موسوعة اللغة العربية

 الفَرْعُ الثَّالِثُ: إعرابُ المعطوفِ على خَبَرِ (ما)


المعطوفُ على خَبَر «ما» له حالتانِ:
1- أن يكونَ العَطفُ بالإيجابِ، وذلك نحْوُ «بل» و«لكنْ» ( "لكنْ" تكونُ حرفَ عطفٍ بثلاثةِ شُروطٍ: 1- أن يسبِقَها نَفيٌ أو نَهيٌ. 2- وألَّا تكونَ مُقترِنةً بالواوِ قَبلَها. 3- وأن يكونَ مَعطوفُها مُفرَدًا لا جُملةً. ومِثالُها: ما أغضَبْتُ السَّبَّاقَ لكنِ المتأخِّرَ؛ فإذا كانَ ما قَبلَها مَنفيًّا -كالمِثالِ السَّابِقِ- تركَته مَنفيًّا على حالِه، وأقرَّت معناه المَنفيَّ، ولم تُغيِّرْه، وأثبتَت نَقيضَه لِما بَعدَها؛ ففي العِبارةِ السَّابِقةِ انتفى الحُكمُ بالإغضابِ على السَّبَّاقِ، ووقَع الحُكمُ بالإغضابِ على المُتأخِّرِ. وفي مِثلِ: ما غابت فاطِمةُ لكنْ زَينَبُ؛ انتفى الحُكمُ بغِيابِ فاطِمةَ، وثبَت الحُكمُ بغِيابِ زَينَبَ، وهكذا نَرى الحُكمَ المَنفيَّ قَبلَ "لكنْ" يبقى مَنفيًّا على حالِه، ويثبُتُ نَقيضُه لِما بَعدَها، فإن فُقِد شرطٌ لم تصلُحْ عاطِفةً، ووجَب أن تكونَ حرفَ ابتداءٍ مَحضٍ واستِدراكٍ، وأن تدخُلَ على جُملةٍ جديدةٍ لا على مُفرَدٍ. وأمَّا "بل" فإنَّها تكونُ حرفَ عَطفٍ بَعدَ النَّفيِ وغَيرِه، ولا تعطِفُ إلَّا المُفرَداتِ على الصَّحيحِ؛ فإذا كانت بَعدَ نَفيِ أو نَهيٍ كان شأنُها شأنَ (لكن) في أنَّها تترُكُ ما قَبلَها على حالِه، أي: تُقِرُّ معناه المَنفيَّ ولا تُغيِّرُه، وتُثبِتُ نَقيضَه لِما بَعدَها، نَحوُ: ما أهنْتُ نبيلًا بل حقيرًا؛ فقد انتفى حُكمُ الإهانةِ عن النَّبيلِ، وثبَت حُكمُ الإهانةِ للحقيرِ. أمَّا إن كانت بَعدَ كلامٍ موجِبٍ أو بَعدَ أمرٍ فإنَّها تُفيدُ الإضرابَ، أي: العُدولَ عن الحُكمِ السَّابِقِ، ونَقْلَه إلى ما بَعدَها، وتَركَ ما قَبلَها كالمسكوتِ عنه، بتَركِه غَيرَ محكومٍ عليه بشيءٍ، نَحوُ: غرَّد العُصفورُ بلِ البُلبُلُ). يُنظَر: ((النحو الوافي)) (1/ 597). ، فيَجِبُ رَفعُ الاسمِ المعطوفِ على الخَبَرِ، نَحوُ: «ما زيدٌ بَخيلًا بل / لكنْ كريمٌ»، فـ«كريمٌ» خَبَرٌ لمُبتَدَأٍ محذوفٍ، تقديرُه: هو، مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ. 
2- إذا كان العَطفُ بالنَّفيِ جاز فيه الأمرانِ: الرَّفعُ والنَّصبُ، نَحوُ: «ما خالدٌ جبانًا وضَعيفًا» أو: «وضعيفٌ»، ووجهُ النَّصبِ: العَطفُ على لفظِ «جبانًا»، ووَجهُ الرَّفعِ: العَطفُ على محَلِّ خَبَرِ «ما» باعتبارِ أصلِه قبل دُخولِ «ما»؛ فقد كان خَبَرًا مرفوعًا يُنظَر: ((التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل)) لأبي حيان الأندلسي (4/ 275). .

انظر أيضا: