الموسوعة العقدية

المَبحَثُ الثَّالِثُ: أقوالُ العُلَماءِ في أنَّ الإيمانَ يَزيدُ ويَنقُصُ

ذُكِر في ترجمةِ أحمد بن عمران الليموسكي الإستراباذي الحنفي أنَّه كان يقولُ: (الإيمانُ قَولٌ وعَمَلٌ، يَزيدُ ويَنقُصُ) [351] يُنظر: ((الجواهر المضية في طبقات الحنفية)) لعبد القادر القرشي (1/ 85). .
وقال أبو عَمرٍو الداني: (الإيمانُ يزيدُ بالطَّاعةِ، ويَنقُصُ بالمعصيةِ، ويَقْوى بالعِلمِ، ويَضعُفُ بالجَهلِ، ويَخرُجُ بالكُفرِ) [352] يُنظر: ((الرسالة الوافية)) (ص: 172). .
وقال البيهقيُّ: (بابُ القَولِ في زيادةِ الإيمانِ ونُقصانِه، وتفاضُلِ أهل ِالإيمانِ في إيمانِهم، وهذا يتفَرَّعُ على قولِنا في الطَّاعاتِ: إنَّها إيمانٌ، وهو أنَّها إذا كانت إيمانًا كان تكامُلُها تكامُلَ الإيمانِ، وتناقُصُها تناقُصَ الإيمانِ، وكان المؤمنون متفاضِلين في إيمانِهم كما هم يتفاضَلون في أعمالِهم، وحَرُمَ أن يقولَ القائِلُ: إيماني وإيمانُ الملائكةِ والنبيِّينَ -صلواتُ اللهِ عليهم أجمعينَ- واحِدٌ؛ قال اللهُ عزَّ وجَلَّ: لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ [الفتح: 4] ... فثبت بهذه الآياتِ أنَّ الإيمانَ قابِلٌ للزِّيادةِ، وإذا كان قابلًا للزِّيادةِ فعُدِمَت الزِّيادةُ كان عَدَمُها نُقصانًا، على ما مضى بيانُه، ودَلَّت السُّنَّةُ على مِثلِ ما دَلَّ عليه الكِتابُ) [353] يُنظر: ((شعب الإيمان)) (1/ 127). .
وقال ابنُ تيميَّةَ: (مَذهَبُ أهلِ السُّنَّةِ المتَّبِعون للسَّلَفِ الصَّالحِ أنَّ الإيمانَ يزيدُ بالطَّاعةِ، ويَنقُصُ بالمعصيةِ) [354] يُنظر: ((الاستقامة)) (2/186). .
وقال العيني عند شَرحِ حديثِ شُعَبِ الإيمانِ: (وإنما هذا البابُ والأبوابُ التي بَعْدَه كُلُّها متعَلِّقةٌ بالبابِ الأوَّلِ، مُبَيِّنةٌ أنَّ الإيمان قَولٌ وعَمَلٌ، يَزيدُ ويَنقُصُ، على ما لا يخفى) [355] يُنظر: ((عمدة القاري)) (1/ 123). .
وقال محمود الألوسي في تفسيرِ قَولِه تعالى: وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا [الأنفال: 2] : (هذا أحَدُ أدِلَّةِ مَن ذهب إلى أنَّ الإيمانَ يَزيدُ ويَنقُصُ، وهو مَذهَبُ الجَمِّ الغَفيرِ مِن الفُقَهاءِ والمحَدِّثين والمتكَلِّمين، وبه أقولُ؛ لكثرةِ الظَّواهِرِ الدَّالَّةِ على ذلك من الكتابِ والسُّنَّةِ مِن غيرِ مُعارضٍ لها عقلًا، بل قد احتَجَّ بَعضُهم بالعَقلِ أيضًا، وذلك أنَّه لو لم تتفاوَتْ حقيقةُ الإيمانِ لكان إيمانُ آحادِ الأمَّةِ بل المنهَمِكين في الفِسقِ والمعاصي، مُساويًا لإيمانِ الأنبياءِ والملائكةِ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ! واللازِمُ باطِلٌ، فكذا الملزومُ... وما عَلَيَّ إذا خالَفْتُ في بَعضِ المسائِلِ مَذهَبَ الإمامِ الأعظَمِ أبي حنيفة رَضِيَ اللهُ تعالى عنه؛ للأدِلَّةِ التي لا تكادُ تُحصى، فالحَقُّ أحَقُّ بالاتِّباعِ، والتقليدُ في مِثلِ هذه المسائلِ مِن سُنَنِ العَوامِّ) [356] يُنظر: ((تفسير الألوسي)) (5/ 155). .
وقال السَّعدي: (إذا ثبت بدَلالةِ الكِتابِ والسُّنَّةِ معنى الإيمانِ، وأنَّه اسمٌ جامِعٌ لشرائعِ الإسلامِ، وأُصولِ الإيمانِ، وحقائِقِ الإحسانِ وتوابعِ ذلك من أُمورِ الدِّينِ، بل هو اسمٌ للدِّينِ كُلِّه- عُلِمَ أنَّه يَزيدُ ويَنقُصُ، ويَقْوى ويَضعُفُ، وهذه المسألةُ لا تَقبَلُ الاشتباهَ بوَجهٍ مِن الوجوهِ؛ لا شَرعًا ولا حِسًّا ولا واقِعًا) [357] يُنظر: ((التوضيح والبيان لشجرة الإيمان)) (ص: 68). .
وقال أيضًا: (الإيمانُ أعظَمُ المطالبِ وأهمُّها وأعَمُّها، وقد جعل اللهُ له موادَّ كبيرةً تَجلِبُه وتُقَوِّيه، كما كان له أسبابٌ تُضعِفُه وتُوهيه. وموادُّه التي تجلِبُه وتُقَوِّيه أمرانِ: مجمَلٌ ومُفصَّلٌ.
أمَّا المُجمَلُ فهو التدَبُّرُ لآياتِ اللهِ المتْلُوَّةِ من الكِتابِ والسُّنَّةِ، والتأمُّلُ لآياتِه الكونيَّةِ على اختلافِ أنواعِها، والحِرْصُ على مَعرفةِ الحَقِّ الذي خُلِقَ له العبدُ، والعمَلُ بالحَقِّ، فجميعُ الأسبابِ مَرجِعُها إلى هذا الأصلِ العظيمِ، وأمَّا التفصيلُ فالإيمانُ يَحصُلُ ويَقْوى بأمورٍ كثيرةٍ) [358] يُنظر: ((التوضيح والبيان لشجرة الإيمان)) (ص: 71). .

انظر أيضا: