الموسوعة العقدية

 الْفَرَحُ

صِفةٌ فعليَّةٌ ثابتةٌ لله عزَّ وجلَّ بالأحاديثِ الصَّحيحةِ.
الدَّليلُ:
حديثُ: ((لَلَّهُ أفرحُ بتوبةِ عَبده... )) [2647] أخرجه مطولاً البخاري (6308) واللفظ له، ومسلم (2744) من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وأخرجه مسلم (2675) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وفي لفظٍ: ((أشدُّ فرَحًا)) [2648] أخرجه مسلم (2675) مطولاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. .
قال أَبو إسماعيلَ الصابونيُّ: (وكذلِك يَقولُونَ أي: بالإثباتِ في جميعِ الصِّفاتِ التي نزَلَ بذِكرِها القرآنُ، ووردتْ بها الأخبارُ الصِّحاحُ مِن السَّمعِ والبَصر والعينِ... والفرَحِ والضَّحِكِ وغيرِها...) [2649] يُنظر: ((عقيدة السَّلف أصحاب الحديث)) (ص: 5). .
وقال ابنُ القيِّمِ: (إنَّ ما وصَفَ اللهُ سُبحانَه به نَفْسَه؛ مِن المحبَّةِ والرِّضا، والفَرَحِ والغضَبِ، والبُغْضِ والسَّخَطِ: مِن أعظَمِ صِفاتِ الكَمالِ) [2650] يُنظر: ((الصواعق المرسلة)) (4/1451). .
وقال محمَّد خليل هرَّاس عندَ شرحِه لهذا الحديثِ: (في هذا الحديثِ إثباتُ صِفةِ الفَرحِ للهِ عزَّ وجلَّ، والكلامُ فيه كالكلامِ في غيرِه مِن الصِّفاتِ؛ أنَّه صفةٌ حقيقيَّةٌ لله عزَّ وجلَّ، على ما يَليقُ به، وهو من صِفاتِ الفِعلِ التابعةِ لمشيئتِه تعالى وقُدرتِه، فيَحْدُثُ له هذا المعنى المعبَّرُ عنه بالفَرَحِ عندما يُحدِثُ عبدُهُ التوبةَ والإنابَةَ إليه، وهو مُستلزِمٌ لرِضاه عن عَبدِه التَّائبِ، وقَبولِه توبتَه.
وإذا كان الفَرَحُ في المخلوقِ على أنواعٍ؛ فقد يكونُ فرحَ خِفَّةٍ وسرورٍ وطَرَبٍ، وقد يكونُ فَرَحَ أَشَرٍ وبَطرٍ؛ فاللهُ عزَّ وجلَّ مُنَزَّهٌ عن ذلك كلِّه، ففَرَحُه لا يُشبِهُ فرَحَ أحدٍ مِن خلْقِه؛ لا في ذاتِه، ولا في أَسبابِه، ولا في غاياتِه؛ فسببُه كمالُ رحمتِه وإحسانِه التي يحبُّ مِن عِبادِه أن يَتعرَّضوا لها، وغايتُه إتمامُ نِعمتِه على التَّائبينَ المُنيبِينَ.
وأمَّا تفسيرُ الفَرَحِ بلازمِه، وهو الرِّضا، وتفسيرُ الرِّضا بإرادةِ الثَّوابِ؛ فكلُّ ذلك نفيٌ وتعطيلٌ لفرَحِه ورِضاه سُبحانَه، أَوْجَبه سوءُ ظنِّ هؤلاء المعطِّلةِ بربِّهم؛ حيثُ توهَّموا أنَّ هذه المعانيَ تكونُ فيه كما هي في المخلوقِ، تعالى اللهُ عن تَشبيهِهم وتَعطيلِهم) [2651] يُنظر: ((شرح العقيدة الواسطية)) (ص: 166). .
وممَّن أَثبتَ صِفة (الفَرَح) من العُلَماءِ: ابنُ قُتَيبةَ، وأبو سعيدٍ الدارميُّ، وأبو يَعلَى الفَرَّاءُ. انظُرْ: صِفةَ (البَشْبَشة).
ويُنظر: كلامُ البغويِّ في صِفةِ (الأصابع)، وكلامُ ابنِ العَطَّارِ في صِفةِ (السَّمعِ).

انظر أيضا: