موسوعة اللغة العربية

الفَصْلُ الثَّاني: أهمِّيَّةُ عِلمِ الصَّرفِ


عِلمُ الصَّرفِ عِلمٌ يَحتاجُه كُلُّ دارِسٍ للُّغةِ العَرَبيَّةِ؛ فهو مِيزانُ العَرَبيَّةِ، فبِه نَعرِفُ أصلَ الكَلِمةِ مِن زَوائِدِها، وإذا كانَ في اللُّغةِ ما لا نَصِلُ إلَيه إلَّا سَماعًا، فإنَّ الجُزءَ الأكبَرَ مِنَ اللُّغةِ واقِعٌ تَحتَ بابِ القياسِ، وذلك لا يُمكِنُ مَعرِفَتُه إلَّا مِن خِلالِ عِلمِ الصَّرفِ [10] يُنظر: ((المنصف)) لابن جِنِّي (1/ 2). ، ومِمَّا يَجدُرُ ذِكرُه أنَّ عِلمَ الصَّرفِ كانَ يَنبَغي أن يُقدَّمَ عَلى غَيرِه مِن عُلومِ العَرَبيَّةِ؛ إذ إنَّه يَختَصُّ بمَعرِفةِ الكَلِمةِ في ذاتِها دونَ أن تُرَكَّبَ في جُملةٍ، ومَعرِفةُ الشَّيءِ في ذاتِه قَبلَ التَّركيبِ مُقَدَّمةٌ عَلى مَعرِفَتِه بَعدَ التَّركيبِ، لكِنْ تَأخُّرُه بين عُلومِ العَرَبيَّةِ جاءَ لدِقَّتِه وحاجةِ طالِبِه للتَّدريبِ [11] يُنظر: ((الممتع الكبير في التصريف)) لابن عصفور (ص: 33). .
مَوضوعُه: الألفاظُ العَرَبيَّةُ صِحَّةً واعتِلالًا، وأصالةً وزيادةً، وغَيرَ ذلك [12] يُنظر: ((شذا العرف في فن الصرف)) للحملاوي (ص: 11). .
ما يَدخُلُ مِن كَلامِ العَرَبِ تَحتَ عِلمِ الصَّرفِ وما لا يَدخُلُ:
يَدخُلُ تَحتَ البَحثِ في عِلمِ الصَّرفِ أمرانِ:
1- الأسماءُ المُتَمَكِّنةُ، وهي الَّتي لا تُشبِهُ الحَرفَ [13] يُقَسِّمُ النحويُّونَ الأسماءَ إلى: أسماءٍ مُتمَكِّنةٍ، وهي نوعانِ: مُتمَكِّنٌ أمكَنُ: وهو الذي لا يُشبِهُ الفِعْلَ ولا الحَرْفَ، ويَقبَلُ التنوينَ في حالةِ التنكيرِ؛ ومُتمَكِّنٌ غيرُ أمكَنَ: وهو ما يُعرَفُ في اللُّغةِ بالممنوعِ مِنَ الصَّرفِ؛ وأسماءٌ غَيرُ مُتمَكِّنةٍ: وهي التي تُشبِهُ الحَرْفَ من حيثُ البِنيةُ أو عَدَدُ الحُروفِ؛ مِثلُ تاءِ الفاعِلِ، أو مِن حيثُ المعنى، كأسماءِ الإشارةِ والموصولِ؛ لأنَّها لا معنى لها في ذاتِها، إنَّما تَدُلُّ على معنًى في غيرِها، وتلك خَصيصةٌ مِن خصائِصِ الحُروفِ. يُنظر: ((التطبيق النحوي)) لعبده الراجحي (ص: 42). .
2- والأفعالُ المُتصَرِّفةُ (غيرُ الجامِدةِ) [14] يُنظر: ((المساعد)) لابن عقيل (4/ 6). .
ويَخرُجُ مِنه:
1- الأسماءُ الأعجَمِيَّةُ؛ لأنَّها مَنقولةٌ مِن لُغةٍ غَيرِ اللُّغةِ العَرَبيَّةِ، ولَها حُكمٌ يَخُصُّها.
2- الحُروفُ وما يُشبِهُها مِنَ الأسماءِ المُتَوَغِّلةِ في البِناءِ، مِثلُ: (ما ومَن).
3- والأصَواتُ، مِثْلُ: كَخٍ لزَجْرِ الطِّفلِ، و(حايِ) لزَجرِ الإبِلِ.
4- والأفعالُ الجامِدةُ، مِثلُ: ليسَ وعَسى، وسَبَبُ إخراجِ الحُروفِ وما أشبَهَها مِنَ الأسماءِ المُتَوَغِّلةِ في البِناءِ، والأفعالِ الجامِدةِ: أنَّها تَلزَمُ حالةً واحِدةً، ولا تَنقَلِبُ البِنيةُ مِن حالٍ إلى حالٍ؛ فلا يَدخُلُها عِلمُ التَّصريفِ [15] يُنظر: ((الممتع الكبير في التصريف)) لابن عصفور (ص: 35)، ((المساعد)) لابن عقيل (1/ 6، 7). .
استِمدادُه: مِن كَلامِ اللهِ ورَسولِه، وكَلامِ العَرَبِ.
واضِعُه: مُعاذُ بنُ مُسلِمٍ الهرَّاءُ [16] يُنظر: ((شذا العرف في فن الصرف)) للحملاوي (ص: 11). ؛ قالَ السُّيوطيُّ: (واتَّفَقوا عَلى أنَّ مُعاذًا الهَرَّاءَ أوَّلُ مَن وضَعَ التَّصريفَ) [17] يُنظر: ((الاقتراح في أصول النحو وجدله)) للسيوطي (ص: 428). ، وقالَ أيضًا: (... يُقالُ له مُعاذُ بنُ مُسلمٍ الهَرَّاءُ، وهو نَحويٌّ مَشهورٌ، وهو أوَّلُ مَن وضعَ التَّصريفَ) [18] يُنظر: ((المزهر)) للسيوطي (2/ 248). .
ثَمَرتُه: صِيانةُ الألسِنَةِ والأقلامِ عن الوُقوعِ في الخَطَأِ في مُفرَادتِ اللُّغةِ [19] يُنظر: ((شذا العرف في فن الصرف)) للحملاوي (ص: 11). ، وفَهْمُ تُراثِ العَرَبِ اللُّغويِّ [20] يُنظر: ((مختصر الصرف)) لعبد الهادي الفضلي (ص: 8). .
أقسامُه:
يَنقَسِمُ عِلْمُ الصَّرْفِ قِسْمَينِ:
1- الصِّيَغُ المُختَلِفةُ للكَلِمةِ الَّتي تُعطي مَعانيَ مُختَلِفةً، مِثلُ: عَلَمٍ، عِلْمٍ، تَعلَّمَ، مُعَلِّمٍ، عَلِمَ، مُتَعَلِّمٌ ...، وهو القِسمُ المَعنَويُّ في التَّغييرِ.
2- التَّغييرُ الَّذي يَلحَقُ أصلَ الكَلِمةِ لغَيرِ مَعنًى، كتَغييرِنا (قَوَلَ) إلى (قالَ)، ويَنحَصِرُ في الزِّيادةِ والحَذفِ، والإبدالِ والقَلبِ والنَّقلِ والإدغامِ، وهو القِسمُ اللَّفظيُّ [21] يُنظر: ((الممتع الكبير في التصريف)) لابن عصفور (ص: 33)، ((ارتشاف الضرب)) لأبي حيان (1/ 22)، ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 653). .
