موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ الأوَّلُ: قَوانينُ الوَصْفِ


وللوَصْفِ قَوانينُ يَنبغي مُراعاتُها؛ منها:
- يقومُ الوَصفُ الأدبيُّ على اختيارِ أهَمِّ العناصِرِ الَّتي تميِّزُ الموصوفَ وتكونُ مَصْدَرَ الجَمالِ والتَّأثيرِ، تاركًا الأشياءَ التَّافِهةَ أو التَّفاصيلَ العِلْميَّةَ الدَّقيقةَ، ثُمَّ يفسِّرُ هذه العناصِرَ تفسيرًا عاطِفيًّا خياليًّا متأثِّرًا بمِزاجِ الأديبِ، فإذا أراد وَصْفَ الزَّهرةِ مَثَلًا وَصَف ألوانَها وبهاءَ مَنظَرِها، وعِطْرَها الفوَّاحَ، وشَكْلَها المتَّسِقَ، وما تبعَثُه في النُّفوسِ مِنَ الأمَلِ والإعجابِ.
- يعتَمِدُ الوَصفُ على الخَيالِ اعتمادًا كبيرًا؛ ولهذا غَلَب عليه اعتِمادُه على الصُّوَرِ البَيانيَّةِ مِنَ التَّشبيهِ والمجازِ، والاستِعارةِ والكِنايةِ، والمُبالَغةِ والمقابَلةِ؛ لأنَّ في كُلِّ صُورةٍ مِن هذه مَيزةً لِتَقويةِ المعنى أو تجسيدِه، أو إلحاقِه بما هو أقوى منه استِجابةً لقُوَّةِ العاطِفةِ والانفِعالِ.
- يجِبُ أن تكونَ الكَلِماتُ مِنَ الدِّقَّةِ بحَيثُ تكونُ صدًى صادِقًا لِما تحكي من صَوتٍ، أو تؤدِّي من معنًى ولونٍ؛ لذلك حَسُنَ الاستِعانةُ بالنُّعوتِ الَّتي تزيدُ في التَّحديدِ أو الرَّوعةِ ليَكونَ الوَصفُ كاشِفًا حاكيًا ما وراءَه، يَسمَعُه الإنسانُ فكأنَّما يَشهَدُ الطَّبيعةَ في ائتِلافِها، والصُّوَرَ في اختِلافِها؛ ولهذا جعَلَت اللُّغةُ بَعْضَ النُّعوتِ الخاصَّةِ، مِثْلَ الصَّخَبِ؛ لصَوتِ الخُصومةِ، واللَّجَبِ؛ لصَوتِ العَسكَرِ، والهُتافِ؛ للدُّعاءِ، والزَّئيرِ؛ للأسَدِ، والنُّباحِ؛ للكَلْبِ، كذا يُقالُ: أصفَرُ فاقِعٌ، وأحمَرُ قانٍ، وأسوَدُ حالِكٌ.
- يجِبُ أن تكونَ التَّراكيبُ والعباراتُ ذاتَ نَغْمةٍ عامَّةٍ تلائِمُ الأحداثَ؛ فإذا كان الوَصْفُ في الحَربِ مَثَلًا اشتُرِطَ في الأُسلوبِ أن يكونَ قويًّا عنيفًا جَزْلًا، والتَّصويراتُ تَبعَثُ على الحَماسةِ، وإذا كان الوَصفُ في النَّسيبِ والحُبِّ كان الأُسلوبُ بحَسَبِه مِنَ اللِّينِ والهُدوءِ، وكانت الصُّوَرُ البَلاغِيَّةُ مُهَيِّجةً للقُلوبِ [157] يُنظر: ((جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب)) للهاشمي (1/ 326)، ((الأسلوب)) لأحمد الشايب (ص: 103). .

انظر أيضا: