موسوعة اللغة العربية

الفَصْلُ الرَّابِعُ: عناصِرُ الخُطْبةِ


تَنْبني الخُطْبةُ على ثلاثةِ أركانٍ لا بُدَّ منها، وهي:
1- المُقَدِّمةُ: وهي افتِتاحُ الخُطْبةِ الَّتي بها يَستَهِلُّ الخَطيبُ كَلامَه، فتُنصِتُ له الآذانُ، وتتطَلَّعُ له العُيونُ، وتتَعَلَّقُ به القُلوبُ. ويُشتَرَطُ فيها أن تكونَ مُوجَزةً جَذَّابةً ترتَبِطُ بالموضوعِ.
ولا بُدَّ أن تتوافَرَ في المُقَدِّمةِ ثلاثةُ أشياءَ:
أ- الدِّيباجةُ: وهي فاتِحةُ الخُطْبةِ، تَشتَمِلُ على حَمدِ اللهِ تعالى والصَّلاةِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ونَحْوِ ذلك. فإذا خَلَت خُطْبةٌ مِنَ الحمَدِ سُمِّيَت (بتراءَ)، وإن خَلَت مِنَ الصَّلاةِ على النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كانت شَوْهاءَ.
ويُستحسَنُ في الدِّيباجةِ أن تكونَ مُوجَزةً لها ارتِباطٌ بمقصودِ الكَلامِ، وذلك براعةُ الاستِهْلالِ؛ فإذا كانت الخُطْبةُ في فَتْحِ بَلَدٍ مَثَلًا يقالُ: (الحَمْدُ للهِ الَّذي صدَقَ وَعْدَه، ونَصَر عَبْدَه، وأعَزَّ جُنْدَه، وهَزَم الأحزابَ وَحْدَه)، وإذا كانت في بَيعةِ خليفةٍ مَثَلًا، قال: (الحَمدُ للهِ مالِكِ المُلْكِ، يُؤتي المُلْكَ مَن يَشاءُ ويَنزِعُه ممَّن يَشاءُ، ويُعِزُّ من يَشاءُ ويُذِلُّ من يَشاءُ).
ب- التَّخَلُّصُ: وهو التَّخَلُّصُ مِنَ المُقَدِّمةِ إلى الموضوعِ، وهو فَصْلُ الخِطابِ، وقَولُ الخَطيبِ: (أمَّا بَعْدُ).
ج- المُقَدِّمةُ: وهي بدايةُ الخُطْبةِ في الحقيقةِ، وهو الكَلامُ الَّذي يُقصَدُ منه تهيئةُ النُّفوسِ لتلَقِّي ما سيُلقى إليهم باهتِمامٍ.
2- الغَرَضُ: وهو مَوضوعُ الخُطْبةِ ومَقصَدُها الَّذي قام له الخَطيبُ لِيَخطُبَ، ويتكوَّنُ الغَرَضُ من عُنصُرينِ رَئيسَينِ:
* البَيانُ: أيْ بَيانُ الغَرَضِ وذِكْرُ الأدِلَّةِ والبراهينِ، وتفنيدُ مَزاعِمِ الآخَرينَ، وسَوقُ القِصَصِ والأخبارِ والأحاديثِ.
* الغايةُ: وهي التَّحريضُ أو الإنذارُ أو الوعيدُ وغَيرُ ذلك، ويكونُ في آخِرِ الخُطْبةِ بَعْدَ انتِهاءِ بَيانِه، وقد تتقَدَّمُ في أوَّلِ الخُطْبةِ.
3- الخاتِمةُ: ويحسُنُ فيها أن تكونَ كَلامًا جامِعًا لِما تقَدَّمه، أو إشارةً إلى أنَّه قد أتى على المقصودِ وانتهى منه، أو أمرًا بالتَّثبيتِ، أو دُعاءً أو نَحْوَ ذلك، وإنَّما يكونُ ذلك عِنْدَ إتيانِ الكَلامِ المتقَدِّمِ على الغَرَضِ المقصودِ واستيفائِه [183] يُنظر: ((أصول الإنشاء والخطابة)) للطاهر بن عاشور (ص: 146)، ((الأسلوب)) لأحمد الشايب (ص: 116). .

انظر أيضا: