الموسوعة العقدية

المَبحَثُ التَّاسِعُ: من قواعِدِ الاستِدلالِ على مَسائِلِ الاعتِقادِ عندَ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ: لا نَسْخَ في الأخبارِ ولا في أُصولِ الدِّينِ

إنَّ ما ذَكَره اللهُ من أخبارِ الجنَّةِ والنَّارِ، والحِسابِ والعِقابِ، والبَعثِ والحَشرِ والجَزاءِ، وغيرِ ذلك من الأخبارِ ومَسائِلِ الاعتقادِ: هي أمورٌ مُحكَمةٌ ثابتةٌ؛ لأنَّه تعالى إذا أخبَرَ عن شيءٍ فإنما يخبِرُ بعِلْمِه، وعِلْمُه أزليٌّ لا أوَّلَ له، وهو مطابِقٌ للأمرِ في نَفْسِه، عَلِمَ ما كان وما يكون وما سيكونُ، فلو أخبَرَ عن شيءٍ أنَّه كان أو سيكونُ، ثمَّ أخبَرَ بنَقيضِ ذلك أو برَفْعِه، لكان ذلك خُلفًا وكَذِبًا، مستلزمًا سَبْقَ الجَهلِ، وحُدوثَ العِلمِ وتجدُّدَه، وهذا مما يُعلَمُ ضرورةً أنَّ اللهَ تعالى منزَّهٌ عنه، بل هو من صفاتِ المخلوقينَ المربوبينَ، لا من صفاتِ الخالِقِ سُبحانَه [139] يُنظر: ((الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه)) لمكي بن أبي طالب (ص: 66)، ((أحكام أهل الذمة)) لابن القيم (2/1049). .
قال ابنُ تَيميَّةَ: (كتابُ اللهِ نوعانِ: خَبَرٌ وأمرٌ، أمَّا الخبرُ فلا يجوزُ أن يتناقضَ، ولكِنْ قد يفسِّرُ أحدُ الخبرَينِ الآخَرَ، ويبيِّن معناه، وأمَّا الأمرُ فيَدخُلُه النَّسخُ، ولا يُنسَخُ ما أنزل اللهُ إلَّا بما أنزَلَه اللهُ، فمن أراد أن يَنسَخَ شَرعَ اللهِ الذي أنزله، برَأْيِه وهواه؛ كان مُلحِدًا، وكذلك من دَفَع خَبَرَ اللهِ برأيه ونظرِه، كان مُلحِدًا) [140] يُنظر: ((درء تعارض العقل والنقل)) (5/208). .
وقال ابنُ القَيِّمِ: (لا يُعلَمُ أحدٌ يجوِّزُ النَّاسِخَ في أخبارِ اللهِ غيرُ صِنفٍ مِنَ الرَّوافِضِ يَصِفونَه بالبَداءِ، تعالى الله عن ذلك عُلوًّا كبيرًا! فلم يَزَلْ الله سُبحانَه عالِمًا) [141] يُنظر: ((أحكام أهل الذمة)) (2/1049). .

انظر أيضا: