قراءة وتعريف

بلوغُ المنال في أحكامِ صِيامِ السِّتِّ من شوَّال (قراءة وتعريف)
book
فهد بن يحيى العماري
عنوان الكتاب: بلوغُ المنال في أحكامِ صِيامِ السِّتِّ من شوَّال
اسم المؤلف: الشيخ فهد بن يحيى العماري
نوع الكتاب: حوار فقهي أصولي
الناشر: دار ابن الجوزي - الدمام
سنة الطبع: 1440هـ
عدد الصفحات: 100 صفحة

التعريف بموضوع الكتاب

ذكَّر المؤلِّفُ في مقدِّمتِه أنَّ الله أنعم على هذه الأمَّةِ بكثيرٍ من مواسِمِ الخيراتِ وفُرَصِ الطَّاعاتِ والعباداتِ، ومن ذلك ما يَعقُبُ موسِمَ رمضانَ من صيام السِّتِّ من شوَّالٍ، ثمَّ تحدَّث عن موقِفِ الفُقَهاءِ من دَلالةِ أحاديثِ صيامِ السِّتِّ من شوَّالٍ، وبيَّن أنَّها مسألة خلافيَّة، لكِنَّ كونَها من مسائل الخلاف لا يعني عدمَ بحثِها والتحَرِّي عمَّا هو أقربُ للصَّواب، وما تُعضِّدُه وتؤيِّدُه الأدلَّة، وأنَّ الحقَّ ليس محصورًا في مذهبٍ دون آخرَ، بل هو مُشتركٌ بين جميعِها؛ فتارةً يكونُ مع هذا، وتارةً مع ذاك، يدور حيث يدور الدَّليلُ الصَّحيحُ الخالي عن المُعارَضةِ روايةً ودرايةً.

وقد جاءت هذه الرِّسالةُ المختصَرةُ كما ذكر المؤلِّف -حفظه الله- جوابًا لما يُطرَح من بعض الإشكالات والتساؤلات والاعتراضات في مسألةِ حكمِ تقديمِ صيامِ القضاءِ من رمضانَ على السِّتِّ من شوَّالٍ، فكان الجوابُ عن تلك الإشكالاتِ وَفْقَ المباحثِ الأصوليَّة، وتخريجِ الفروع على الأصول؛ لأنَّ ذلك أضبطُ وأقعدُ وأبعدُ عن الاضطراب والتناقض، وألصقُ بالاطِّراد، وهي المعيارُ الدقيقُ في ذلك.

وقد قسَّم البحثَ إلى ثلاثة مباحثَ:

المبحث الأوَّل: وتضمَّن المسائلَ التاليةَ:

المسألةُ الأولى: هل يُشتَرَطُ في صيام السِّتِّ من شوَّالٍ أن تكونَ بعد صيام رمضانَ قضاءً لمن أفطر في رمضانَ؟ وذكر قولينِ لأهل العلم.

المسألةُ الثَّانيةُ: هل تصامُ السِّتُّ في غيرِ شوَّالٍ؟ وذكر أربعةَ أقوالٍ لأهل العلم.

المسألةُ الثَّالثة: هل تُقضى أيامُ السِّتِّ؟

وذكَرَ أدلَّةَ كلِّ قولٍ في المسائلِ السَّابقة، والاعتراضاتِ التي عليها ومناقشتَها؛ في المبحث الثَّالث ضِمنَ التطبيقات الأصوليَّة، وشَرَح ألفاظَ الحديثَ، وجمَعَ بينها؛ لكي يحصُلَ التناسبُ والتسلسلُ العِلميُّ والذِّهنيُّ بينها على طريقة الحِوارِ، وذكَرَ الاعتراضات والمناقشة خروجًا على الطريقة المعتادة والمتَّبَعة في ذِكرِ كُلِّ قولٍ وبَعْدَه الأدِلَّةُ والمناقشةُ؛ تنشيطًا للذِّهن، وتشويقًا للقارئِ، وتجديدًا في الطَّرح والأسلوب، كما ذَكَر.

وذكر في المبحث الثَّاني: أحاديثَ صيامِ السِّتِّ من شوَّالٍ.

وجعل حديثَ أبي أيُّوبَ الأنصاريِّ وحديثَ ثوبانَ رضي الله عنهما أصلًا في المسائِلِ السَّابقة:

فالأوَّلُ: عن أبي أيُّوبَ الأنصاريِّ رضي الله عنه أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((من صام رمضانَ ثمَّ أتبعَه سِتًّا من شوَّالٍ، كان كصيامِ الدَّهرِ)) رواه مسلم (1164)، وورد في روايةٍ عند النسائي (2876): ((من صام رمضانَ وأتبعَه سِتًّا من شوَّالٍ...)).

والثَّاني: عن ثوبانَ رضي الله عنه مولى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، عن رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((من صام سِتَّةَ أيَّامٍ بعد الفِطرِ كان تمامَ السَّنةِ؛ من جاء بالحسَنةِ فله عَشْرُ أمثالِها)) رواه اب ماجه (1715) وغيره، وفي لفظٍ آخرَ: ((صيامُ شَهرِ رمضانَ بعَشَرةِ أشهُرٍ، وصيامُ سِتَّةِ أيَّامٍ بشهرين، فذلك صيامُ السَّنةِ) رواه ابن خزيمة (2115)، وكلاهما صحيحٌ، وقام بسَرْدِ أسماءِ الأئمَّةِ المصَحِّحينَ لها سندًا.

ثمَّ ذكَرَ في المبحث الثَّالث: التطبيقاتِ الأصوليَّةَ لألفاظِ حديثِ أبي أيُّوبَ، مع شرحِ ألفاظِه، وبَيَّن حقيقةَ ألفاظِه لُغَويًّا وشرعيًّا، وحقيقةً ومجازًا، ثَّم بنى المؤلِّفُ بحثَه على جملةٍ من القواعد الفِقهيَّة والأصوليَّة، ومنها ما يلي:

قاعدةُ: (هل عمومُ الأشخاصِ يستلزِمُ عمومَ الأمكنةِ والأزمنةِ؟).

وقاعدةُ: (ما خرج مخرَجَ الغالبِ).

وقاعدةُ: (الأصلُ: حملُ الكلامِ على الحقيقةِ).

وقاعدةُ: (مفهومُ الشَّرطِ والزَّمانِ واللَّقَبِ).

وقاعدةُ: (ما قارب الشَّيءَ أخذَ حُكمَه).

وقاعدةُ: (المشَقَّةُ تجلِبُ التيسيرَ).

وقاعِدةُ: (الفَرضُ أفضَلُ من النَّفْلِ).

وقاعدةُ: (التعليلُ بالثَّوابِ).

وقاعدةُ: (يُتسامَحُ في النَّفلِ ما لا يُتسامَحُ في الفَرضِ، والنَّفلُ يُتوسَّعُ فيه).

وقد تناولها كُلَّها استدلالًا ومناقشةً لكُلٍّ من الفريقينِ في المسائلِ المتقَدِّمِ ذِكرُها.

وكانت الخلاصةُ والنتيجةُ:

أنَّ الأسعَدَ بالعَمَلِ وَفْقَ النَّصِّ الشَّرعيِّ من يرى وقوعَ صيامِ السِّتِّ في شَهرِ شوَّالٍ مِن صائمٍ أكمَلَ صيامَ شَهرِ رَمضانَ، وهذا هو المتيقَّنُ، فلا يُترَكُ لمشكوكٍ فيه، والقاعدةُ في المرجِّحاتِ: تقديمُ ما فيه احتياطٌ على غيرِه، وتقديمُ اليقينِ على غَيرِه. ومن المرَجِّحاتِ: تقديمُ الأثبتِ على الثَّابتِ عند الاختلافِ، ومن المرَجِّحاتِ: أن يشهَدَ لصِحَّةِ القولِ سياقُ الكلامِ، ويدُلَّ عليه ما قَبْلَه أو ما بَعْدَه، وأن يكونَ المعنى هو المتبادِرَ إلى الذِّهنِ؛ فإنَّ ذلك دليلٌ على ظُهورِه ورُجحانِه، والأصلُ: حملُ الكلامِ على ترتيبِه، وحملُ الكلامِ على الحقيقةِ، ويُرجَّحُ الظَّاهِرُ على المؤَوَّلِ.

والكِتابُ رَغْمَ صِغَرِ حَجمِه فإنَّه مفيدٌ وفريدٌ في بابِه.