الموسوعة العقدية

المَطْلَبُ الأوَّلُ: ثُبوتُ تفاضُلِ صِفاتِ اللهِ

معنى تفاضُلِ صِفاتِ اللهِ أنَّ بَعضَ الصِّفاتِ الإلهيَّةِ أفضَلُ مِن بَعضٍ لوَجهٍ أو أكثَرَ مِن وُجوهِ الفَضْلِ.
ومن أدِلَّةِ تفاضُلِ الصِّفاتِ:
ما جاء عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ اللهَ كَتَبَ علَى نَفْسِهِ: ((إنَّ رَحْمَتي تَغْلِبُ غَضَبِي)) [3429] أخرجه البخاري (7404)، ومسلم (2751) واللفظ له. . وفي روايةٍ: ((إنَّ رَحْمَتي سَبَقَتْ غَضَبِي )) [3430] أخرجها البخاري (7422) واللفظ له، ومسلم (2751) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. .
قال ابنُ تَيميَّةَ: (فوَصَفَ رحمتَه بأنَّها تَغلِبُ وتَسبِقُ غَضَبَه، وهذا يدُلُّ على فَضْلِ رَحمتِه على غَضَبِه مِن جِهةِ سَبْقِها وغَلَبتِها) [3431] يُنظر: ((جواب أهل العلم والإيمان)) (ص: 114). .
قال ابنُ تَيميَّةَ: (قَولُ من قال: صِفاتُ اللهِ لا تتفاضَلُ، ونحوَ ذلك: قَولٌ لا دليلَ عليه، بل هو مورِدُ النِّزاعِ، ومَن الذي جَعَل صِفَتَه التي هي الرَّحمةُ لا تَفضُلُ على صِفَتِه التي هي الغَضَبُ، وقد ثَبَت عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللهَ كَتَب في كتابٍ مَوضوعٍ عِندَه فَوقَ العَرشِ: إنَّ رَحمتي تَغلِبُ غَضَبي )) [3432] أخرجه البخاري (7553)، ومسلم (2751) باختلاف يسير من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. . وفي رواية: ((تَسبِقُ غَضَبي)) [3433] أخرجه البزار (9195) مطولاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وصِفةُ الموصوفِ مِنَ العِلمِ والإرادةِ والقُدرةِ والكلامِ والرِّضا والغَضَبِ وغيرِ ذلك مِنَ الصِّفاتِ؛ تتفاضَلُ من وجهَينِ؛ أحَدُهما: أنَّ بَعضَ الصِّفاتِ أفضَلُ مِن بعضٍ، وأدخَلُ في كُلِّ الموصوفِ بها، فإنَّا نعلَمُ أنَّ اتِّصافَ العَبدِ بالعِلمِ والقُدرةِ والرَّحمةِ أفضَلُ من اتِّصافِه بضِدِّ ذلك، لكِنَّ اللهَ تعالى لا يُوصَفُ بضِدِّ ذلك، ولا يُوصَفُ إلَّا بصِفاتِ الكَمالِ، وله الأسماءُ الحُسنى يُدعى بها، فلا يُدعى إلَّا بأسماِئه الحُسنى، وأسماؤُه متضَمِّنةٌ لصِفاتِه، وبَعضُ أسمائِه أفضَلُ مِن بَعضٍ، وأدخَلُ في كمالِ الموصوفِ بها؛... وأمثالُ ذلك، فتفاضُلُ الأسماءِ والصِّفاتِ مِن الأمورِ البَيِّناتِ) [3434] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (17/ 211). .
وكلُّ دليلٍ على تفاضُلِ أسماءِ اللهِ دَليلٌ على تفاضُلِ صفاتِه؛ لأنَّ أسماءَ اللهِ أسماءٌ وأوصافٌ [3435] يُنظر: ((مباحث المفاضلة في العقيدة)) لمحمد الشظيفي (ص: 78). .

انظر أيضا: