موسوعة اللغة العربية

 الفَصْلُ السَّادِسُ: الاختِصاصُ


تعريفُ الاختِصاصِ: تخصيصُ حُكمٍ عُلِّقَ بضميرٍ، بما تأخَّر عنه من اسمٍ ظاهرٍ مُعَرَّفٍ، والباعِثُ عليه إمَّا الفَخرُ، وإمَّا التواضُعُ، وإما زيادةُ بيانٍ.
أو: هو استِعمالُ الخَبَرِ بصورةِ النِّداءِ توَسُّعًا، كما يُستعمَلُ الخَبَرُ ويُرادُ به الأمرُ، والأمرُ ويرادُ به الخَبَرُ.
شَرحُ التَّعريفِ:
أسلوبُ الاختصاصِ هو أن يأتيَ بعد الضَّميرِ اسمٌ ظاهِرٌ مُعَرَّفٌ يخصُّ عمومَه، وهو مَفعولٌ لفعلٍ مُضْمَرٍ وجوبًا، تقديرُه: أعني أو أخُصُّ. تَقولُ: نحنُ -العربَ- خيرُ الأجناسِ؛ فإنَّ (العرَبَ) هنا خصَّصت عمومَ ما في الضَّميرِ "نحن"؛ إذ لو سكت عن بيانه لاشتبه علينا يَقصِدُ مَن بـ(نحن)؟ آلمُسلِمين أم العَرَبَ أم قبيلَتَه أم غيرَ ذلك؟!
وتختَلِفُ أغراضُ الاختصاصِ بين الفخرِ، كقَولِك: عَلَيَّ -أيُّها الشُّجاعُ- يعتَمِدُ القومُ في الحربِ، أو التواضُعِ، تَقولُ: أنا -العبدَ الفقيرَ- أمتلك بيتًا كبيرًا، أو زيادةِ البيانِ، تَقولُ: إنَّنا -بني فلانٍ- نسكُنُ منطَقةَ كذا.
ويأتي الاختصاصُ على صورتين:
1- (أيُّها) و(أيَّتُها) وصِفَتُهما: بدون أداة النداءِ، ويكونُ "أيُّ" و"أية" مَبْنيَّين على الضَّمِّ في مَحَلِّ نَصبٍ مَفعولٌ به لفِعلٍ مَحذوفٍ، وما بَعْدَهما صفةٌ لهما واجِبُ الرَّفع، بخلافه في النداءِ؛ حيث يكون جائِزَ الرَّفعِ. تَقولُ: أنا -أيُّها العبدُ- فقيرٌ إلى رحمةِ اللهِ، ومنه قولُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «وَإِنَّ أَمِينَنَا -أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ- أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ».
إن: حرفٌ ناصِبٌ ناسِخٌ مَبْنيٌّ على الفَتحِ.
أمينَنا: أمين: اسمُ (إن) منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ، و(نا) ضَميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ جَرٍّ مُضافٌ إليه.
أيَّتُها: أية: منادى مَبْنيٌّ على الضَّمِّ، في مَحَلِّ نَصبٍ مَفعولٌ به لفِعلٍ مَحذوفٍ وجوبًا تقديرُه: أخُصُّ أو أعني، والهاءُ للتنبيهِ.
الأمة: نعت مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
أبو: خَبَر (إن) مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الواو؛ لأنَّه من الأسماءِ السِّتَّةِ.
عبيدة: مُضافٌ إليه مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الفتحة؛ لأنَّه ممنوعٌ من الصَّرفِ.
بن: نعت مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
الجراح: مُضافٌ إليه مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
2- أن يكونَ بغيرِ "أيُّها وأيَّتُها"، ويُشتَرَطُ فيه أن يكونَ مَعرِفةً، سواءٌ كان بالإضافةِ أم عَلَمًا أم محلًّى بـ(أل). وهذا يُنصَبُ بالفِعْل المحذوف. تَقولُ: نحن -المُسلِمين- أقرى النَّاسِ للضَّيفِ، ومنه قول النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إِنَّا -مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ- لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ » أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (6309) من حديث مالك بن أوس بن الحدثان رضي الله عنه. وأخرجه أحمد (9972) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: ((إنا معشر الأنبياء لا نورث، ما تركت بعد مئونة عاملي، ونفقة نسائي، صدقة)) .
إعراب: نحن -المُسلِمين- أقرى النَّاسِ للضَّيفِ
نحن: ضَميرٌ مَبْنيٌّ على الضَّمِّ في مَحَلِّ رَفعٍ مُبتَدَأٌ.
المُسلِمين: مَفعولٌ به لفِعلٍ مَحذوفٍ وجوبًا تقديرُه: أعني، منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الياء؛ لأنَّه جَمعُ مُذَكَّرٍ سالِمٌ.
أقرى: خَبَرٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ المُقَدَّرةُ للتعذُّرِ.
الناس: مُضافٌ إليه مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ.
للضيف: اللام حَرفُ جَرٍّ، الضيفِ: اسمٌ مَجرورٌ باللَّامِ وعلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
ويأتي الاختصاصُ دائمًا مع ضمائِرِ المتكلِّم المُفرَدِ أو الجمعِ، ويَشِذُّ مع ضَميرِ الغائِبِ، فلا يقالُ: هم -أبناءَ الفُرسِ- أكثَرَ النَّاسِ مالًا.
لكن قد يأتي مع ضَميرِ المُخاطَبِ. تَقولُ: لك -اللهَ- الفَضلُ.
لك: اللام حَرفُ جَرٍّ، والكاف ضَميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ جرٍّ اسمٌ مَجرورٌ.
اسم الجلالة: مَفعولٌ به لفِعلٍ مَحذوفٍ وجوبًا تقديرُه: أعني، منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
الفضل: مُبتَدَأٌ مؤخر مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ يُنظَر: ((شرح الكافية الشافية)) لابن مالك (3/ 1374)، ((شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو)) لخالد الأزهري (2/ 268). .

انظر أيضا: