قراءة وتعريف

حديثُ عِتْبانَ بْنِ مالكٍ رضي الله عنه - دراسة تحليليَّة
book
محمد بن عبد الله القناص
عنوان الكتاب: حديثُ عِتْبانَ بْنِ مالكٍ رضي الله عنه - دراسة تحليليَّة
اسـم المؤلف: محمد بن عبد الله القناص
النـاشــر: دار الصميعي - الرياض
سنة الطبع: الأولى - 1436هـ
عدد الصفحات: 89

التعريفُ بموضوعِ الكِتاب:

حديثُ عِتْبانَ بنِ مالكٍ الأنصاريِّ الخزْرَجيِّ رضي الله عنه؛ حديثٌ جليلٌ قد تَضمَّن كثيرًا من المسائِلِ العَقَديَّة والفقهيَّة والآداب والفوائد الكثيرة، فكان مِن المهِمِّ تناولُه بالشَّرح التحليليِّ، وكتابُ هذا الأسبوعِ قامَ مؤلِّفُه بذلك، مقَسِّمًا هذا الكتابَ بعد المقدِّمة إلى أربعةِ مباحثَ، وخاتمة، وأورَدَ تحتَ كلِّ مبحثٍ عددًا من المسائل:

المبحث الأوَّل: ذكَر فيه نصَّ الحديث، وتخريجَه وشواهِدَه، وشَرْحَ ألفاظِه، وذَكَر له طريقين وشاهدَيْنِ، ونصُّ الحديثِ: ((أن عِتْبانَ بنَ مالكٍ ، وكان مِن أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، ممَن شَهِدَ بدرًا مِن الأنصارِ : أنه أتى رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسولَ اللهِ ، إني أَنْكَرْتُ بصري ، وأنا أُصلِّي لقومي ، فإذا كانت الأمطاُر سال الوادي الذي بيني وبينَهم ، لم أَسْتَطَعْ أن آتي مسجدَهم لأُصَلِّيَ لهم ، فودَدْتُ يا رسولَ اللهِ ، أنك تأتي فتُصَلِّي في بيتي؛ فأَتَّخِذُه مُصَلًّى ، فقال: سأَفْعَلُ إن شاءَ اللهُ . قال عِتبانُ : فغدا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأبو بكرٍ حين ارتفَعَ النهارُ ، فاستَأْذَنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فأَذِنْتُ له ، فلم يَجْلِسْ حتى دخَلَ البيتَ ، ثم قال لي: أين تُحِبُّ أن أُصَلِّيَ مِن بيتِك ؟ فأَشَرْتُ إلى ناحيةٍ مِن البيتِ ، فقام النبيُّ صلى الله عليه وسلم فكَبَّرَ، فصَفَفْنَا ، فصلَّى ركعتين ثم سلَّمَ ، وحبَسْنَاه على خَزِيرٍ صنَعْنَاه ، فثاب في البيتِ رجالٌ مِن أهلِ الدارِ ذُوُو عددٍ فاجتمعوا ، فقال قائلٌ منهم : أين مالكُ بن الدُّخْشُنِ ؟ فقال بعضُهم : ذلك منافقٌ ، لا يُحِبُّ اللهَ ورسولَه. قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: لا تَقُلْ ، ألا تراه قال : لا إلهَ إلا اللهُ ، يريدُ بذلك وجهَ اللهِ . قال : اللهُ ورسولُه أعلم ، قال : قلنا : فإنا نرى وجهَه ونصيحتَه إلى المنافقين ، فقال: فإن اللهَ حرَّمَ على النارِ مَن قال : لا إلهَ إلا اللهُ ، يَبْتَغِي بذلك وجهَ اللهِ))

وفي المبحث الثاني: عَرَضَ أربَعَ مسائلَ مستنبَطةً من الحديث:

المسألة الأولى: فضْل كلمة التوحيد؛ ويدلُّ عليه قولُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّ اللهَ تعالى حرَّم على النَّار مَن قال: لا إله إلَّا اللهُ يَبتغي بذلك وَجْهَ الله))، ثمَّ أتبَعَ المؤلِّفُ ذلك بأحاديثَ أخرى تؤكِّدُ هذا المعنى، ثم ذكَر أنَّ هذا قد يُستَشْكَل مع ما تواتَرَ من نصوصِ الكتاب والسُّنَّة التي تُفيد أنَّ دخول الجنَّة والنَّجاة من النَّار يحتاجُ مع التوحيدِ إلى أداءِ الفرائض واجتناب المحارم، وذكَر لهذا التعارُضِ الظاهِرِ عِدَّةَ أجْوِبَةٍ تدفَعُه.

المسألة الثانيةِ: حُكْمَ اتِّخاذِ الموضِع الذي صلَّى فيه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مُصَلًّى يُتَبَرَّكُ به، وأورد فيه عددًا من النُّقولات عن أهل العِلم كابنِ عبد البَرِّ، وابن تيمِيَة، وابن حَجَر، وغيرهم، رحمهم الله تعالى، تُعَبِّرُ عن آرائهم حِيالَ هذه المسألة، مُرجِّحًا أنَّ الأمكنةَ التي صلَّى فيها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم اتِّفاقًا لا يُشْرَع اتِّخاذُها مصلًّى يُتَبَرَّكُ به.

المسألة الثَّالثة: إجراءُ أحكامِ المسلمين على الظَّاهِر، وبَيَّنَ فيها أنَّ التلفُّظَ بالشهادتينِ كافٍ في الحُكم بالإسلامِ، وفي إجراءِ أحكام المسلمين.

المسألة الرابعة: هل يُعْذَر بالتأويلِ مَنْ رَمَى المُسْلِمَ بالنِّفاق؛ فقد استدلَّ بعضُ العلماء بحديث عِتْبان بأنَّ مَن رمَى غيرَهُ بالنِّفاقِ فهو معذورٌ إذا وُجِدَت قرينةٌ تدلُّ على ذلك.

وأمَّا المبحث الثالث : فقدْ خصَّه المؤلِّفُ بالمسائلِ الفقهيَّة المستنْبَطة من الحديثِ، وجعَلها سِتَّ مسائل:

الأولى: جواز إمامة الأعمى. الثانية: جوازُ الجماعةِ في صلاةِ التطوُّع أحيانًا. الثالثة: الإمام إذا زار قومًا أمَّهُم. الرابعة: التخلُّف عن الجماعةِ في المطرِ والظُّلْمة. الخامسة: اتِّخاذ موضِعٍ مُعَيَّنٍ للصَّلاة. السادسة: هل يَرُدُّ المأمومُ السَّلامَ على الإمام؟

وعرَض في المبحث الرَّابعِ: عَشْرَ فوائِدَ وآدابٍ مَنثورةٍ تُستنبَط من الحديث، وهي:

أولًا: إحضارُ الصِّبيان مجالسَ العلم، والسِّنُّ المعتَبَرة للتحمُّل، وذَكَرَ أقوالًا لأهل العِلم في تحديد سِنِّ ذلك.

ثانيًا: استثباتُ طالبِ الحديث شَيْخَه فيما حدَّث به.

ثالثًا: مشروعيَّة الرِّحْلة في طَلَب العِلْم.

رابعًا: جوازُ كتابة العِلْم.

خامسًا: مُؤانسَة الأطفال وملاطفتهم.

سادسًا: ردُّ الأمورِ المستقبليَّة إلى مشيئةِ الله تعالى.

سابعًا: جوازُ إخبار المرءِ عن نفْسه بما فيه من عاهَةٍ، ذَاكِرًا الفَرْقَ بين الإخبار والشَّكوى، وأورَدَ في الفرق بينهما كلامًا لابن القيِّم في كتابه "الرُّوح"؛ حيث قال: (الفَرْق بين الإخبارِ بالحالِ وبين الشَّكوى وإنِ اشتبهَتْ صورتُهما: أنَّ الإخبارَ بالحالِ يَقْصِد المُخْبِرُ به قصدًا صحيحًا مَن عَلِمَ سببَ إدانتِه، أو الاعتذارَ لأخيه مِن أمرٍ طَلَبَه منه، أو يُحَذِّره مِن الوقوعِ في مِثل ما وقَع فيه، فيكون ناصِحًا بإخبارِه له أو حَمْله على الصَّبر بالتأسِّي به ... وأمَّا الشكوى فالإخبارُ العاري عن القَصْدِ الصَّحيحِ، بل يكون مصدرُه السَّخَطَ وشِكاية المُبْتَلي إلى غيره).

ثامنًا: وجودُ مساجِدَ للجماعة في المدينة سوى مسجدِه صلَّى الله عليه وسلَّم.

تاسعًا: جوازُ استصحابِ الزَّائر بعضَ أصحابه إذا عَلِمَ أنَّ المستدعيَ لا يكره.

عاشرًا: أنَّ عَيْبَ الإنسانِ بما يَظهَرُ منه لا يُعَدُّ غِيبةً.   

ثم ذكَر المؤلِّف في خاتمةِ هذا الكتابِ أهمَّ النتائج التي توصَّلَ إليها، ومِنْ أبرزِها:

- ترجيحُ استواءِ الأعْمى والبصيرِ في الإمامةِ.

 - جوازُ الجماعةِ في صلاة التطوُّع أحيانًا.

- أنَّ السُّلطانَ إذا زار قومًا أمَّهُم.

- جوازُ اتخاذ موضعٍ مُعَيَّنٍ للصلاة في البيت، ويُحمَل النهيُ الواردُ على الصَّلاةِ المكتوبةِ في المسجد.

- خَوْفُ الرِّياءِ، وأنَّ كلمةَ التوحيد يحصُل بها النَّجاةُ من النَّار، ودخولُ الجنة مع أداءِ الفرائض واجتنابِ المحارم.

- أنَّ أحكامَ المسلمين تَجري على الظاهِر، والعُذْر بالتأويل السَّائِغ لِمَن رمَى المسلِمَ بالنِّفاق.