قراءة وتعريف

إحياءُ الآثارِ - دِراسةٌ عَقَديَّةٌ (قراءة وتعريف)
book
منيرة بنت عبد العزيز المقوشي
عنوان الكتاب: إحياءُ الآثارِ - دِراسةٌ عَقَديَّةٌ
اسـم المؤلف: منيرة بنت عبد العزيز المقوشي
النـاشــر: دار الأماجد للطباعة والنشر
سنة الطبع: 1442هـ - 2020م
رقم الطبعة: الطبعة الأولى
عدد الصفحات: 673
نوع الكتاب: رِسالةٌ علميَّةٌ، لنَيلِ درجةِ الماجستير، مِن جامعة الإمام محمد بن سعود.

التعريفُ بموضوع ِالكتابِ:

إنَّ إحياءَ الآثارِ، والاعتناءَ بها، والدَّعواتِ إلى إحيائِها، والسَّعيَ إلى ذلك: من المواضيعِ المهمَّةِ جِدًّا في هذا العَصرِ، وتأتي تلك الأهميَّةُ البالغةُ من عدَّةِ جوانبَ؛ أهمُّها: ما لذلك من صلةِ بالجانبِ العَقَديِّ والآثارِ المترتَّبةِ عليه، وممَّا لا شكَّ فيه أنَّ هذا الإحياءَ للآثارِ له صلةٌ كبيرةٌ وواضِحةٌ بالجانبِ العَقَديِّ؛ إذ إنَّ أوَّلَ شِركٍ وقع بين النَّاسِ كان بسبَبِ إحياءِ الآثارِ، كما حصل لقومِ نوحٍ عليه السَّلامُ، وإنَّ كثيرًا من البِدَعِ والانحرافاتِ في هذه الأمَّةِ كان بسَبَبِ إحياءِ آثارٍ، سواءٌ كانت آثارَ كُتُبٍ ومؤلَّفاتٍ، أو آثارَ مَشاهِدَ وأماكِنَ ومَزاراتٍ. كذلك تنبُعُ الأهميَّةُ من جانبٍ آخرَ، ألا وهو الاهتمامُ بموضوعِ الإحياء، سواءٌ كان اهتمامًا بإقامةِ الفعاليَّاتِ الخاصَّةِ بذلك، أو كتابةِ المقالاتِ والبُحوثِ في تقريرِ ذلك والدَّعوةِ إلى تبَنِّيه والعنايةِ به، أو السَّعيِ في اكتِشافِ الآثارِ وإعادةِ بنائِها وترميمِها، وتسهيلِ الوصولِ إليها لعامَّةِ النَّاسِ.

  ولكثرةِ وتعَدُّدِ الدَّعَواتِ إلى ذلك، وإلى إبرازِ آثارِها الإيجابيَّةِ -بحَسَبِ زَعْمِ أهل تلك الدَّعَواتِ- من النَّاحيةِ التاريخيَّةِ والاقتصاديَّةِ والاجتماعيَّةِ؛ التبس ذلك على كثيرٍ من النَّاسِ، وخَفِيَ عليهم الحكمُ الشَّرعيُّ، والموقِفُ الصَّحيحُ من ذلك؛ لهذا أصبح هناك حاجةٌ ماسَّةٌ لدراسةِ ذلك الأمرِ دراسةً عِلميَّةً شرعيَّةً، وتحريرِ الحُكمِ الشَّرعيِّ، وبيانِ الموقِفِ الصَّحيحِ من ذلك وَفْقَ ما دلَّت عليه الأدِلَّةُ الشَّرعيَّةُ من نصوصِ الكِتابِ والسُّنَّةِ، ومن أقوالِ العُلماءِ من سَلَفِ هذه الأمَّةِ؛ لهذا جاءت هذه الرِّسالةُ العِلميَّةُ الموسومةُ بـ ((إحياء الآثار - دراسةٌ عَقَديَّةٌ)).

وقد قَسَّمت المؤلِّفةُ كِتابَها إلى مُقَدِّمةٍ، وتمهيدٍ، وثلاثةِ فُصولٍ، وخاتمةٍ.

فذكَرَت في المقَدِّمةِ أهميَّةَ الموضوعِ، وأسبابَ اختيارِه، وأهدافَه، والدِّراساتِ السَّابقةَ، وخِطَّةَ البحثِ، ومَنهَجَه، والشُّكر والتَّقدير.

ثمَّ التمهيد، وفيه: التعريفُ بمفرداتِ العُنوانِ (إحياء الآثار).

ثمَّ عرَّجَت على الفُصولِ، التي يشمَلُ كُلُّ فَصلٍ منها على مباحِثَ، وتحتها مطالِبُ.

فجاء الفَصلُ الأوَّلُ: الذي خُصِّص لـ (أنواع الآثار)؛ يحتوي على تمهيدٍ عَرَّفَت فيه مفرداتِ العنوانِ، وخسمةِ مباحِثَ:

المبحثُ الأوَّلُ: (الآثارُ النَّبَويَّةُ)، وفصَّلت في ثلاثةِ مطالِبَ الآثارَ النَّبويَّةَ، التي هي الآثارُ النَّبويَّةُ الحَديثيَّةُ، والآثارُ النَّبويَّةُ المنفَصِلةُ عن جسَدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وما أُلحِقَ بها، وآثارُ مقاماتِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المكانيَّةِ.

المبحثُ الثَّاني: كان عن (الآثارِ الدينيَّةِ)؛ وفيه مطلبان، كان تفصيلُ القولِ في هذه المسألةِ منقَسِمًا عليهما، وهي آثارُ المواسمِ الدِّينيَّةِ والزَّمانيَّةِ، وآثارُ المساجدِ وأماكِنِ التعَبُّدِ.

المبحث الثَّالث: آثارُ الأمَمِ الهالكةِ؛ وفيه ستَّةُ مطالِبَ. في الخمسةِ الأولى بيانٌ لبعضِ الآثارِ المتعلِّقةِ بالأمَمِ السَّابقةِ، وفي المطلبِ السَّادسِ فصَّلَت حُكمَ إحياءِ آثارِ الأُمَمِ الهالكةِ، ذاكِرةً الحُكمَ في ذلك، من خلالِ مسألتينِ:

الأُولى منهما: إحياءُ المسلِمِ آثارَ ديارِ المعَذَّبين بالزِّيارةِ وإنشاءِ السَّيرِ لها بالأبدانِ، ووضَّحت هنا أنَّ الأحاديثَ الصَّحيحةَ دلَّت على أنَّ آثارَ الأمَمِ الهالكةِ ومواضِعَ العذابِ لا يُمكَثُ فيها ولا تُدخَلُ إلَّا أن تكونَ في طريقٍ، وأنَّ الدُّخولَ لديارِ المعذَّبين والمُكْثَ فيها مَنهيٌّ عنه لغيرِ حاجةٍ، ولو لقَصدِ الاعتبارِ، كما بيَّنَت أنَّ الفاحِصَ لأقوالِ الأئمَّةِ يجدُهم متَّفقين على تحريمِ دخولِ ديار المعَذَّبين وقَصْدِها بالزِّيارةِ؛ للاطِّلاعِ والمشاهَدةِ.

والثَّانيةُ: إحياءُ آثارِ ديارِ المعَذَّبين؛ للسِّياحةِ، بالتهيئةِ وتذليلِ الوصولِ لها. ووضَّحَت أنَّه لا يجوزُ ذلك.

ثمَّ المبحثُ الرَّابعُ: وكان عن الآثارِ الوَثَنيَّةِ والجاهليَّةِ، وتكلَّمَت عن الآثارِ الفِرعَونيَّةِ، والفِينيقيَّةِ، والبابِليَّةِ، والجاهِليَّةِ؛ في أربعةِ مطالِبَ، وختَمَت بمطلبٍ عن (حُكمِ إحياءِ الآثارِ الوَثَنيَّةِ والجاهليَّةِ)، وذلك من خلالِ مسألتينِ:

المسألةُ الأولى: إحياءُ المسلمِ للآثارِ الوثَنَيَّةِ والجاهليَّةِ بقَصدِ الزِّيارةِ؛ للاطِّلاعِ، والنُّزهةِ والسِّياحةِ، وبَيَّنَت أنَّه يحرُمُ قَصدُ المواضِعِ التي تحوي الأصنامَ والتَّماثيلَ، وساقت الأدِلَّةَ على هذا.

والمسألةُ الثَّانيةُ: إحياءُ عينِ الآثارِ، بالتَّنقيبِ عنها، وإخراجِها وتهيئتِها، وتسهيلِ الوُصولِ إليها، ووضَّحَت أنَّه لا يجوزُ الاحتِفاظُ بالأصنامِ والأوثانِ أو بأجزائِها، أو التنقيبُ عنها، واستدلَّت على ذلك بأدلَّةٍ صحيحةٍ.

والمبحثُ الخامِسُ: خصَّصَته الباحثةُ لآثارِ القبورِ والمشاهِدِ، وفي هذا المبحثِ تناولت المرادَ بالقبورِ والمشاهِدِ، وحُكمُ إحيائِها.

ثمَّ الفَصلُ الثَّاني: وكان عن (موقِفِ الفِرَقِ والمستشرِقينَ من الآثارِ وتفنيدِ شُبُهاتِهم)، وكان الحديثُ فيه من قِبَلِ الباحثةِ في تمهيدٍ ومبحثينِ:

المبحثُ الأوَّلُ: تكَلَّمت فيه عن موقِفِ الفِرَقِ والمستَشرِقين من الآثارِ، وأمَّا المبحثُ الثَّاني: فكان عن تفنيدِ أبرَزِ شُبُهاتِ الفِرَقِ والمُستَشرِقين حولَ الآثارِ.

ثمَّ كان خَتْمُ الفُصولِ بالفَصلِ الثَّالثِ وهو أهم ما في الكتاب: وقد خُصِّص لـ: (المخالَفات العَقَديَّة المترتِّبة على إحياءِ الآثارِ)، وفيه تمهيدٌ، وخمسةُ مباحِثَ:

المبحثُ الأوَّلُ: المخالَفةُ المتعَلِّقةُ بكلمةِ التوحيدِ.

المبحثُ الثَّاني: المخالَفةُ المتعَلِّقةُ بالتبَرُّكِ بالآثارِ.

المبحثُ الثَّالثُ: المخالَفةُ المتعَلِّقةُ بالتوَسُّلِ بالآثارِ.

المبحثُ الرَّابعُ: أبرَزُ صُوَرِ المخالَفاتِ التعَبُّديَّةِ المترتِّبةِ على إحياءِ الآثارِ.

المبحثُ الخامِسُ: أسبابُ المخالَفاتِ العَقَديَّةِ، والمفاسِدُ المترتِّبةُ على إحياءِ الآثارِ.

ثمَّ الخاتِمةُ، وذكَرَت فيها أهمَّ النتائجِ التي توصَّلت إليها، والتي منها:

1- أنَّ الآثارَ النَّبَويَّةَ الحديثيَّةَ المرويَّةَ الصَّحيحةَ أعظَمُ وأشرَفُ ما خلَّفَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من آثارٍ؛ لأنَّها وَحيٌ من اللهِ سبحانه وتعالى أوحاه إلى رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وليست كسائرِ الآثارِ.

2- أنَّ دعوى وجودِ آثارِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المنفَصِلةِ عن جسَدِه في زمانِنا هذا: دعوى مجرَّدةٌ عن البرهانِ والدَّليلِ القاطِعِ؛ إذ إنَّها تُصَنَّفُ ضِمنَ الآثارِ المزَيَّفةِ.

3- أنَّ التبَرُّكَ المشروع فيما اتَّصَل أو انفَصَل عن جسَدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اختَصَّ به أهلُ عَصرِه ومَن بَعْدَهم بقليلٍ، الذين حصَلَ لهم شيءٌ من آثارِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وآخِرُ من صَحَّ أنَّه كان عنده شيءٌ من شَعرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هو الإمامُ أحمدُ بنُ حنبلٍ رحمه الله. أمَّا أهلُ الأزمنةِ المتأخِّرةِ فقد فاتهم ذلك، وإن كان قد فاتهم هذا فلم تَفُتْهم بركةُ إحياءِ آثارِه الحديثيَّةِ المرويَّةِ الصَّحيحةِ؛ بالاستقامةِ على هَدْيه، واقتِفاءِ سُنَنِه، واتِّباعِ طريقِه بامتثالِ أوامِرِه واجتِنابِ نواهيه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.

4- أنَّنا أُمِرْنا بتعظيمِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومحبَّتِه واتِّباعِه وإحياءِ سُنَنِه، ولم نؤمَرْ بتعظيمِ الآثارِ والبِقاعِ المتعَلِّقةِ بمقامِه ومواضِعِ مُكثِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والتي وردت عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَرَضًا بدونِ قَصدٍ، ولا خُصَّت من الشَّرعِ بميزةٍ.

5- أنَّه لا يجوزُ زيارةُ مواضِعِ الهلاكِ، ولا إنشاءُ السَّيرِ لها بالأبدانِ لغير حاجةٍ، وأنَّ زيارتَها والدُّخولَ لها بقَصدِ الاتِّعاظِ والاعتبارِ غيرُ مشروعٍ؛ لأنَّ الصُّورةَ الموافِقةَ لرَسولِنا الكريمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه خرج لغَزوةِ تَبُوكَ ومَرَّ بديارِ ثمودَ غيرَ قاصدٍ لها، وتقَنَّع وأمَرَ بالإسراعِ في تجاوُزِها مع الخوفِ والبكاءِ، ولم يَنزِلْها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.

وكذلك لم يأتِ في الشَّرعِ الأمرُ بزيارتِها للاِّتعاظِ، أو الدُّخولِ إليها للاعتبارِ، وإنَّما جاء النَّهيُ عن دُخولِها، والتَّحذيرُ من المُكْثِ بها؛ فالاتِّعاظُ والاعتبارُ هو المنهَجُ النَّبويُّ لمن جاءت في طريقِه.

6- أنَّ الانتماءَ والاعتزازَ بغيرِ الإسلامِ: من أمورِ الجاهليَّةِ التي أذهبها اللهُ بالإسلامِ، وأبدل المسلمين خيرًا منها؛ حيث إنَّ الجاهليَّةَ مذمومةٌ في كُلِّ أحوالها؛ كحَمِيَّةِ الجاهليَّةِ، وظَنِّ الجاهليَّةِ، وتبَرُّجِ الجاهليَّةِ، وعزاءِ الجاهليَّةِ، ودعوى الجاهليَّةِ، وحُكمِ الجاهليَّةِ.

7- وبالجُملةِ فإنَّ الآثارَ على تنوُّعِها واختلافِ أحكامِها لا تخرجُ عن إحدى هذه الحالاتِ:

• آثارٌ ثابتٌ إحياؤها، وخَصَّ الشَّرعُ قَصْدَها لأمورٍ:

أ‌- التعَبُّدُ بها تقَرُّبًا إلى اللهِ عزَّ وجلَّ؛ مِثالُها: الآثارُ النَّبَويَّةُ الحديثيَّةُ المرويَّةُ، آثارُ المواسِمِ الدِّينيَّةِ الزَّمانيَّةِ المشروعةِ.

ب‌- التعبُّدُ عندها تقرُّبًا إلى اللهِ عزَّ وجَلَّ؛ مِثالُها: آثارُ المساجِدِ وما يلحَقُ بها من أماكِنِ التعَبُّدِ المشروعةِ.

ج‌- الاتِّعاظُ والاعتِبارُ، والتذكيرُ بالآخرةِ؛ كزيارةِ القبورِ بشكلٍ عامٍّ، وزيارةِ قبرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وصاحِبَيه رَضِيَ اللهُ عنهما، ومقبرةِ البَقيعِ، وشُهَداءِ أحدٍ على الخُصوصِ.

• آثارٌ غيرُ ثابتٍ إحياؤُها، وليس لها خُصوصيَّةٌ في الشَّرعِ، ولا تُقصَدُ لا بالعِبادةِ ولا بالزِّيارةِ، فضلًا عن شَدِّ الرِّحالِ إليها؛ مِثالُها:

1- آثارُ مقاماتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المكانيَّةِ.

2- آثارُ المواسِمِ الدِّينيَّةِ الزَّمانيَّةِ المُحدَثةِ.

3- الآثارُ الوَثَنيَّةُ الجاهليَّةُ.

4- آثارُ الأمَمِ الهالِكةِ.

5- آثارُ المشاهِدِ البِدعيَّةِ.

8- الأمَّةُ اليومَ ليست بحاجةٍ إلى إحياءِ آثارٍ ترابيَّةٍ، وإقامةِ متاحِفَ مَرئيَّةٍ، وإنَّما هي بأَمَسِّ الحاجةِ إلى إحياءِ الآثارِ النَّبَويَّةِ الحديثيَّةِ المرويَّةِ الصَّحيحةِ التي بها صلاحُ الأمَّةِ وسعادتُها الحقيقيَّةُ.

9- من مخاطرِ الاهتمامِ بعِلمِ الآثارِ والتنقيبِ عنها، وإحيائِها في بلاد المسلمينَ: الغَزوُ الفِكريُّ، من خلالِ إحياءِ الانتمائيَّةِ الوَثَنيَّةِ والجاهليَّةِ وتعظيمِها. والغَزوُ العَسكريُّ، من خلالِ إرسالِ الحَمَلاتِ والبَعَثاتِ الآثاريَّةِ؛ لطَمسِ الهُويَّةِ الإسلاميَّةِ. والتوهينُ الاقتصاديُّ العامُّ، من خلالِ رصدِ الأموالِ لحفظِ هذه الآثارِ، وإنشاءِ المعاهِدِ والمؤَسَّساتِ التي تُصرَفُ لها الميزانيَّاتُ الضَّخمةُ؛ فيَكثُرُ التوجُّهُ له، وفي المقابِلِ تُغفَلُ الميزانيَّاتُ الأخرى الأكثَرُ أهميَّةً، وهو نوعٌ من توهينِ الاقتصادِ العامِّ للدَّولةِ الإسلاميَّةِ، وشَغْلِ أبنائِها بما لا يُفيدُ، بل يضُرُّ؛ حيثُ إنَّ الدُّولَ التي اعتمدت أو جعَلَت المعالِمَ الأَثَريَّةَ أحدَ مصادِرِ الدَّخلِ الاقتصاديِّ للبلَدِ لم تحَقِّقِ الرَّخاءَ، بل جعلَها ذلك أكثَرَ ضَعفًا؛ لتعَلُّقِها بما يَسهُلُ الإضرارُ به، بخلافِ الزِّراعةِ والصِّناعةِ والتعليمِ والصِّحَّةِ والدِّفاعِ وغَيرِها من مشاريعِ التنميةِ التي تُعَدُّ من أقوى مصادِرِ الدَّخلِ وأنفَعِها، والاهتمامُ بها يرمُزُ إلى التقَدُّمِ.

10- أبرَزُ أسبابِ المخالَفاتِ العَقَديَّةِ المترتِّبةِ على إحياءِ الآثارِ: الجَهلُ، واتِّباعُ الهوى، والاعتِمادُ على الآراءِ، وانتِشارُ الآثارِ المَرويَّةِ الموضوعةِ والحِكاياتِ والقِصَص المختَلَقةِ، وتبَنِّي دُعاةِ الضَّلالةِ كثيرًا منها، والغُلُوُّ في الصَّالحين، والتعَصُّبُ للآراءِ والأشخاصِ، والتشَبُّهُ بالكُفَّارِ وتقليدُهم، والتقاعُسُ عن الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكَرِ، حتى تفَشَّت البِدَعُ والخُرافاتُ.

11- أبرَزُ المفاسِدِ المترتِّبةِ على إحياءِ الآثارِ: عودةُ المظاهِرِ الشِّرْكيَّةِ، وزَعزعةُ الولاءِ والبراءِ لدى المسلمين، وإساءةُ سُمعةِ الدِّينِ الإسلاميِّ، وتفَشِّي القوميَّةِ والعُنصريَّةِ، ووقوعُ الكَذِب بكُلِّ أشكالِه، وتسَلُّطُ أعداءِ المسلمينَ على بلادِهم.
 

والكتابُ من أفضل ما أُلِّف في هذا الموضوع.