الموسوعة العقدية

الفرعُ السادسُ: فَضْلُ سَعيدِ بنِ زَيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه

قَد ورَدَتْ أحاديثُ مُصرِّحةٌ بفَضلِه رَضِيَ اللهُ عنه؛ مِنها:
1- إسلامُه المُبَكِّرُ:
عن قَيسِ بنِ أبي حازِمٍ قال: سَمِعتُ سَعيدَ بنَ زَيدٍ يَقولُ للقَومِ في مَسجِدِ الكُوفةِ: (واللهِ لقَد رَأيتُني وإنَّ عُمَرَ لِمُوثِقي عَلى الإسلامِ قَبلَ أن يُسْلِمَ عُمَرُ، ولو أنَّ أحَدًا ارفَضَّ للَّذي صَنَعتُم بعُثمانَ لكانَ مَحقوقًا أن يَرفَضَّ) [1784] رواه البخاري (3862). .
 قال ابنُ هُبَيرةَ: (في هَذا الحَديثِ ما يَدُلُّ عَلى إسلامِ سَعيدٍ قَبلَ إسلامِ عُمَرَ، وأنَّه أوثَقَهُ عُمَرُ لِيَرُدَّه عنِ الإسلامِ، فما فَعلَ. وقَولُه: «لو أنَّ أحَدًا انقَضَّ» في ذِكرِه لهَذا الكَلامِ مَعَ الكَلامِ الأوَّلِ إشارةٌ لطيفةٌ، وهوَ أنَّ الأحوالَ قَد تُفضي بالنَّاسِ إلى أن يَكونوا عَلى ضَلالةٍ، وهم يَحسَبونَ أنَّهم مُهتَدُونَ، كما أنَّ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه كانَ قَبلَ الإسلامِ رَأى مِنَ الصَّوابِ عِندَهُ أنْ أوثَقَ سَعيدًا وأختَهُ إلى أن يَرُدَّهما إلى الكُفرِ عنِ الإسلامِ، فالمَعنى أنَّ هَذا الَّذي فعَلتُم بعُثمانَ يا من رَآه صَوابًا عِندَهُ هو من ذلك الجِنسِ وذلك الحَيِّزِ، وأنَّه عِندَ مَن يُؤمِنُ باللهِ لو قَد ارفَضَّ لهُ أوِ انقَضَّ لهُ أحَدٌ كانَ مَحقوقًا. وقَولُه: «ارفَضَّ» أي: تَفَرَّقَ، و«انقَضَّ» أي: هوى وسَقَط) [1785] يُنظر: ((الإفصاح)) (1/ 369). .
2- ومِن مَناقِبِه شَهادةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لهُ بالجَنَّةِ مَعَ جَماعةٍ مِنَ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم.
عن سَعيدِ بن زَيدٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((عَشَرةٌ في الجَنَّةِ: أبو بَكْرٍ في الجَنَّةِ، وعُمرُ في الجَنَّةِ، وعَليٌّ وعُثمانُ والزُّبَيْرُ وطَلحةُ وعَبدُ الرَّحمَنِ وأبو عُبيدةَ وسَعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ )) قال: فعَدَّ هَؤُلاءِ التِّسعةَ وسَكتَ عنِ العاشِرِ، فقال القَومُ: نَنشُدُك اللهَ يا أبا الأعوَرِ مَنِ العاشِرُ؟ قال: نَشَدْتُموني باللهِ! أبو الأعوَرِ في الجَنَّةِ [1786] أخرجه الترمذي (3748) واللَّفظُ له، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (8195). صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3748)، وقال البخاري كما في ((سنن الترمذي)) (5/648): هو أصح، وقال الترمذي: هذا أصح، وقال ابن حجر في ((الإمتاع)) (1/104): له شواهد. .
 قال المُباركفوريُّ: (قَد وقَعَ في هَذا الحَديثِ ذِكرُ العَشَرةِ وبِشارَتِهم، ولَعَلَّ هَذا هو السَّبَبُ في شُهرَتِهِم بهَذِه البِشارةِ، وإن لم تَكُن مَخصوصةً بهِم، «نَنشُدُك اللهَ» أي: نَسألُكَ باللهِ ونُقسِمُ عليكَ «يا أبا الأعوَرِ»، هو كُنيةُ سَعيدِ بنِ زَيدٍ) [1787] يُنظر: ((تحفة الأحوذي)) (10/ 172). .
3- ومِن مَناقِبِه رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخبَرَ بأنَّه مِنَ الصِّدِّيقين أوِ الشُّهداءِ.
عن سَعيدِ بن زيدِ بنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيلٍ أنَّه قال: ((أشهَدُ عَلى التِّسعةِ أنَّهم في الجَنَّةِ، ولَو شَهِدتُ عَلى العاشِرِ لم آثَمْ، قيلَ: وكَيفَ ذاكَ؟ قال: كُنَّا مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بحِراءٍ، قال: اثبُتْ حِراءُ؛ فإنَّهُ ليسَ عليكَ إلَّا نَبيٌّ أو صِدِّيقٌ أو شَهيدٌ، قيلَ: ومَن هم؟ قال: رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأبو بَكْرٍ، وعُمرُ، وعُثمانُ، وعَليٌّ، وطَلحةُ، والزُّبَيْرُ، وسَعدٌ، وعَبدُ الرَّحمَنِ بنُ عَوفٍ، قيلَ: فمَنِ العاشِرُ؟ قال: أن ا)) [1788] رواه أبو داود (4648)، والترمذي (3757)، وأحمد (1644). صحَّحه الترمذي، وابن حبان في ((صحيحه)) (6996)، وابن حجر في ((الإمتاع)) (1/104). .

انظر أيضا: