موسوعة اللغة العربية

المَطلَبُ الأوَّلُ: الغَرَضُ مِن تَأليفِ الكِتابِ


لمَّا كان القاموسُ المُحيطُ وَجيزَ اللَّفظِ معَ غُموضِه وحَصْرِه وكَثْرَةِ الدِّراساتِ الَّتي دارتْ حولَه مِن جَميعِ النَّواحي ومِن شتَّى الجَوانِبِ، أرادَ الزَّبيديُّ أنْ يَجمَعَ هذه الدِّراساتِ؛ فالغَرَضُ الَّذي رمَى إليه الزَّبيديُّ مِن وَراءِ هذا الكِتابِ هو شَرْحُ القاموسِ، وتَجْليةُ غامِضِه، وإضافةُ المَوادِّ الَّتي أهمَلَها، وتَحْقيقُ ذلك تَحْقيقًا عِلميًّا.
قال الزَّبيديُّ: ((كِتابُ القاموسِ المُحيطِ... أجَلُّ ما أُلِّف في الفَنِّ.. ولمَّا كان إبْرازُه في غايةِ الإيجازِ، وإيجازُه عن حدِّ الإعْجازِ؛ تَصدَّى لكَشْفِ غَوامِضِه ودَقائِقِه رِجالٌ مِن أهْلِ العِلمِ... فلمَّا آنَسْتُ مِن تَناهِي فاقَةِ الأفاضِلِ إلى اسْتِكشافِ غَوامِضِه، والغَوْصِ على مُشكِلاتِه، ولا سيَّما مَنِ انْتُدبَ منْهم لتَدريسِ عِلمِ غَريبِ الحَديثِ، وإقْراءِ الكُتُبِ الكِبارِ مِن قَوانينِ العَربيَّةِ في القَديمِ والحَديثِ... قرَعْتُ ظُنْبوبَ اجْتِهادي، واسْتَسعَيتُ يَعْبوبَ اعْتِنائي، في وَضْعِ شَرْحٍ عليه مَمْزوجِ العِبارَةِ، جامِعٍ لمَوادِّه بالتَّصْريحِ في بعضٍ وفي البعضِ بالإشارَةِ، وافٍ ببَيانِ ما اخْتَلف مِن نُسَخِه، والتَّصْويبِ لِما صحَّ منْها مِن صَحيحِ الأُصولِ، حاوٍ لذِكْرِ نُكَتِه ونَوادِرِه، والكَشْفِ عن مَعانيه والإنْباهِ عن مَضارِبِه ومَآخِذِه بصَريحِ النُّقولِ، والْتِقاطِ أبياتِ الشَّواهِدِ له، مُسْتمِدًّا ذَلِك مِنَ الكُتُبِ الَّتي يَسَّر اللهُ تَعَالَى بفَضْلِه وُقُوفي عليها، وحصَل الاسْتِمدادُ عليه منْها، ونقلْتُ بالمُباشَرةِ لا بالوَسائِطِ عنها، لكنْ على نُقصانٍ في بعضِها نَقْصًا مُتفاوِتًا بالنِّسبةِ إلى القِلَّةِ والكَثْرةِ، وأرجو منه سُبْحانه الزِّيادةَ عليها) [193] ((تاج العروس)) للزبيدي (1/2 -5). .
وكان الزَّبيديُّ شَديدَ الحَفاوةِ بكِتابِه، كَثيرَ الاهْتِمامِ به، يَصرِفُ إليه جُهدَه ووَقتَه.
ورُوِي أنَّ الزَّبيديَّ بعد أن أنْجَز مِنَ "التَّاجِ" إلى آخِرِ حَرْفِ الدَّالِ أولَم وَليمةً حافِلةً جمَع فيها طُلَّابَ العِلمِ بمِصرَ، وأطْلَعَهم عليه؛ فاغْتَبطوا به، وشهِدوا بفَضْلِه وسَعَةِ اطِّلاعِه [194] يُنظر: ((البَحْث اللُّغويُّ عند العَرب)) لأحمد مختار عمر (ص:266). .

انظر أيضا: