موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ الرَّابع: أَبَانُ بنُ تَغْلِبَ (ت: 140 هـ)


أَبُو سَعْدٍ -وَقِيلَ: أبو أُمَيَّةَ- أَبَانُ بَنِ تَغْلِبَ بن رَبَاح الجُرَيرِي، الرَّبَعِي الكُوفِي، النَّحْوي، المُقْرِئ، الشِّيعِيُّ.
مِن مشايخِه:
عليُّ بنُ الحُسَين، ومحمَّد البَاقِر، وأخذ القِرَاءةَ عن طَلْحَةَ بن مُصَرِّف، وَعَاصِم بن أبي النَّجُود، وتَلقَّى الحِفظَ مِنَ الأَعْمَشِ، وفضيل بن عمرو، وأبو إسحاق الهمداني.
ومِن تَلامِذَتِه:
شُعْبَةُ بنُ الحَجَّاج، وَابْنُ عُيَيْنَة، وَحَمَّادُ بنُ زَيدٍ، وَهَارُونُ بنُ مُوسَى.
مَنزِلتُه ومكانتُه:
كَان أَبَانُ بَنِ تَغْلِبَ قَارِئًا فَقِيهًا لُغَوِيًّا، ثِقَةً، عَظِيمَ المنزِلةِ، جليلَ القَدْرِ، وقد وَثَّقَه أحمدُ بنُ حَنبَلٍ، ويَحْيَى بنُ مَعِين، وأبو حَاتِم.
قال عنه الإمامُ الذَّهبيُّ رحمه الله: (هو صَدوقٌ في نَفْسِه، عالمٌ كبيرٌ، وبِدْعَتُه -يعني: التَّشَيُّع- خَفِيفَةٌ، لا يَتَعَرَّضُ للكِبَارِ).
عَقيدتُه:
مال أبانُ بنُ تَغلِبَ إلى التَّشَيُّعِ القَديمِ، وهو تَفضيلُ عليِّ بنِ أبي طالِبٍ على عُثمانَ بنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عنهما، دون تعرُّضٍ للشَّيخَينِ؛ ولهذا ردَّ الذَّهَبيُّ قولَ الجُوزْجانيِّ عنه بأنَّه زائِغٌ مذمومُ المذهَبِ مجاهِرٌ، فقال: (فلقائِلٍ أن يقولَ: كيف ساغ توثيقُ مُبتَدِعٍ وحَدُّ الثِّقةِ العَدالةُ والإتقانُ؟ فكيف يكونُ عَدْلًا مَن هو صاحِبُ بِدعةٍ؟ وجوابُه أنَّ البِدعةَ على ضَربَينِ: فبِدعةٌ صُغْرى كغُلُوِّ التشَيُّعِ، أو كالتشَيُّعِ بلا غُلُوٍّ ولا تَحريفٍ. فهذا كثيرٌ في التَّابِعينَ وتابعيهم مع الدِّينِ والوَرَعِ والصِّدقِ. فلو رُدَّ حَديثُ هؤلاء لذَهَب جملةٌ مِن الآثارِ النَّبَويَّةِ، وهذه مَفسَدةٌ بَيِّنةٌ) [23] ينظر: ((ميزان الاعتدال)) للذهبي (1/ 5). وقال ابن حجر في ((تهذيب التهذيب)) (1/ 94): (فالتشيُّعُ في عُرفِ المتقَدِّمينَ هو اعتقادُ تفضيلِ عليٍّ على عثمانَ، وأنَّ عليًّا كان مصيبًا في حروبِه، وأن مخالِفَه مخطئٌ، مع تقديمِ الشَّيخينِ وتفضيلِهما، وربما اعتقد بعضُهم أنَّ عليًّا أفضلُ الخلقِ بعد رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم، وإذا كان معتقِدُ ذلك ورِعًا ديِّنًا صادقًا مجتهدًا فلا تُرَدُّ روايتُه بهذا، لا سِيَّما إن كان غيرَ داعيةٍ. وأمَّا التشيُّعُ في عُرفِ المتأخِّرينَ فهو الرَّفْضُ المحْضُ، فلا تُقبَلُ رِوايةُ الرَّافضيِّ الغالي ولا كَرامةَ). .
مُصنَّفاتُه:
مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((غريب القرآن))، ولعلَّه أوَّلُ مَن صَنَّف في هذا الموضوعِ، وكتاب: ((معاني القرآن))، وكتاب: ((صفين)).
وفاتُه:
تُوفِّي بالكوفةِ سنةَ إحدى وأربعينَ ومِائة، أو قبْلَها بسَنةٍ [24] يُنظَر: ((التاريخ الكبير)) للبخاري (1/ 453)، ((الثقات)) لابن حبان (6/ 67)، ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (6/ 308)، ((البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة)) للفيروزابادي (ص 55)، ((تهذيب التهذيب)) لابن حجر (1/ 93)، ((بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة)) للسيوطي (1/ 404)، ((الأعلام)) للزِّرِكْلي (1/ 26). .

انظر أيضا: