الفرع الثالث: تفضيل الصحابة على سائر البشر بعد الأنبياء التشكيل
الصحابة أفضل أتباع الأنبياء على الإطلاق دل على ذلك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران: 110]. وقال سبحانه: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة: 143].
وفسر لفظ الأمة في الآيتين بأن المراد به الصحابة فهو عام مخصوص وقيل: بل هو وارد في الصحابة دون غيرهم ((الكفاية)) (93) و ((زاد المسير)) (1/438). . أي أنه لا عموم في اللفظ، وعليه فاللفظ ظاهر الدلالة على أن الصحابة أفضل الناس بعد الأنبياء.
وفسر اللفظ بأن المراد به أمة محمد صلى الله عليه وسلم عامة ((زاد المسير)) (1/438). . وهو دال على ما ذكر أيضاً لأن أصل الخطاب لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان عاماً في أمته فهم المخاطبون أصلاً به, وهم يدخلون في عموم اللفظ دخولاً أولياً، وقد ثبت كونهم أفضل الأمة فهم أفضل الأمة التي هي خير الأمم، فهم أفضل الأمم على الإطلاق.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((خير الناس قرني)) رواه البخاري (3650) بلفظ: ((خير أمتي قرني..))، ومسلم (2535) بلفظ: ((إن خيركم قرني..)). .
وسأله رجل: أي الناس خير؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((القرن الذي أنا فيه)) [11384])) رواه مسلم (2536).
ففي الحديثين تعميم تفضيل قرنه صلى الله عليه وسلم على الناس، أي جميع الناس، جميع بني آدم، ويؤكد هذا المعنى. قوله صلى الله عليه وسلم: ((بعثت من خير قرون بني آدم قرناً فقرناً حتى كنت من القرن الذي كنت منه)) رواه البخاري (3557). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. .
فهذا دال على أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أفضل أصحاب الأنبياء، أفضل بني آدم بعد الأنبياء، رضي الله عنهم وأرضاهم.
وقال صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ: ((إنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله)) رواه الترمذي (3001)، وابن ماجه (3480)، وأحمد (4/447) (20029)، والحاكم (4/94). من حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه. قال الترمذي: حسن، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وصححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (6/112). . وهذا ظاهر الدلالة على ما ذكرنا.
قال ابن تيمية رحمه الله: (ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما من الله عليهم به من الفضائل علم يقيناً أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله) ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (3/156). . مباحث المفاضلة في العقيدة لمحمد الشظيفي – ص 230