نُبذةٌ عن تاريخِ نَشأةِ العِلمِ وتطَوُّرِ التَّأليفِ فيه:
تُؤرِّخُ الرِّواياتُ لواضِعِ عِلمِ النَّحْوِ، وتختَلِفُ وتضطَرِبُ اضطرابًا كبيرًا في تحديدِ الواضِعِ؛ فمنها ما يجعَلُ واضِعَ النَّحوِ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، ومنها ما يجعَلُه الإمامَ عليَّ بنَ أبي طالبٍ، ومنها ما يَنسُبُه إلى زيادِ بنِ أبيه والي البَصْرةِ، على أنَّه يُلحَظُ في أثناء تلك الرِّواياتِ تَرَدُّدُ اسمِ "أبي الأسوَدِ الدُّؤَليِّ" [22] أبو الأسوَدِ الدُّؤَليُّ: ظالمُ بنُ عَمرِو بنِ سُفيانَ الدُّؤَليُّ، من أصحابِ الإمامِ عليٍّ ومحِبِّيه ومحِبِّي أهلِ بَيتِه. يُنظر: ((نزهة الألباء)) لأبي البركات ابن الأنباري (1/ 17 - 18). ؛ فأبو الأسودِ الدُّؤَليُّ هو العُنصُرُ الثَّابِتُ في تلك الرِّواياتِ، الذي يضَعُ عِلمَ النَّحوِ؛ إمَّا بأمرٍ من عُمَرَ بنِ الخطَّابِ، أو عليِّ بنِ أبي طالبٍ، أو زيادِ بنِ أبيه، على اختلافِ أزمِنَتِهم، ومن الرِّواياتِ ما نَسَبَت الوَضعَ إلى أبي الأسوَدِ نَفسِه دونَ إشارةٍ من أحَدٍ، إنَّما هو مَن أشار على الإمامِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ بذلك لَمَّا فشا اللَّحنُ، وثَمَّةَ رواياتٌ أخرى تنسُبُ نشأةَ عِلمِ النَّحوِ إلى نَصرِ بنِ عاصمٍ، ورواياتٌ تنسُبُه إلى عبدِ الرَّحمنِ بنِ هُرمُزَ، وليس ذلك بصحيحٍ؛ إذ كلاهما -نَصرُ بنُ عاصمٍ، وعبدُ الرَّحمنِ بنُ هُرمُزَ- من تلاميذِ أبي الأسوَدِ، وأقرَبُ القولِ أنَّ أبا الأسوَدِ وضعَه بإشارةٍ من الإمامِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ، وأنَّه قال له: "انحُ هذا النَّحْوَ يا أبا الأسوَدِ"، بَعدَ أنْ قَسَّم الكَلِمةَ إلى اسمٍ وفعلٍ وحرفٍ؛ لذا سُمِّيَ هذا العلمُ بـ "عِلمِ النَّحْوِ" [23] يُنظر: ((نزهة الألباء)) لأبي البركات ابن الأنباري (1/ 17 – 22). .
أين عِلمُ الصَّرفِ إذًا؟ إنَّ عِلمَ الصَّرفِ من العُلومِ التي يجبُ أن تُقدَّمَ على عِلمِ النَّحوِ؛ لاختصاصِه بالكَلِمةِ نَفسِها [24] يُنظر: ((المنصف)) لابن جني (1/ 4، 5). ، لكنَّ تأخُرَّه عن عِلمِ النَّحوِ إنَّما جاء لأنَّ اللَّحْنَ في العربيَّةِ كان مبدَأُ ظهورِه في أواخِرِ الكَلِماتِ فيما يتعَلَّقُ بالإعرابِ، فكان الاتِّجاهُ نحوَ وَضعِ القواعِدِ والأسُسِ التي تضبِطُ اللِّسانَ من الوُقوعِ في الخطَأِ "النَّحْويِّ"، ولا يعني ذلك أنَّ عِلمَ الصَّرفِ لم ينشَأْ إلَّا بَعدَ نشأةِ النَّحوِ؛ فإنَّ ظاهِرةَ اللَّحْنِ ظَلَّت في تَفَشٍّ وانتِشارٍ، ودَخَل اللَّحْنُ الكَلِماتِ نَفْسَها، فنشأ علمُ الصَّرفِ في كَنَفِ عِلمِ النَّحوِ، ولم يكُنْ مُتقَدِّمو النُّحاةِ من الطَّبَقاتِ البَصريَّةِ الأولى يمَيِّزون بَينَ العِلمَينِ؛ فالعِلْمانِ معًا كان يُطلَقُ عليهما عِلمُ "العَرَبيَّةِ" قَبلَ أن يكونَ ثمَّةَ تمييزٌ وإطلاقٌ لمُصطَلَحيِ "النَّحوِ"، و"التَّصريفِ"؛ يدُلُّ على هذا ما ذكره ابنُ سلَّامٍ في طبَقاتِه: (وَكَانَ أوَّلَ من أسَّس الْعَرَبيَّةَ، وفتَح بَابها وأنهَج سَبيلَها، وَوضَع قياسَها: أبو الأسوَدِ الدُّؤَليُّ) [25] يُنظر: ((طبقات فحول الشعراء)) لابن سلَّام الجمحي (1/ 12). ، وقولُ ابنِ قُتَيبةَ عن أبي الأسوَدِ الدُّؤَليِّ: (وهو أوَّلُ من وَضَع العَرَبيَّةَ) [26] يُنظر: ((المعارف)) لابن قتيبة (1/ 434). .
ومِن ثَمَّ فإنَّ المَرحلةَ الأولى من مراحِلِ نشأةِ عِلمِ "العَرَبيَّةِ" كانت الأنظارُ فيها متَّجِهةً نحوَ أواخِرِ الكَلِماتِ؛ لفُشُوِّ اللَّحنِ فيها، ولم يكُنْ فيها تمايُزٌ بَينَ عُلومِ العَرَبيَّةِ، وكانت المرحلةُ الأولى تضُمُّ أبا الأسوَدِ الدُّؤَليَّ ورجالَه، وهم: عَنبَسةُ الفِيلُ، ونَصرُ بنُ عاصِمٍ، وعبدُ الرَّحمنِ بنُ هُرمُزَ، ويحيى بنُ يَعمَرَ، وتضُمُّ أيضًا عبدَ اللهِ بنَ أبي إسحاقَ الحَضْرَميَّ، وعيسى بنَ عُمَرَ، وأبا عَمرِو بنَ العلاءِ.
على أنَّه في تلك المرحلةِ ظَهر في الكوفةِ مُعاذٌ الهَرَّاءُ [27]  معاذٌ الهَرَّاءُ: هو معاذُ بنُ مُسلمٍ الهرَّاءُ، لُقِّب بالهَرَّاءِ لأنَّه كان يَبيعُ الهَرَويَّ من الثِّيابِ، وُلِد في أيَّامِ الخليفةِ يزيدَ بنِ عبدِ الملِكِ الأُمَويِّ، وتُوفِّيَ في خلافةِ الرَّشيدِ سنةَ 187ه، أخَذ عنه الكِسائيُّ شَيخُ المدرسةِ الكوفيَّةِ. يُنظر: ((نزهة الألباء)) لابن الأنباري (ص: 50). ، وهو الذي عُدَّ واضِعَ عِلمِ الصَّرفِ [28] يُنظر: ((الاقتراح في أصول النحو وجدله)) للسيوطي (ص: 428). ؛ لأنَّه كان مولَعًا بالأبنيةِ والتَّمارينِ، وقد استَنبط الكوفيُّون كثيرًا من القواعِدِ الصَّرفيَّةِ سابقينَ بذلك البَصْريِّين؛ الذين كان الصَّرفُ عِندَهم في الدَّرَجةِ الثَّانيةِ بَعدَ النَّحوِ.
وفي مَرحلةٍ لاحِقةٍ، ومِن لَدُنِ الخَليلِ بنِ أحمدَ الفراهيديِّ ومَن بَعدَه، بدأ عِلمُ الصَّرفِ في التَّمايُزِ عن النَّحوِ من حيثُ المباحِثُ والمسائِلُ لا من حيثُ التَّأليفُ؛ فلم تكُنْ مباحِثُ عِلمِ الصَّرفِ تُتناوَلُ إلَّا في طَيِّ كتُبِ النَّحوِ، وأقدَمُ كتابٍ يتَّضِحُ فيه ذلك كتابُ سِيبَوَيهِ، الذي يدُلُّ دَلالةً قاطعةً على نُشوءِ عِلمِ الصَّرفِ في كَنَفِ علمِ النَّحوِ، وإن كان عِلمُ النَّحوِ هو الذي التُفِتَ إليه أوَّلًا لسَبَبٍ تاريخيٍّ، وظَلَّ القُدَماءُ يتناوَلون مباحِثَ عِلمِ الصَّرفِ كجُزءٍ من عِلمِ النَّحوِ، حتَّى أتى أبو عُثمانَ المازِنيُّ، وهو أوَّلُ مَن خَلَّص الصَّرفَ من إسارِ النَّحوِ، وفصَّل مسائِلَه في كتابِه "التَّصريف"، وإذا كان أبو عُثمانَ المازِنيُّ أوَّلَ مَن كَتَب كتابًا مُستَقِلًّا في الصَّرفِ، فلا يعني أنَّه أوَّلُ مَن كَتَب فيه؛ فقد سبقَتْه جُهودُ الكوفيِّين -وعلى رأسِهم مُعاذٌ الهَرَّاءُ- ثمَّ جُهودُ البَصريِّين، كما يتَّضِحُ في مسائِلِ الصَّرفِ في كتابِ سِيبَوَيهِ إمامِ النُّحاةِ، إنَّما كان أبو عُثمانَ المازِنيُّ أوَّلَ مَن جَعَله عِلمًا مُستَقِلًّا بالتَّأليفِ عن النَّحوِ، فخطا على خُطاه كُلُّ من ألَّف في الصَّرفِ وَحدَه مِن بَعدِه، ولا يعني ذلك أنَّ أحدًا لم يَعُدْ يَتْبَعُ الطَّريقةَ القديمةَ في الخَلطِ بَينَ النَّحوِ والصَّرفِ؛ فقد ظَلَّت تلك الطَّريقةُ مُتداوَلةً؛ ذلك أنَّ وشيجةَ القرابةِ بَينَ النَّحوِ والصَّرفِ قويَّةٌ ممتَدَّةٌ. يقولُ ابنُ جِنِّي: (... أنَّك لا تكادُ تَجِدُ كتابًا في النَّحوِ إلَّا والتَّصريفُ في آخِرِه) [29] يُنظر: ((المنصف)) لابن جني (1/ 4). ، حتَّى إنَّ قِمَّةَ التَّأليفِ النَّحْويِّ عندَ ابنِ مالِكٍ في خلاصتِه جاء على نَفسِ المِنوالِ؛ فقد وضع ابنُ مالكٍ مباحِثَ النَّحوِ أوَّلًا، ثمَّ عمَد إلى مباحِثِ الصَّرفِ فوضَعَها آخِرًا [30] يُنظر: ((نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة)) للشيخ محمد الطنطاوي (ص: 32 – 41). .
الفَرْقُ بينه وبَيْنَ عِلْمِ النَّحوِ:
عِلمُ الصَّرفِ وَثيقُ الصِّلةِ بعِلمِ النَّحوِ، والدَّليلُ عَلى ذلك أنَّ كثيرًا مِن كُتُبِ النَّحوِ تَعقِدُ بابًا لعِلمِ الصَّرفِ في آخِرِها، فهو عِندَهم جُزءٌ مِنَ النَّحوِ؛ قالَ الرَّضِيُّ: (واعلَمْ أنَّ التَّصريفَ جُزءٌ مِن أجزاءِ النَّحوِ بلا خِلافٍ مِن أهلِ الصِّناعةِ) [31] يُنظر: ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (1/ 6). ، والفَرْقُ بين العِلْمَينِ -كما ذَكَر ابنُ جِنِّي [32] يُنظر: ((المنصف)) لابن جِنِّي (1/ 4). - أنَّ عِلمَ النَّحوِ يَختَصُّ بدِراسةِ الكَلِمةِ مِن حَيثُ الإعرابُ والبِنَاءُ، أي: دِراسةِ ما يَلحَقُ أواخِرَ الكَلِماتِ المُرَكَّبةِ في جُمَلٍ، أمَّا عِلمُ الصَّرفِ فيَتَوَفَّرُ عَلى دِراسةِ الكَلِمةِ مِن حَيثُ البِنيةُ دونَ احتياجٍ إلى تَركيبِها في جُملةٍ [33] يُنظر: ((مختصر الصرف)) لعبد الهادي الفضلي (ص: 8). .

انظر أيضا: