موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ السَّابعُ: أحكامُ تابعِ المنادى


- القِسمُ الأوَّلُ: إذا كان المنادى منصوبًا لفظًا لا مَبْنيًّا على الضَّمِّ:
إذا كان المنادى منصوبًا لفظًا -وهو المضافُ والشبيهُ بالمضافِ والنَّكِرةُ غيرُ المقصودة-، ففي تابعه حُكمانِ:
الأوَّلُ: وجوبُ النَّصْبِ: وذلك إذا كان التابع نعتًا أو توكيدًا أو عَطفَ بيانٍ أو عَطفَ نسَقٍ فيه (أل)، نَحوُ قَولِك: يا صديقي العزيزَ أحبُّك، يا عربيًّا مخلصًا تفاءَلْ، يا عربًا أهلَ اللغةِ الواحِدةِ، والروابطِ الوثيقةِ، يا مُسلِمين كُلَّكُم، يا أبا عليٍّ والغلامَ، يا أهلَ البلدةِ الكِرامَ.
(يا) أداةُ نداءٍ حرفٌ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لا مَحَلَّ له مِنَ الإعرابِ.
(أهلَ) منادى منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
(البلدة) مُضافٌ إليه مَجرورٌ، وعَلامةُ الجرِّ الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
(الكرامَ) نعتٌ منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفتحةُ.
الثاني: إذا كان التابعُ بَدَلًا أو معطوفًا مُجَرَّدًا من (أل):
فهنا يُجعَلُ البَدَلُ والمعطوفُ في حُكمِ المنادى المستقِلِّ؛ فلو قُلتَ: يا ابنَ الخَطَّابِ عُمَرُ، كان إعرابُ عمر: بَدَلًا مَبْنيًّا على الضَّمِّ في مَحَلِّ نصبٍ؛ لأنَّه عَلَم، فلو كان منادًى لكان حَقُّه البناءَ.
وكذلك قولك: يا أبا عُبَيدةَ وخالِدُ.
وإنما جُعِلا في حُكمِ المنادى المستقِلِّ؛ لأنَّهما يَصلُحانِ لدُخولِ (يا) عليهما، ولهذا احترزنا من المعطوفِ المقترِنِ بـ(أل)، ولأنَّ البَدَلَ في قوَّةِ تَكرارِ العامِلِ، والعاطِفُ كالنائبِ عن العامِلِ.
وذهب بعضُ النحاةِ إلى أن يُنصَبَ أيضًا، فيكونُ كُلُّ تابعٍ للمنادى المنصوبِ منصوبًا مِثْلَه للتبَعِيَّةِ؛ كالتوكيدِ والنَّعتِ وعطفِ البيانِ؛ فتَقولُ: يا أبا عُبَيدةَ وخالدًا، ويا ابنَ العاصِ عَمْرًا يُنظَر: ((توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك)) للمرادي (2/ 1073)، ((النحو الوافي)) لعباس حسن (4/ 40). .
القسم الثاني: تابِعُ المنادى المَبْنيِّ على الضَّمِّ، وهو النَّكِرةُ المقصودةُ والعَلَمُ:
وفي إعرابِه أربعةُ أحوالٍ:
الأوَّلُ: ما يجِبُ نَصبُه تبعًا لمحلِّ المنادى، وهو النَّعتُ وعَطفُ البيانِ والتوكيدُ، إذا كانوا مضافَينِ مُجَرَّدينِ من (أل).
مثالُ النعتِ: يا زيدُ صاحبَ عَمرٍو.
مثالُ عَطفِ البيانِ: يا زيدُ أبا عبدِ اللهِ.
مثالُ التوكيدِ: يا تميمُ كلَّهم.
(يا) أداةُ نداءٍ حرفٌ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لا مَحَلَّ له مِنَ الإعرابِ.
(زيد) منادى مَبْنيٌّ على الضَّمِّ في مَحَلِّ نصبٍ.
(صاحب) نعتٌ منصوبٌ تبعًا لمحلِّ (زيد) وهو مضافٌ.
(عمرو) مُضافٌ إليه مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
وكذا القَولُ في عطفِ البيانِ والتوكيدِ.
الثاني: ما يجِبُ رَفعُه تبعًا للَفظِ المنادى، وهو تابِعُ (أيُّها، أيَّتُها، اسمُ الإشارةِ).
مِثْلُ: يا أيَّها الرجُلُ، ويا أيَّتُها المرأةُ، ويا هذا الرَّجُلُ، ويا هذه المرأةُ. ومنه قَولُه تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة: 21] ، وقَولُه تعالى: يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ [الانفطار: 6].
(يا) أداةُ نداءٍ، حرفٌ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لا مَحَلَّ له مِنَ الإعرابِ.
(أيها) أيُّ: منادى مَبْنيٌّ على الضَّمِّ، و(ها) زائدةٌ للتنبيهِ.
(الرَّجُلُ) صِفةٌ لـ(أيُّ)، مرفوعةٌ، وعَلامةُ الرَّفع الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
الثَّالثُ: ما يجوزُ فيه الوجهانِ، الرَّفعُ تبعًا للَفظِ المنادى، والنَّصْبُ تبعًا لمحلِّه، وهو نوعان:
أ- النعتُ المُضافُ المقترن بـ(أل)، ويكونُ في الأسماءِ المشتقَّةِ المضافةِ إلى معمولها، نَحوُ: يا خالدُ الحَسَن الخُلقِ.
(يا) أداةُ نداءٍ، حَرفٌ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لا مَحَلَّ له مِنَ الإعرابِ.
(خالد)  منادى مَبْنيٌّ على الضَّمِّ في مَحَلِّ نصب.
(الحسن) نعتٌ يجوزُ فيه الرَّفعُ تبعًا للَفظِ خالد، والنَّصْبُ تبعًا لمحلِّه، وهو مضافٌ.
(الخُلُقِ)  مُضافٌ إليه مَجرورٌ، وعَلامةُ الجر الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
ب- إذا كان مُفرَدًا -أي: ليس مضافًا ولا شَبيهًا بالمضاف- سواء أكان نعتًا، أم توكيدًا، أم عطفَ بيانٍ، أم معطوفًا مُقترِنًا بـ(أل).
- مثالُ النَّعتِ: يا فاطمةُ المحافظةُ/المحافظةَ.
- مثالُ عَطفِ البيانِ: يا أحمدُ المتنَبِّي.
- مثالُ التوكيدِ: يا جنودُ أجمعونَ وأجمعينَ.
- مثالُ عَطفِ النَّسَقِ المقترن بـ(أل): يا فقيرُ والمسكينُ/والمسكينَ.
(يا) أداةُ نداءٍ حرفٌ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لا مَحَلَّ له مِنَ الإعرابِ
(فاطمةُ) منادى مَبْنيٌّ على الضَّمِّ في مَحَلِّ نصبٍ.
(المحافِظة) نعتٌ يجوزُ فيه الرَّفعُ على لفظ فاطِمة، والنَّصْبُ على محَلِّه.
الرابعُ: ما يعطى فيه التابعُ حُكمَ المنادى المستَقِلِّ، وذلك في حالتين:
أ- إذا كان بَدَلًا، مِثلُ: يا سَعِيدُ كُرْزُ.
(يا) حرف نداء مَبْنيٌّ على السُّكونِ لا مَحَلَّ له مِنَ الإعرابِ
(سعيد) منادى مَبْنيٌّ على الضَّمِّ في مَحَلِّ نصبٍ.
(كُرز) بَدَلٌ من سعيد، مَبْنيٌّ على الضَّمِّ كما لو كان منادًى مُستقِلًّا.
 ومثالُه: يا عليُّ أبا عبدِ اللهِ.
(يا) حرفُ نداءٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لا مَحَلَّ له مِنَ الإعرابِ
(عليُّ) منادى مَبْنيٌّ على الضَّمِّ في مَحَلِّ نصبٍ.
(أبا) بَدَلٌ منصوبٌ بالألف؛ لأنَّه من الأسماءِ السِّتَّةِ.
(عبدِ) مُضافٌ إليه مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ.
(اللهِ) مُضافٌ إليه مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ.
ب- إذا كان معطوفًا مُجَرَّدًا من (أل)، مِثلُ: يا عليُّ وخَليلُ.
يا: حرف نداء مَبْنيٌّ على السُّكونِ.
علي: منادى مَبْنيٌّ على الضَّمِّ في مَحَلِّ نصبٍ.
وخليل: معطوفٌ مَبْنيٌّ على الضَّمِّ في مَحَلِّ نصب يُنظَر: ((توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك)) للمرادي (2/ 1072)، ((شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو)) لخالد الأزهري (2/ 227). .

انظر أيضا: