موسوعة اللغة العربية

المَبحَثُ الأوَّلُ: مَفهومُ صيَغِ العَرَبيَّةِ ووظيفَتُها


إنَّ صيَغَ الكَلماتِ في العَرَبيَّةِ هيَ: اتِّحادُ قَوالبَ للمَعاني تُصَبُّ فيها الألفاظُ فتَختَلفُ في الوظيفةِ التي تُؤَدِّيها. فالنَّاظِرُ والمَنظورُ والمَنظَرُ تَختَلفُ في مَدلولها مع اتِّفاقِها في أصلِ المَفهومِ العامِّ الذي هو النَّظَرُ، الكَلمةُ الأولى فيها مَعنى الفاعِليَّةِ، والثَّانيةُ المَفعوليَّةِ، والثَّالثةُ المَكانيَّةِ، وللأبِنْيةِ والقَوالِبِ وظيفةٌ فِكريَّةٌ مَنطِقيَّةٌ عَقليَّةٌ.
ولقد اتَّخَذَ العَربُ في لُغَتِهم للمَعاني العامَّةِ أوِ المَقولاتِ المَنطِقيَّةِ قَوالبَ أو أبنيةً خاصَّةً: الفاعِليَّةُ - المَفعوليَّةُ - المَكانُ - الزَّمانُ - السَّبَبيَّةُ - الحِرْفةُ - الأصَواتُ - المُشارَكةُ - الآلةُ - التَّفضيلُ - الحَدَثُ.
إنَّ الأبنِيةَ في العَرَبيَّةِ تُعلمُ تَصنيفَ المَعاني ورَبْطَ المُتَشابِه منها برباطٍ واحِدٍ، ويَتَعَلَّمُ أبناءُ العَرَبيَّةِ المَنطِقَ والتَّفكيرَ المَنطِقيَّ مع لُغَتِهم بطَريقةٍ ضِمنيَّةٍ طَبيعيَّةٍ فِطريَّةٍ.
وللأبنيةِ وظيفةٌ فنِّيَّةٌ، فقَوالِبُ الألفاظِ وصيَغُ الكَلماتِ في العَرَبيَّةِ أوزانٌ موسيقيَّةٌ، أي: أنَّ كُلَّ قالبٍ من هذه القَوالبِ وكُلَّ بناءٍ من هذه الأبنيةِ ذو نَغمةٍ موسيقيَّةٍ ثابِتةٍ. فالقالبُ الدَّالُّ على الفاعِليَّةِ منَ الأفعالِ الثُّلاثيَّةِ مَثَلًا هو دَومًا على وزنِ فاعِلٍ، والدَّالُّ على المَفعوليَّةِ من هذه الأفعالِ على وزنِ مَفعولٍ.
وإنَّ بَينَ أوزانِ الألفاظِ في العَرَبيَّةِ ودَلالاتِها تَناسُبًا وتَوافُقًا؛ فصيغةُ (فعَّالٍ) لمُبالَغةِ اسمِ الفاعِلِ تَدُلُّ بما فيها من تَشديدِ الحَرفِ الثَّاني على الشِّدَّةِ أوِ الكَثرةِ، وبألفِ المَدِّ التي فيها على الامتِدادِ والفاعِليَّةِ الخارِجيَّةِ [318] يُنظر: ((اللغة العربية ومكانتها بين اللغات)) لفرحان السليم (ص: 6). .

انظر أيضا: