقَديَّةِ؛ لمعرفةِ بداياتِ الخِلافِ، ولكِنْ بقَدرِ الحاجةِ.

قسَّم الباحِثُ بحثَه إلى تمهيدٍ وثلاثةِ فُصولٍ، مسبوقةٍ بمُقَدِّمةٍ ومَتلوَّةٍ بخاتمةٍ، أودع فيها أهمَّ النَّتائِجِ.

أمَّا المقَدِّمةُ فقد أوضح الباحِثُ فيها: أهَمِّيَّةَ موضوعِ البَحثِ، ودواعيَ اختيارِه، وحدَّد مُشكِلةَ البحثِ، وبيَّن أهدافَه، ثمَّ عَرَض للدِّراساتِ السَّابقةِ، وختَمها بذِكرِ مادَّةِ الدِّراسةِ، ومَنهَجِ البحثِ ومنهجيَّةِ الباحِثِ، والصُّعوباتِ التي واجَهت الباحِثَ.

وأمَّا التَّمهيدُ الذي كان بعُنوانِ (العقيدةُ والتَّصريفُ)، ففيه بيانُ مُفرداتِ عُنوانِ الرِّسالةِ في المبحثِ الأوَّلِ، وصِلةُ عِلمِ الصَّرفِ بالعقيدةِ في المبحَثِ الثَّاني.

وقد جاء الفَصلُ الأوَّلُ بعُنوانِ: الأثَرُ العَقَديُّ في التَّوجيهِ الصَّرفيِّ في الكلامِ.

واشتَمل على مبحثَينِ، هما:

المَبحَثُ الأوَّلُ: التَّصوُّرُ العَقَديُّ في مسألةِ الكلامِ، وتأثيرُه في التَّوجيهِ الصَّرفيِّ.

المَبحَثُ الثَّاني: موقِفُ المحْدَثين من الكلامِ، وثُنائيَّةِ اللَّفظِ والمعنى.

والفَصلُ الثَّاني: بعُنوانِ: الأثَرُ العَقَديُّ في التَّوجيهِ الصَّرفيِّ في الأسماءِ.

وضمَّ بينَ طيَّاتِه خمسةَ مباحِثَ، وهي على النَّحوِ الآتي:

المَبحَثُ الأوَّلُ: تعريفُ الاسمِ، واشتِقاقُه.

المَبحَثُ الثَّاني: المصادِرُ.

المَبحَثُ الثَّالِثُ: المُشتقَّاتُ.

المَبحَثُ الرَّابعُ: الإفرادُ، والتَّثنيةُ، والجَمعُ.

المَبحَثُ الخامِسُ: التَّصغيرُ، والنَّسَبُ، والمهموزُ.

والفَصلُ الثَّالِثُ بعُنوانِ: الأثَرُ العَقَديُّ في التَّوجيهِ الصَّرفيِّ في الأفعالِ.

واشتَمل على ثلاثةِ مَباحِثَ:

المَبحَثُ الأوَّلُ: حَدُّ الفِعلِ، وزَمنُه

المَبحَثُ الثَّاني: أبنيةُ المجرَّدِ

المَبحَثُ الثَّالِثُ: أبنيةُ المزيدِ.

وفي العُمومِ احتوت الرِّسالةُ على اثنَي عَشَر مبحثًا، تحتها سِتَّةٌ وثلاثون مطلبًا وتحتَها عشَراتُ المسائِلِ.

ثمَّ ختم الباحِثُ بخاتمةٍ، وهي زُبدةُ هذا البَحثِ، ذكر فيها خمسَ عَشرةَ نتيجةً خلَص إليها من خلالِ هذا البَحثِ،  ومِن أبرَزِ تلك النَّتائِجِ التي وصَل إليها ما يأتي:

1- إبرازُ قيمةِ عِلمِ الصَّرفِ؛ إذ اعتمَدت عليه الفِرَقُ في تأكيدِ عقائِدِها والرَّدِّ على المخالِفين، واعتمَد عليه المخالِفون لها بالنَّقضِ، والكُلُّ يحاوِلُ توجيهَ البِنى الصَّرفيَّةِ بما يتوافَقُ مع اعتقادِه.

2- بيانُ أثَرِ العقيدةِ في التَّوجيهاتِ الصَّرفيَّةِ، واعتماد الفِرَقِ على ذلك في مسائِلَ عَقَديَّةٍ كثيرةٍ وخطيرةٍ.

3- مسألةُ كلامِ اللهِ والقَولِ بخَلقِ القرآنِ، ومسألةُ أسماءِ اللهِ وصِفاتِه وأفعالِه، ومسألةُ أفعالِ العِبادِ، وما جرَّت إليه من بدعةِ القَدَرِ وبِدعةِ الجَبرِ، ومسألةُ إنفاذِ الوَعدِ والوعيدِ، وتكفيرِ فُسَّاقِ المِلَّةِ، وبِدعةُ الإرجاءِ، وغيرِها.

4- إظهارُ تلاعُبِ الفِرَقِ بالبِنى والصِّيَغِ الصَّرفيَّةِ، وإيجادُ معانٍ جديدةٍ لها تتوافَقُ مع معتَقَدِهم، ووقوعُ بَعضِهم في التَّناقُضِ؛ حيثُ يُقَرِّرون معانيَ في مواضِعَ، ويُنكِرونها في مواضِعَ أُخَرَ.

وفي نهايةِ النَّتائجِ يوصي الباحِثُ إخوانَه الباحِثين بدراسةِ عُلَماءِ الصَّرفِ الذين لهم توجُّهٌ عَقَديٌّ، ولهم مُصَنَّفاتٌ كثيرةٌ في اللُّغِة والتَّفسيِر ونحوِها؛ ليَعرِفوا مدى تأثيرِ المعتَقَدِ في آرائِهم وتوجيهاتِهم الصَّرفيَّةِ. وأوصى كذلك القائِمين على المؤَسَّساتِ العِلميَّةِ والبَحثيَّةِ أن يُخَصِّصوا مجالًا للصَّرفِ القُرآنيِّ أُسوةً بالنَّحوِ القُرآنيِّ.

والكِتابُ بَديعٌ وفريدٌ في بابِه.

ومنِ اهتمامِ المؤلِّفِ بتسخيرِ تخَصُّصِه اللُّغويِّ في خِدمةِ العقيدةِ فقد سجَّل رسالتَه للدُّكتوراه في جامِعةِ (إفريقيا الفَرنسيَّة – العربيَّة الأهليَّة) بعُنوانِ: (أثَرُ العقائِدِ الأشعَريَّةِ في العُلومِ اللُّغَويَّةِ: النَّحو - الصَّرف - البَلاغة)