موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ الأوَّلُ: أبوابُ الصَّحيحِ


1- فَعَلَ:
ويكونُ الفِعلُ منه مُتَعَدِّيًا وغيرَ مُتَعَدٍّ.
- إذا لم تكُنْ عَينُه أو لامُه أحَدَ حُروفِ الحَلقِ، فإنَّ المُضارِعَ منه يكونُ على (يَفعِل) و(يَفعُل)، واختلف العُلماءُ في أيِّهما أَولى من الآخَرِ، وأرجَحُ الأقوالِ أنَّ الضَّمَّ "يَفْعُل"، والكَسرَ "يَفْعِل" جائزانِ إذا لم يُسمَعْ أيٌّ منهما، فإن سُمِعَ فالمُعتَمَدُ السَّماعُ [956] يُنظر: ((المنصف)) لابن جِنِّي (1/ 186)، ((الممتع الكبير)) لابن عصفور (ص: 121)، ((الارتشاف)) لأبي حيان (1/ 158)، ((المساعد)) لابن عقيل (2/ 593). .
وإن جاء على (يَفْعَل) فهو شاذٌّ، مِثْلُ:
(رَكَنَ يَرْكَن)، و(زَكَنَ يَزْكَن [957]  زكَنَه: عَلِمَه وفَهِمَه وتفرَّسه وظنَّه. ينظر: ((تاج العروس)) للزبيدي (35/ 149). و(هَلَكَ يَهْلَك) (قَنَطَ يَقْنَط)، وكُلُّ ذلك مَرجِعُه إلى تداخُلِ اللُّغاتِ [958] معنى تداخُلِ اللُّغاتِ: أن يكونَ الماضي من بابٍ، والمضارِعُ مِن بابٍ آخَرَ. يُنظر: ((الشرح الملوكي)) لابن يعيش (ص: 41)، ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (1/ 125). .
- إن كانت عينُ (فَعَلَ) أو لامُه أحَدَ حُروفِ الحَلْقِ، وهي (الهَمْزةُ، والهاءُ، والعَينُ، والحاءُ، والغَينُ، والخاءُ)؛ فقياسُ مُضارِعِه أن يأتي على (يَفْعَل)، والسَّبَبُ في ذلك استِثقالُهم لحُروفِ الحَلْقِ، فجاؤوا بالفَتحةِ تخفيفًا [959] يُنظر: ((الارتشاف)) لأبي حيان (1/ 158). .
وقد جاء مُضارِع (فَعَلَ) حَلقِيُّ العَينِ أو اللَّامِ مَضمومًا (يَفْعُل)، مِثْلُ: يَقْعُد ويَدْخُل، ومكسورًا (يَفْعِل)، مِثْلُ: يَرْجِع، وقد يأتي بالفَتحِ والضَّمِّ معًا، مِثْلُ: فَرَغَ يَفْرَغ ويَفْرُغ، وقد يأتي باللُّغاتِ الثَّلاثِ معًا، مِثْلُ: يَرْجحُ [960] يُنظر: ((الارتشاف)) لأبي حيان (1/ 158). .
فائِدةٌ:
يلتَزِمُ العَرَبُ الضَّمَّ في فِعلِ المغالَبةِ (على وَزنِ: فاعَلَ)، يقولونَ: عالَمَني فعَلَمْتُه فأنا أعْلُمُه، أي: أفوقُه في العِلْمِ، وذلك مُطَّرِدٌ مَقِيسٌ في كُلِّ فِعلٍ ثُلاثيٍّ مُتصَرِّفٍ تامٍّ: يفتحَونَ الماضِيَ ويَضُمُّونَ المُضارِعَ.
ويلتَزِمون الكَسْرَ في:
أ- الفِعْلِ المِثالِ الواويِّ: واعَدَني فوَعَدْتُه فأنا أَعِدُه.
ب- الفِعلِ الأجوَفِ اليائيِّ، مِثْلُ: راماني فَرَمَيْتُه فأنا أرْمِيه.
وقد جاء عن العَرَبِ أنَّهم فَتَحوا عينَ المُضارِعِ في: شاعَرَني فشَعَرْتُه فأنا أشعَرُه، وواضَأَني فوضَأْتُه فأنا أوضَؤُهُ، وجاء عنهم الكَسْرُ في: خاصَمَني فخَصَمْتُه فأنا أخصِمُه، والبَصْرِيُّونَ يجعَلونَ هذا من بابِ النُّدْرةِ، ويلتَزِمونَ الضَّمَّ [961] يُنظر: ((المساعد)) لابن عقيل (2/ 596). .
2- فَعِلَ: ويكونُ المُضارِعُ منه على (يَفْعَل) مُتَعَدِّيًا كان، مِثْلُ: شَرِب ولَقِم، أم غيرَ مُتَعَدٍّ، مِثْلُ: سَكِر وفَرِق، ومُضارِعُها: يَشْرَب، ويَسْكَر، ويَلْقَم، ويَفْرَق.
وربَّما جاء (فَعِل يَفْعُل) وهو قَليلٌ شاذٌّ، مِثْلُ: فَضِل يَفْضُل، ونَعِم يَنْعُم، وحَضِر يَحْضُر، وهو من تداخُلِ اللُّغاتِ [962] يُنظر: ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (1/ 136). .
وجاء مُضارِع (فَعِل) على (يَفْعِل ويَفْعَل) شُذوذًا في: حَسِبَ يَحْسِبُ ويَحْسَبُ، ونَعِمَ يَنْعِم ويَنْعَم، والأصلُ فيها الفَتحُ [963] يُنظر: ((الشرح الملوكي)) لابن يعيش (ص: 42). .
3- فَعُلَ: ويكونُ مُضارِعُه (يَفْعُل) ولا يكونُ إلَّا لازمًا [964] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (4/ 38). ؛ لأنه بابٌ موضوعٌ للغرائِزِ والهَيئةِ التي يكونُ عليها الإنسانُ، ولم يَشِذَّ منه سوى فِعلٍ مُتَعَدٍّ هو: رَحُبَتْك الدَّارُ [965] يُنظر: ((الشرح الملوكي)) لابن يعيش (ص: 44). .
وذكر سِيبَوَيهِ أنَّ بَعْضَهم قال: كُدْتَ تكادُ [966] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (4/ 40). ، والقياسُ: تكُودُ، والمشهورُ: كِدتَ تكادُ، ومن قال (كُدْتَ) كقُلتَ، فهو شاذٌّ.

انظر أيضا: