قراءة وتعريف

بدع نهاية العام وبدايته
book
صالح بن مقبل العصيمي
عنوان الكتاب: بِدع نهاية العام وبدايته
النـاشـر: دار الهَدي النبوي - مصر، دار الفضيلة - الرياض
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: 1434هـ
عدد الصفحات: 239
التعريف بموضوع الكتاب :

لقد أكمل اللهُ تبارك وتعالى الدِّين, وأتمَّ النِّعمة, فلم ينتقِل رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى الرفيق الأعلى إلَّا والدِّينُ قد اتَّضحت معالمه, واشتدَّت أركانه, فتركَنا على البيضاء، ليلها كنهارها لا يَزيغ عنها إلَّا هالك، فأتى قومٌ من بعده أحدثوا أمورًا استحسنوها, وعبادات ارتضَوْها, متذرِّعين بأنَّها حسَنة, ولا بأسَ بها, متناسين أنَّ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم قد قال: ((كلُّ بِدعة ضلالةٌ))؛ فوجب على أهل العِلم أن يتصدَّوا لمثل هؤلاء, ويدحضوا باطلَهم, ويبيِّنوا ضلالهم.

وكتاب هذا الأسبوع يتناول الحديث عن نوع من أنواع البِدع التي انتشرت بين الناس، وهي بدع نهاية العام وبدايته, وقد تألَّف هذا الكتاب من تمهيد، وثمانية فصول:

ففي التَّمهيد : تحدَّث المؤلِّف عن تعريف البِدعة، فذكر لها تِسعةَ تعريفات, ثم استخلص هو: أنَّ البدعة متقيِّدة بالأمور الشرعيَّة، لا الأمور المادية الدنيويَّة، التي لا عَلاقة للشرع بها؛ فإنَّها لا تُعدُّ من البدع اصطلاحًا، كاختراع السيارات والطائرات وغيرها.

ثمَّ انتقل المؤلِّف إلى الفصل الأوَّل: وفيه حشَد أدلَّة تحريم البدع, من الكتاب والسُّنة, وأقوال الصَّحابة, والسَّلف الصالح, وإضافة إلى الأدلَّة العقليَّة, مع بيان أنَّ البِدعة شرٌّ من المعصية.

أمَّا الفصل الثاني: فقد خصَّصه المؤلِّف لذِكر أسباب البدع, مبيِّنًا أنَّ لها أسبابًا كثيرة, تُرسِّخها في الأذهان, وتجعل من الصعب اجتثاثَها واقتلاعها, فذكَر من هذه الأسباب: سكوت بعض أهل العِلم عن بيان البِدع والمحدَثات؛ فسكوتهم من الأسباب الرئيسيَّة في تفشيها وانتشارها, واستحسان أمرِها؛ إذ إنَّ سكوت العلماء يوهِم العوامَّ بأنَّ هذه البِدع لا تخالف الشرع, كما بيَّن المؤلِّف أنَّ الأصل في أهل العِلم هو إحياء السُّنن وإماتة البِدع, كما هو نهج السَّلف الصالح.

ومِن الأسباب التي أشار إليها المؤلِّف كذلك ما يَشيع بين الناس من عادات, داعيًا العلماءَ وأهلَ الفضل إلى المبادرة في الإنكار على ما شاع بين الناس في الأزمنة المتأخِّرة؛ فالناس ما أسرعَهم إلى البِدع! كما قال الإمامُ أبو زُرعة الرازي رحمه الله.

كما نقَل نقلًا قيِّمًا عن الإمام الشاطبيِّ رحمه الله، حيث قال: (التَّصميم على اتِّباع العوائد, وإن فسدت أو كانتْ مخالفةً للحق سببٌ من أسباب انتشار البِدع).

ومن الأسباب كذلك: تعاون المبتدِعة فيما بينهم, وتخويفُهم الناسَ إذا لم ينشروا بِدعهم.

ومن أهمِّ الأسباب: الجهل وقلَّة العلم؛ فإنَّه لا يأتي بالبِدع إلَّا الجهل وقلَّة العلم, وفي هذا الصَّدَد حث المؤلِّف الناس أن يتبعوا أهلَ العِلم العاملين العالمين بالسُّنن, وأوضح أنهم هم أهل الحقِّ وأتباعه.

كذلك ذكَر المؤلف سببًا آخَر مهمًّا، وهو تقليد الناس بعضهم لبعض, وعدَّه من أعظم أسباب تشبُّث الناس بالبِدع, ثم ذكر سببًا أخيرًا وهو تقليدُ مَن لا يجوز تقليده.

ثمَّ يأتي الفصل الثالث من الكتاب : الذي تحدَّث المؤلف فيه عن مسألة تخصيص أيَّام وليالٍ ومواسم بعبادات من غير دليل, وبدأ المؤلِّف بسَرْد أقوال أهل العلم في هذه المسألة, فذكر جملةً منها, وخلَص بعد ذلك إلى أنَّ تخصيص أيَّام وأسابيعَ أو أشهر بعبادات غير مشروعة هو من البِدع؛ لأنَّ تخصيص مواسم للعبادات لا يكون إلَّا من قِبَل الشَّرع.

بعد ذلك انتقل المؤلِّف للحديث عن مسألة تحوُّل بعض العبادات إلى بِدع, ذاكرًا أنَّ هناك العديد من العبادات يظنُّها الناس طاعاتٍ وقربات إلى الله مع أنَّها في الحقيقة بدعٌ فِعلُها محرَّم, إذا أُدِّيت في غير وقتها وزمانها ومكانها, وضرب لذلك عدَّة أمثلة.

ثم ذكر المؤلِّف فائدة مهمَّة، وهي أنَّ وجود بعض الفوائد في بعض البِدع لا يَنفي عنها البِدعيَّة, فهناك بِدع ليستْ من قبيل الباطل الخالِص الذي لا حقَّ فيه, ولا هي ممَّا تمحض فيه الشرُّ, إلَّا أنَّ الجانب الغالِب فيها هي المفسدة, بينما جانب المنفعة مرجوح, وهذا يدلُّ على وجوب إنكار البِدع مطلقًا, لا فَرقَ بين ما فيه حسن، أو كان بأكمله قبيحًا.

ثمَّ يأتي الفصل الرابع: والذي يعدِّد فيه المؤلِّف عددًا من بِدع نهاية العام, كبدعة طلب التحلُّل والعفو والصَّفح في نهاية العام, وكحثِّ الناس على التوبة في نهاية العام أيضًا. وبيَّن المؤلِّف في مبحث من مباحث هذا الفصل أنَّ المحاسبة تكون طوالَ العام، وليستْ في نهايته فقط, كما أوضح أنَّ صحائف الأعمال لا تُطوَى في نهاية العام بحسَب الاعتقاد الخاطئ, بل تُطوَى صحيفة ابن آدم في آخِر عُمره.

عقَد المؤلِّف بعد ذلك الفصل الخامس: وذَكَر فيه البِدع المشتركة بين نهاية العام وبدايته، كالحثِّ على أداء صلاة الفجر في آخِر أو أوَّل يوم في العام. أو كتخصيصهما ببعض العبادات كالصِّيام والقيام, والحث عليهما, والاعتمار, وتخصيص آخِر جُمُعة أو أوَّل جمعة في العام بمزايا من غير دليل.

وأمَّا الفصل السادس: فكان للحديث عن بِدع بداية العام, وقد بدأه المؤلِّف بسؤال، وهو: مَن يحدِّد بداية العام ونهايته؟ مؤكِّدًا أنَّ محرَّم ليس في الأصل أوَّلَ الأشهر الهجريَّة, وذاكرًا سببَ اتِّفاق الناس على ابتداء العام في محرَّم.

أمَّا عن حُكم التهنئة بالعام الجديد، فقد ذكَر المؤلِّف أنَّها ليستْ سُنَّة, وأنه لم يقُلْ أحد من أهل العلم بسُنيَّتها, ونقل المؤلِّف على ذلك عدَّة نقول من كلام أهل العِلم المتقدِّمين والمتأخِّرين, وذكر أنَّ الراجح تركُ التهنئة ابتداءً وردًّا.

ثم ذكَر المؤلِّف أنَّ من البِدع التي يُبتدأ بها في بداية العام: الالتزامَ بدعاء معيَّن, والالتزام بالحديث عن الهجرة النبويَّة, كما تناول بالحديث حُكمَ الاحتفال برأس السَّنة الهجريَّة, وأنَّه لم يرِدْ في الشرع, وبيَّن موقف العلماء من الأعياد غير الشرعيَّة, ذاكرًا أنَّ أوَّل مَن أحدث أعياد رأس السَّنة الهجريَّة هم العُبَيديُّون (الفاطميون), ونقَل العديد من أقوال أهل العلم في حُكم الاحتفال برأس السَّنة الهجريَّة, ثم سرَد مجموعةً من بدع بداية العام كشُرب الحليب, وأكل الملوخية, والعَصيدة, وشراء الفقاع, ولبس الملابس المعيَّنة، وغيرها.

بعد ذلك جاء يأتي الفصل السابع: ليذكر فيه المؤلِّف آثارَ البدع الخطيرة على الأمَّة، كإماتة السُّنة, وإثارة الجدَل والفوضى, وتفريق المجتمع, وضلال النَّاس وجهلهم.

ثم ذكَر في الفصل الثامن والأخير: وسائل الوقاية من البِدع، ومن هذه الأسباب: الاعتصام بالكتاب والسُّنة, والحرص على الأمْر بالمعروف والنهي عن المنكَر, وتراجُع العلماء عن أقوالهم المخالِفة للشَّرع, والقضاء على مواطن نشوء البِدع.