تم اعتماد المنهجية من الجمعية الفقهية السعودية
برئاسة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان
أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو هيئة كبار العلماء (سابقاً)
الكُفْرُ لُغةً: التَّغطيةُ للشَّىءِ والسَّترُ له، فكأنَّه تغطيةٌ منه على حَقِّ اللهِ عزَّ وجَلَّ، وفُلانٌ كَفَر نِعمةَ اللهِ: إذا سَترَها فلم يَشكُرْها، وأصلُ (كفر): يدُلُّ على السَّتْرِ والتَّغطِيةِ . والكُفْرُ اصطِلاحًا: ضِدُّ الإيمانِ، وكما أنَّ الإيمانَ قَولٌ وعَمَلٌ واعتقادٌ، فالكُفْرُ يكونُ قَولًا وعَمَلًا واعتِقادًا وشكًّا وتركًا، وهذا ممَّا اتَّفَق عليه أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ، خِلافًا لِمن حَصَر الكُفْرَ في التَّكذيبِ، أو الجحودَ بالقَلْبِ، أو بالقَلْب واللِّسانِ، ونفى أن يكونَ الكُفْرُ بالعَمَلِ الكُفْريِّ، أو بتَرْكِ جِنسِ العَمَلِ الصَّالحِ الذي لا يصِحُّ الإيمانُ إلَّا به، لا سِيَّما الصَّلاةِ. قال ابنُ تيميَّةَ: (الكُفْرُ عَدَمُ الإيمانِ باللهِ ورَسولِه، سواءٌ كان معه تكذيبٌ أو لم يكُنْ معه تكذيبٌ، بل شَكٌّ ورَيبٌ أو إعراضٌ عن هذا حَسَدًا أو كِبرًا أو اتِّباعًا لبَعضِ الأهواءِ الصَّارفةِ عن اتِّباعِ الرِّسالةِ) . والنُّقولُ عن عُلَماءِ الإسلامِ في بيانِ أنَّ الكُفْرَ قد يكونُ عَمَلِيًّا كثيرةٌ، نذكُرُ منها ما يلي: قال إسحاقُ بنُ راهَوَيه: (ممَّا أجمعوا على تكفيرِه وحَكَموا عليه كما حَكَموا على الجاحِدِ: المُؤمِنُ الذي آمَنَ باللهِ تعالى وممَّا جاء من عنده، ثم قَتَل نَبيًّا أو أعان على قَتْلِه، وإن كان مُقِرًّا، ويقولُ: قَتْلُ الأنبياءِ مُحَرَّمٌ، فهو كافِرٌ، وكذلك من شَتَم نَبِيًّا أو رَدَّ عليه قَولَه مِن غيرِ تَقِيَّةٍ ولا خوفٍ) . وقال البربهاريُّ: (ولا نخرِجُ أحدًا من أهلِ الِقبلةِ من الإسلامِ حتى يَرُدَّ آيةً من كتابِ اللهِ، أو يَرُدَّ شيئًا من آثارِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو يَذبحَ لغَيرِ الله، أو يصَلِّيَ لغيرِ الله، فإذا فَعَل شيئًا من ذلك فقد وجب عليك أن تخرِجَه من الإسلامِ) . وقال ابنُ حزمٍ: (وهو في الدِّينِ صِفةُ من جحد شيئًا ممَّا افترض اللهُ تعالى الإيمانَ به، بعد قيامِ الحُجَّةِ عليه، ببلوغِ الحَقِّ إليه، بقَلْبِه دونَ لسانِه، أو بلِسانِه دونَ قَلْبِه، أو بهما معًا، أو عَمِلَ عملًا جاء النَّصُّ بأنَّه مخرِجٌ له بذلك عن اسمِ الإيمانِ) . وقال ابنُ تيميَّةَ: (من قال بلِسانِه كَلِمةَ الكُفْرِ من غيرِ حاجةٍ عامدًا لها، عالِمًا بأنَّها كَلِمةُ الكُفْرِ؛ فإنَّه يَكفُرُ بذلك ظاهِرًا وباطِنًا، ولا يجوزُ أن يقالَ: إنَّه في الباطِنِ يجوزُ أن يكونَ مُؤمِنًا، ومن قال ذلك فقد مَرَق من الإسلامِ) . وقال أيضًا: (إنَّ سَبَّ اللهِ أو سَبَّ رَسولِه: كُفرٌ ظاهِرًا وباطنًا، وسواءٌ كان السَّابُّ يعتَقِدُ أنَّ ذلك مُحَرَّمٌ أو كان مُستَحِلًّا له، أو كان ذاهِلًا عن اعتقادِه، هذا مَذهَبُ الفُقَهاءِ وسائِرِ أهلِ السُّنَّةِ القائلين بأنَّ الإيمانَ قولٌ وعَمَلٌ) . وقال أيضًا: (فإنَّ من صَدَّق الرَّسولَ، وأبغَضَه وعاداه بقَلْبِه وبَدَنِه، فهو كافِرٌ قَطعًا بالضَّرورةِ) . وقال ابنُ القَيِّمِ: (كما يكفُرُ بالإتيانِ بكَلِمةِ الكُفْرِ اختيارًا، وهي شُعبةٌ مِن شُعَبِ الكُفْرِ، فكذلك يَكفُرُ بفِعلِ شُعبةٍ مِن شُعَبِه؛ كالسُّجودِ للصَّنَمِ والاستهانةِ بالمُصحَفِ، فهذا أصلٌ) .