موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ الثَّالِثُ والثَّلاثون: أَبُو عبدِ اللهِ الرَّبَاحِي (ت: 358 هـ)


أَبُو عبدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عبدِ السَّلَام، الأَزْدِيُّ القُرْطُبِي، الأندلُسِيُّ، النَّحْويُّ اللُّغَويُّ. ينتمي إلى يزيدَ بنِ المُهَلَّبِ بنِ أبي صُفْرَةَ.
مِن مَشَايِخِه:
قَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ، وأَبُو جَعْفرٍ أحمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّحَّاسِ، وابنُ الأَعْرَابيِّ.
ومِن تَلَامِذَتِه:
المغيرةُ بنُ الناصِرِ لدِينِ اللهِ.
سَبَب تَسْمِيَتِه بالرَّبَاحِي:
كان أبوه قد انتقل إلى قَلْعَة رباح -مدينةٍ مِن مُدُنِ الأندلُسِ- فسكنها، فلُقِّب بذلك.
مَنْزِلَتُه وَمَكَانَتُه:
كان أَبُو عبدِ اللهِ الرَّبَاحِي عالِمًا نَحْويًّا عارفًا بالعَرَبِيَّة، إمامًا فيها، موثوقًا به، حاذقًا ذكيًّا، فقيهًا، أدَّب المغيرةَ بنَ النَّاصِرِ لدينِ اللهِ -أميرَ المُؤمِنين بالأندَلُسِ-.
قيل: إنَّه كان لا يَقِلُّ ولا يَنْزِل عَنْ رُتْبَة أكَابِر أَصْحَاب المُبَرِّد.
وكان رحمه الله قد رَحَل إلى المَشْرِق فَلَقِيَ أَبَا جَعْفَر بن النَّحَّاس، فَحَمَل عنه كِتَاب سِيبَوَيْه روايةً، وقَدِم قُرْطُبَة فَلَزِم التَّصَدُّر لطَلَب الإفَادِة لهم في داره بها، وقُرئ عليه كِتَابُ سِيبَوَيْه، ولم يكُنْ عند النَّاس عِلْمٌ مِن العَرَبِيَّة حتى دخل الأندَلُسَ مُحَمَّدُ بنُ يحيى الرَّباحي؛ فإنَّ الأوائِلَ كانوا يفعلون في الإفادةِ مع المنصوصِ وتفهيمِ الطَّالِبِ معنى اللَّفظِ وما تحته مِن المعنى لا غيرُ، ولم يكُنْ لهم تدقيقُ نَظَرٍ ولا استنباطٌ؛ فلما ورد مُحَمَّد بن يحيى أخذ في التدقيقِ والاستنباطِ، والاعتراضِ والجوابِ، وطَرْدِ الفُروعِ إلى الأصولِ؛ فاستفاد منه المُعَلِّمون طريقَتَه، واعتَمَدوها في تدريسِهم.
عَقيدتُه:
كان قد طَالَع كُتُبَ أَهْلِ الكَلَام وتَفَنَّن فيها، ونَظَر في المَنْطِقِيَّات فَأَحْكَمَهَا؛ إلَّا أنَّه كان لا يَتَقَلَّد مَذْهَبًا مِن مَذَاهِب المُتَكَلِّمِين، ولا يُعوِّل أَصْلًا مِن أُصُولِهم؛ إنما يعوِّلُ على ما يَمِيلُ إليه، ولو أنَّه تَنَاوَل البَاطِلَ البَحْتَ، والمُحَالَ المَحْضَ لَما اسْتُطِيع صَرْفُه عَنْه ولا قُطِعَت حُجَّتُه فيه! وكان مع ذلك ذَا وَقَارٍ وسَمْتٍ وصِيَانةٍ، ونَزَاهةِ نَفْسٍ، وكَرَمِ خَلِيقَةٍ، وعَفَافٍ وحَياءٍ ودِينٍ. وقد قيل: إنه تُوفِّي على أجمَلِ مذهَبٍ وأحمَدِ طَريقةٍ [345] ينظر: ((طبقات النحويين واللغويين)) للزبيدي (ص: 310)، ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقفطي (3/ 230). .
وفاتُه:
تُوفِّي سَنةَ ثمانٍ وخَمسين وثلاثِ مِائة. وقيل: سَنةَ ثلاثٍ وخمسين وثلاثِ مِائة [346] يُنظَر: ((طبقات النحويين واللغويين)) لمحمد بن الحسن الزُّبَيدي (ص 296)، ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقِفْطي (3/ 229)، ((تاريخ الإسلام)) للذهبي (8/ 131)، ((الوافي بالوفيات)) للصفدي (5/ 126)، ((بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة)) للسيوطي (1/ 262). .

انظر أيضا: