الموسوعة العقدية

 اللُّطْفُ

صِفةٌ ثابتةٌ للهِ عزَّ وجلَّ، من اسمِه (اللَّطيف) الثَّابتِ بالكِتابِ والسُّنَّةِ.
الدَّليلُ مِن الكِتابِ:
1- قولُه تَعالَى: وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الأنعام: 103] .
2- قَولُه: اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ [الشورى: 19] .
الدَّليلُ من السُّنَّةِ:
حديثُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها في تتبُّعِها للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا خرَج مِن عِندِها خُفيةً؛ لزِيارةِ البقيعِ، وفيه: قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَا لكِ يا عائشُ حَشْيَا رابيةً [2819] أي: ما لكِ قدْ وقَع عليكِ الحَشَا، وهو الرَّبوُ والتَّهيُّجُ الذي يَعرِض للمُسرعِ في مَشيِه والمحتدِّ في كلامِه من ارتفاعِ النَّفَس وتواتُره. يُنظر: ((المُعْلِم)) للمازري (1/493)، ((شرح مسلم)) (7/43). ؟! قالتْ: قلتُ: لا شيءَ. قال: لتُخْبِريِني أو لَيُخْبِرَنِّي اللَّطيفُ الخبيرُ )) [2820] أخرجه مسلم (974) مطولاً. .
قال الزَّجَّاجُ: (اللَّطيفُ: أصلُ اللُّطفِ في الكَلامِ خَفاءُ المَسلَكِ ودِقَّةُ المذهَبِ، واستِعمالُه في الكَلامِ على وَجهَينِ؛ يُقالُ: فُلانٌ لَطيفٌ: إذا وُصِفَ بصِغَرِ الجِرْمِ، وفُلانٌ لَطيفٌ: إذا وُصِفَ بأنَّه مُحتالٌ مُتوصِّلٌ إلى أغراضِه في خَفاءِ مَسلَكٍ، وفُلانٌ لَطيفٌ في عِلْمِه، يُرادُ به أنَّه دقيقُ الفِطْنةِ حَسَنُ الاستِخراجِ له، فهذا الذي يُستعمَلُ منه، وهو في وَصفِ اللهِ يُفيدُ أنَّه المحسِنُ إلى عبادِه في خفاءٍ وسَترٍ مِن حيثُ لا يَعلَمونَ، ويُسَبِّبُ لهم أسبابَ مَعيشتِهم مِن حيثُ لا يحتَسِبونَ، وهذا مِثلُ قَولِ اللهِ تعالى: وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ. فأمَّا اللُّطفُ الذي هو قِلَّةُ الأجزاءِ فهو ممَّا لا يجوزُ عليه سُبحانَه) [2821] يُنظر: ((تفسير أسماء الله الحسنى)) (ص: 44). .
وقال الزَّجَّاجيُّ: (اللَّطيفُ: اسمُ الفاعِلِ مِن لَطُفَ فهو لطيفٌ، كقَولِك: ظَرُفَ زيدٌ، فهو ظريفٌ وكَرُم، فهو كريمٌ، فاللهُ عَزَّ وجَلَّ لطيفٌ بعِبادِه في مَعايِشِهم وأرزاقِهم، وهدايتِهم، والألطافِ التي تُسَهِّلُ عليهم طاعتَه وتُقَرِّبُهم منه) [2822] يُنظر: ((اشتقاق أسماء الله)) (ص: 138). .
وقال الأزهريُّ: (اللَّطيفُ: اسمٌ مِن أسماءِ اللهِ العظيمِ، ومعناه -واللهُ أعلم-: الرَّفيقُ بعِبادِه) [2823] يُنظر: ((تهذيب اللغة)) (13/ 235). .
وقال الخَطَّابيُّ: (اللَّطيفُ: هو البَرُّ بعِبادِه، الذي يَلطُفُ لهم من حيثُ لا يَعلَمونَ، ويُسَبِّبُ لهم مصالِحَهم مِن حيثُ لا يحتَسِبونَ، كقَولِه سُبحانَه: اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ [الشورى: 19] . وحكى أبو عُمَرَ عن أبي العبَّاسِ عن ابنِ الأعرابيِّ قال: اللَّطيفُ: الذي يُوصِلُ إليك أَرَبَك في رِفقٍ، ومِن هذا قَولُهم: لَطَف اللهُ لك، أي: أوصَلَ إليك ما تحِبُّ في رِفقٍ. ويقالُ: هو الذي لَطَف عن أن يُدرَكَ بالكيفيَّةِ، وقد يكونُ اللُّطفُ بمعنى الرِّقَّةِ والغُموضِ، ويكونُ بمعنى الصِّغَرِ في نُعوتِ الأجسامِ، وذلك ممَّا لا يَليقُ بصِفاتِ الباري سُبحانَه) [2824] يُنظر: ((شأن الدعاء)) (ص: 62). .
وقال الحليميُّ: (اللَّطيفُ: وهو الذي يُريدُ بعِبادِه المؤمنينَ الخَيرَ واليُسرَ، ويُقَيِّضُ لهم أسبابَ الصَّلاحِ والبِرِّ) [2825] يُنظر: ((المنهاج في شعب الإيمان)) (1/ 202). .
وقال ابنُ منظورٍ: (اللُّطفُ واللَّطَفُ: البِرُّ والتَّكرِمةُ والتَّحفِّي... اللَّطيفُ: صِفةٌ مِن صِفاتِ اللهِ، واسمٌ مِن أسمائِه، ومعناه -والله أعلمُ- الرَّفيقُ بعِبادِه) [2826] يُنظر: ((لسان العرب)) (5/4036). .
وقال السَّعْديُّ: (اللَّطيفُ: الذي أحاطَ عِلمُه بالسَّرائرِ والخَفايا، وأدْرَكَ الخبايا والبواطِنَ والأمورَ الدَّقيقةَ، اللَّطيفُ بعِبادِه المؤمنينَ، المُوصلُ إليهم مصالحَهم بلُطفِه وإحسانِه مِن طُرُقٍ لا يَشعرونَ بها، فهو بمعنى الخَبيرِ، وبمعنى الرَّؤُوفِ) [2827] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (5/301). .
قال ابنُ القيِّمِ:
(وَهُوَ اللَّطيفُ بِعَبْدهِ وَلِعَبْدِهِ                 واللُّطفُ في أوصَافِهِ نِوْعَانِ) [2828] يُنظر: ((الكافية الشافية)) (3/718). .

انظر أيضا: