الموسوعة العقدية

الفَرعُ الأوَّلُ: عَلاماتُ خُروجِه

عَن نافِعِ بن عُتْبةَ بنِ أبي وقَّاصٍ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((تَغْزونَ جَزيرةَ العَربِ فيفتَحُها اللهُ، ثُمَّ فارسَ فيفتَحُها اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فيفتَحُها اللهُ، ثُمَّ تَغْزونَ الدَّجَّالَ فيَفتَحُه اللهُ)). قال: فقال نافِعٌ: ((يا جابِرُ، لا نَرى الدَّجَّالَ يَخرُجُ، حَتَّى تُفتَحَ الرُّومُ )) [2550] أخرجه مسلم (2900). .
قال أبو العَبَّاس القُرطُبيُّ: (قَولُه: ((تَغْزُونَ فارِسَ فيَفتَحُها اللهُ... الحَديث إلى آخِرِه)) هذا الخِطابُ وإن كان لأولَئِكَ القَومِ الحاضِرينَ فالمُرادُ هم ومَن كان على مِثلِ حالِهم مِنَ الصَّحابةِ والتَّابِعين الذينَ فُتِحَت بهم تِلكَ الأقاليمُ الْمَذكورةُ، ومَن يَكونُ بَعدَهم من أهلِ هذا الدِّين الذينَ يُقاتِلونَ في سَبيلِ الله إلى قيامِ السَّاعةِ. ويَرجِعُ مَعنى هذا الحَديثِ إلى الحَديثِ الآخَرِ الذي قال فيه: لا تَزالُ طائِفةٌ من أمَّتي يُقاتِلونَ على الحَقِّ ظاهِرينَ لا يَضُرُّهم من خَذلَهم إلى قيامِ السَّاعةِ [2551] لم نقف عليه بتمام لفظه. وأخرجه مسلم (156) بنحوه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ... )) [2552] يُنظر: ((المفهم)) (7/ 237). .
وعَن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عَنه أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((سَمِعتُمْ بمَدينةٍ جانِبٌ مِنها في البَرِّ وجانِبٌ مِنها في البَحرِ؟)) قالوا: نَعَم، يا رَسولَ اللهِ، قال: ((لا تَقومُ السَّاعةُ حَتَّى يَغزوَها سَبعونَ ألفًا من بني إسحاقَ، فإذا جاؤوها نَزَلوا، فلَم يُقاتِلوا بسِلاحٍ ولَم يَرموا بسَهمٍ، قالوا: لا إلَه إلَّا اللهُ واللهُ أكبَرُ، فيَسقُطُ أحَدُ جانِبَيها -قال ثورٌ: لا أعلَمُه إلَّا قال: الذي في البَحرِ- ثُمَّ يَقولوا الثَّانيةَ: لا إلَه إلَّا اللهُ واللهُ أكبَرُ، فيَسقُطُ جانِبُها الآخَرُ، ثُمَّ يَقولوا الثَّالِثةَ: لا إلَهَ إلَّا اللهُ واللهُ أكبَرُ، فيُفْرَجُ لَهم، فيَدخُلوها فيَغنَموا، فبينَما هم يَقتَسِمونَ الْمَغانِمَ إذ جاءَهم الصَّريخُ، فقال: إنَّ الدَّجَّالَ قَد خَرجَ، فيَترُكونَ كُلَّ شَيءٍ ويَرجِعونَ )) [2553] أخرجه مسلم (2920). .
قال الْمظهريُّ: (قَولُه: ((هَل سَمِعتُم بمَدينةِ جانِبٌ مِنها في البَرِّ، وجانِبٌ مِنها في البَحرِ)): هَذِه الْمَدينةُ في الرُّومِ) [2554] يُنظر: ((المفاتيح في شرح المصابيح)) (5/ 378). .
قال علي القاري: ( ((فيَدخُلونَها فيَغنَمونَ)) أي: ما فيها ((فبينَما هم يَقتَسِمونَ الْمَغانِمَ)) أي: يُريدونَ الِاقتِسامَ ويَشرَعونَ فيه ((إذ جاءَهم الصَّريخُ، فقال: إنَّ الدَّجَّالَ قَد خَرَجَ، فيَتُركونَ كُلَّ شَيءٍ)) أي: مِنَ الْمَغانِمِ وغَيرِها مِنَ الأنفالِ ((ويَرجِعونَ)) أي: سَريعًا لمُقابَلةِ الدَّجَّالِ، ومُساعَدةِ الأهلِ والعيالِ) [2555] يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) (8/ 3417). .
وعَن حَفصةَ رَضِيَ الله عَنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّما يَخرُجُ مِنْ غَضْبَةٍ يغْضَبُها)) [2556] أخرجه مسلم (2932). .
جاءَ في تَتِمَّةِ (الْمَفاتيحِ في شَرحِ الْمَصابيحِ): (قَولُه: ((إنَّما يَخرُجُ من غَضْبةٍ يَغضَبُها)) يَعني: إنَّما يَخرُجُ الدَّجَّالُ حينَ يَغضَبُ) [2557] يُنظر: ((المفاتيح في شرح المصابيح)) للمظهري (5/ 443). .
وقال الطِّيبيُّ: (قَولُه: ((مِن غَضبةٍ يَغضَبُها))... أي: أنَّه يَغضَبُ غَضبةً ليَخرُجَ بسَبَبِ غَضْبَتِه فيَدَّعي النُّبوَّةَ) [2558] يُنظر: ((شرح المشكاة)) (11/ 3475). .

انظر أيضا: