موسوعة اللغة العربية

الفَصْلُ السَّادِسُ: شُروطُ الخَطيبِ


اعتادت العربُ أن تَسمَعَ مِنَ الشُّعَراءِ أيًّا كانت طبيعتُهم، فيَسمَعونَ الحِكْمةَ مِنَ الماجِنينَ مِنَ الشُّعَراءِ، كامْرئِ القَيسِ والأعشى؛ وذلك لِما لطبيعةِ الشِّعْرِ مِن جاذبيَّةٍ وسِحرٍ يجلِبُ إليه أسماعَ النَّاسِ وعُقولَهم، أمَّا الخُطْبةُ فلم تكُنْ بنَفسِ دَرَجةِ القَبولِ لدَرَجةِ أن يُؤثِّرَ فيهم أيُّ خَطيبٍ؛ إذ كانت الخُطْبةُ تعتَمِدُ على التَّأثيرِ والإقناعِ، فكان لا بُدَّ أن تتوافَرَ في الخَطيبِ صِفاتٌ تجعَلُه قُدوةً وأهلًا لأن يُسمَعَ منه، فَضْلًا عمَّا يَتوافَرُ في الخُطْبةِ نَفْسِها مِنَ الشُّروطِ الَّتي تحُثُّ على الانفِعالِ والتَّركيزِ.
فيُشتَرَطُ في الخَطيبِ:
- صِحَّةُ الطَّبعِ وجَوْدةُ القَريحةِ؛ إذ كُلُّ تلك الأُمورِ لا قيمةَ لها إلَّا إذا كان الخَطيبُ مَطبوعًا على البَيانِ، قادِرًا على إخضاعِ زِمامِ الكَلِماتِ له.
- العِفَّةُ والنَّزاهةُ.
- الوَقارُ والصَّونُ عن الابتِذالِ في مُعاشَرةِ القَومِ، وعَدَمُ الإكثارِ مِنَ الهَزْلِ والسُّخْفِ والفُحْشِ، والخِفَّةِ والطَّيْشِ.
- النَّزاهةُ عن الطَّمَعِ في جَرِّ نَفعٍ مِن كَلامِه؛ فإنَّ في ذلك نُفْرةً عن اتِّعاظِ النَّاسِ بقَولِه، وظِنَّةً في صِدقِ دَعوتِه.
- سَلاسةُ المَنطِقِ والقُدرةُ على التَّعبيرِ والأداءِ؛ فكم من بليغِ القَلَمِ عَيِيِّ اللِّسانِ، يجودُ بَنانُه بما يَبخَلُ به لِسانُه.
- رَباطةُ الجَأشِ: فقد يَذهَلُ العَقلُ أمامَ جُموعِ النَّاسِ ويُرْتَجُ على الخَطيبِ فلا يَنطِقُ ببِنتِ شَفَةٍ.
- أن يكونَ مَرموقًا مِنَ السَّامِعينَ، له مَكانةٌ فيهم لكي يمتَثِلوا أمْرَه ونَهْيَه؛ وذلك بأن يكونَ شَريفًا نَسيبًا، طاهِرَ الذَّيلِ، نَقِيَّ السِّيرةِ والسَّريرةِ، مَحفوظَ العِرْضِ [185] يُنظر: ((أصول الإنشاء والخطابة)) لابن عاشور (ص: 136)، ((فن التحرير العربي)) للشنطي (ص: 228). .

انظر أيضا: